عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

دينا توفيق تكتب: يا حواء

دينا توفيق
دينا توفيق

وقفت "حواء" أمام مرآتها، تضع الكحل في عينيها كي تخفي ملامح الحزن الكامن بين جفنيها.. بالرغم من من شعورها بالحزن العميق الذي يهز كيانها من الداخل، الا أنها حاولت رسم البسمة على شفتيها من الخارج.. صارت تضحك وهي في قمة حزنها.. قد تهرب من الدموع من خلال القيام بشيء ممتع كمشاهدة فيلم تفضله أو الاستماع الى موسيقى مفرحة مرات ومرات حتى تهدأ تماما.



 

لقد قررت "حواء" بدلا من انشغالها بالتفكير فيما سبب لها الألم، أن تحاول التفكير في شيء يسعدها، ولا شك أنها ستجد بصيصًا من السعادة في حياتها مهما كانت حزينة. فهي تؤمن بأن في كل محنة منحة من عند الله قد نعلمها وقد يخفيها الله لحكمة يعلمها هو سبحانه.

 

قابلت "حواء" في حياتها الكثير من الأفاعي البشرية وأدركت أنها لا يمكنها تغييرهم، كل ما تستطيع القيام به هو تجنبهم حفاظا على سلامها الداخلي، كما اتضح لها أن التفكير المستمر في أحداث الماضي والمستقبل يجعلها تشعر بالتوتر، كما أنه لا يجعلها تشعر بحلاوة الحاضر الذي تعيشه ويحول دون استمتاعها بلحظاته الجميلة.

 

باختصار يجب عليك يا عزيزتي تقبل كل ما لا تستطيعين تغييره، فإشغال نفسك وتفكيرك في تغيير طباع الناس وأفعالهم هدر لطاقتك دون جدوى.. قابلت سيدة أعتز بصداقتي لها، فهي من النماذج المشرفة اللاتي حققن نجاحات سواء في الدراسات العليا أو في محيط العمل.. من يراها لا يشك للحظة واحدة في أنها سعيدة.. وهي بالفعل تحاول جاهدة أن تكون سعيدة في حياتها، فلديها زوج محترم وطفلان في منتهى الرقة.. وهي تجد سعادتها في إسعاد طفليها، كما أنها حريصة على حصولهما على مستوى تعليمي متميز.. بعد مرور عدة سنوات على زواجها، بدأت "حواء" تشعر بأن الحياة صارت روتينية، خاصة أن زوجها يضع عمله دائما في المقدمة ولا يهتم بتلبية احتياجاتها العاطفية، فتقبلت الأمر الواقع وصارت تغرق نفسها في العمل ورعاية أطفالها حتى لا تفكر فيما تفتقده من مشاعر.. تخرج مع صديقاتها، تسافر مع أطفالها، تستمتع بكل النعم التي لديها.. ولا تريد أن تتوقف للتفكير في أي شيء آخر، ستكتفي بما لديها، وستستكمل حياتها وهى راضية.. قد تسقط أحيانا من عينيها دمعة ولكن سرعان ما تمسحها قبل ان يراها أحد.. قد يحسدها الكثير من الناس على تألقها الدائم ونجاحاتها الكبيرة في العمل، لكن لا يشعر أحد بالفراغ المؤلم الذي بداخلها.. ستحافظ على كيان البيت والصورة الجميلة التي تبدو أمام الناس، وستسعد بحياتها، فالسعادة قرار وهي قد اتخذت هذا القرار. 

 

يا "حواء" يعجبني حقا اصرارك على المضي في حياتك وعدم الاستسلام، لكنك يا عزيزتي تستحقين أن تملأ قلبك سعادة حقيقية، تستحقين من يربت على كتفك ويشعرك بأنك ما زلت امرأة جميلة، أنتِ تستحقين الحب.. فلتقومي من جديد ببناء جسور التواصل بينك وبين شريك حياتك، وقومي بتحطيم الحواجز التي ظهرت بينكما.. فالحياة بلا حب تجعلك مثل انسان فقد حاسة التذوق، وتصبح حياتك بلا طعم.. إن تقبلك الحياة بلا حب، هو بمثابة البقاء في غرفة الإنعاش، كل ما بداخلك ميت لكنك تتنفسين بالآلات.. فما فائدة الجسد بعد أن تذهب عنه الروح!

 

وأخيرا كما قال مصطفى لطفي المنفلوطي في رواية "ماجدولين": لا خير في حياة يحياها المرء بغير قلب، ولا خير في قلب يخفق بغير حب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز