عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الرسائل الإنسانية من أرض التجلي.. هل تجد بالعالم آذانًا صاغية؟  "٣-٣"

الرسائل الإنسانية من أرض التجلي.. هل تجد بالعالم آذانًا صاغية؟ "٣-٣"

هناك كان العالم يجتمع على أرض السلام، تسير في طرقات المنتدى، تجلس في جلساته، ترى العالم ماديًا ومعنويًا وفكريًا.



 

على أرض السلام- التي اختصها الله دون غيرها من كوكب الأرض ليتجلى فيها سبحانه لنبيه موسى- كان أبناء الحضارة المصرية الضاربة بجذورها في عُمق التاريخ سبعة آلاف عام، يستضيفون ممثلي مستقبل البشرية، شباب العالم، يناقشون قضايا حاضرهم، يبحثون آليات بناء مستقبل البناء والتعمير والسلام.

 

هناك انصهرت الأجناس والألوان، اجتمعت على فكرة، كلنا إنسان، شباب من 196 دولة يمثلون قارات العالم كافة، عينة لمستقبل البشرية، تنوع الأفكار والجنسيات والثقافات، والاهتمامات والإبداعات.

 

لتعارفوا

 

بين زخم النقاشات والرسائل والاهتمامات، كان الجوهر هو الإنسان، فقد قال لنا الله سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". صدق الله العظيم.

 

في الطرقات والفعاليات، كان الشباب يتعارفون، يناقشون، يبحثون عن عالم التقوى فيه هي السبيل للخروج من مآزق البشرية، أليس مناشدة العالم وقف الصراعات والحروب والنزاعات، والبدء في إعادة إعمار ما دمرته الحروب لإعادة سُبل الحياة الآمنة تقوى؟

 

دروس الماضي المُعاش

 

في كل فعاليات وجنبات منتدى شباب العالم الرابع، كانت الرسائل تعنى بالإنسان، حاضره ومستقبله، عمله وعلمه وقيمه، ففي البدء، كانت رسائل مسرح شباب العالم بنسخته الثالثة، رسائل إبداعية قام على إخراجها المُبدع خالد جلال، حفيد الحضارة المصرية، الذي قدم لوحة فنيه تذكّر الإنسانية بماضيها المُعاش.

 

نعم.. ماضي الإنسانية المُعاش، تلك الجائحة التي هددتها بالفناء، "كوفيد 19” موجته الأولى التي جمّدت حركت العالم، وألزمت البشرية منازلهم، وما زالت متحورات الفيروس القاتل تهدد العالم.

 

ذلك الماضي المُعاش، شهد لفيفًا من البطولات، والدروس التي ربما لم ينتبه إليها الكثيرون، ليأتي العمل المسرحي مذكرًا، يشير بضوء ساطع على ذلك الذي كان، بل قبل بلوغه يعود للبدايات في الماضي البعيد سالف الأزمان.

 

هناك يوم خلق الله أبانا آدم، ثم حواء لتجتمع به، ويبدأ مسيرة البشرية مع بعضهم البعض، يتناسل منهم الأبناء والأحفاد، والأشكال والألوان، القبائل والشعوب، اللكنات واللهجات.

 

ويبدأ الأبناء الذين خلقهم الله ليتعارفوا ويتعاونوا في الصراعات والاقتتال، يتجمعون فقط عندما يشعرون بخطر خارجي يهددهم، الأوبئة مثل الطاعون والإنفلونزا الإسبانية التي أبادت ملايين البشر، ثم ما يلبسون أن يعودوا بعد فاصل لمواصلة الاقتتال والحروب.

 

يتساءل العمل هل كورونا فاصل ليواصل العالم حروبه، وهل سيظل البشر بلا تعلم من أخطاء ماضيهم، يريهم من ماضيهم القريب المُعاش، كيف صنعت البطولات، وما دونها، كيف بثت دول الرعب في نفوس شعوبها وأوقفت حركة الحياة، وكيف تعاملت مصر مع القضية بوضعها في حجمها، كيف وازنت بين الإجراءات الاحترازية واستمرار الحياة وحمت الأكثر احتياجًا للرعاية، كيف بث رئيسها الطمأنينة في نفوس شعبها، مستعينًا بالله بعد العمل والأخذ بالأسباب؟!

 

العالم قرية صغيرة.. والجائحة دليل

 

قدم العمل كل شيء في سياقات فنية دون تصريح، كيف قام الأطباء ببطولات، وتضحيات، كيف كانت أسرهم تعاني القلق عليهم، وكيف كان هناك من يبحث عن استثمار الأزمات للتجارة والربح من الكمامات والمطهرات.

 

كيف كان العالم قرية صغيرة، والقرية هي اللفظ الذي تناوله العمل المسرحي، بالفعل تحوّل العالم لشبه قرية صغيرة، يتجول فيها الفيروس القاتل بلا عوائق حدودية، ولا حاجز مسافات ولا احتياج لوسائل انتقالات.

 

تحوّل العالم لقرية صغيرة، يُعاني فيها العالم نفس التحديات، يجلس جميعه في المنازل معزولًا، لأشهر في توقيت واحد، يسابق جميعه الزمن بحثًا عن الأمل، يتألم جميعه لفقدان قتلى الفيروس، يقوم في كل أرجائه جنود الجيش الأبيض بدأت البطولات، يتسابق علماؤه، كل علمائه، للبحث عن اللقاح حماية لما تبقى من أبناء تلك القرية المسماة "العالم" سابقًا.

 

لم تكن البطولات للجيش الأبيض وحده، فهناك من سطر البطولات لحماية الأوطان، ومن لاحق تجار الموت، محتكري السلع، ومن قاد بحكمة وغرس الأمل، في وقت كان هناك الكثيرون ممن يغرسون أشجار اليأس في النفوس.

 

تختلف الثقافات والألوان ويتحد الإنسان

 

لتنتهي العبرة بأن الإنسان هو الإنسان، في كل مكان، مهما اختلفت اللغات والألوان، استطاعت القرية الإنسانية معًا العثور على اللقاح، تبادلت الخبرات والقدرات لتجاوز المحنة، ومن ثم إذا ما ظلت معًا تقاوم الصراعات وتزرع الخير والبناء والتنمية والتعمير سيكون لها البقاء وما دونه الفناء، فلتتعلم الأجيال الحاضرة من الماضي البعيد والقريب المُعاش، فالتاريخ ما هو إلا ثمرة قرارات اليوم.

 

وفي الختام كان الفن أيضًا يُلقي برسائل المنتدى البليغة في الأذهان، "ألوان حقيقية" فيلم تسجيلي جمع أربعة مختلفات، في الألوان والثقافات، خلف الكاميرا تختفي سالي عبد الخالق، تلك التي عانت التنمر فبات الخوف من المجتمع مسيطرًا على سلوكها.

 

ليخرج الفيلم برسالة بليغة، أن الكلمة القاسية يمكنها أن تدمر، والكلمة الحلوة قد تحيي نفسًا، مهما اختلفت الألوان كلنا إنسان، فنتقبل الاختلاف فيه قوتنا، لا للتنمر، لا للخوف.

 

مصر قدمت بالعمل المتواصل النموذج، تسعى من خلال ذلك المنتدى العالمي، لإحياء ضمير العالم، وتذكيره بأن شبابه هو مستقبله، وأن السلام والبناء والتعمير هو الطريق، لا الصراع والنزاعات والحروب.

 

مصر ملتقى الحضارات تصنع التاريخ والحاضر وتصيغ المُستقبل

 

وقد أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام المنتدى:

 

١-  مصر الجديدة دولة مدنية حديثة، تسعى للبناء والتنمية، وتحقيق العدالة والكرامة الإنسانية.

٢-  مصر التي وهبها الله عبقرية المكان، أصبحت نقطة التلاقي للحضارات.

 

٣- نصنع التاريخ، ونعمل للحاضر، ونصيغ المستقبل.

 

٤- العالم في أشد الحاجة لاستنهاض العزائم، وإنفاذ الإرادة للضمير البشري؛ لتحقيق البناء والتنمية.

 

لم تكتفِ مصر بذلك ومعها شباب من 196 دولة بالعالم، في ظل تحدي الجائحة، مقدمة مثالًا بالعمل على أن السبيل هو البناء والعمل مع كامل الإجراءات الاحترازية لحماية الأنفس، لتضع خارطة عمل للمستقبل بقرارات بدأ تنفيذها في اليوم التالي لحفل الختام، وهي رسالة أخرى تختتم إنجازًا لتبدأ العمل في إنجازات تالية، بدأت بقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي:

 

١- إعلان 2022 عامًا للمجتمع المدني.

٢- إنشاء حاضنة عالمية لرواد الأعمال والمشروعات الناشئة والصناعات الصغيرة.

٣- تكوين مجموعات من شباب مصر والعالم، للمشاركة الفورية في الإعداد لقمة المناخ بشرم الشيخ.

٤- تكليف مجلس الوزراء بإعداد تصور شامل مع شركاء التنمية؛ لتحقيق امتداد إفريقي لمبادرات التنموية المتحققة بمصر.

٥- تكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب بإعداد برامج تدريبية متخصصة للشباب العربي والإفريقي.

٦- تفعيل منصة حوار تفاعلي دائمة لشباب العالم ومصر، تعرض نتائجها على مؤسسات الدولة.

٧- تكليف إدارة المنتدى والجهات المعنية بإطلاق حملة دولية، للتعريف بقضايا الموارد المائية الدولية.

٨- إعداد تصور شامل يعبر عن رؤية الدولة المصرية، لإعادة إعمار مناطق الصراع إقليميًا.

 

فتحية لشباب مصر الذين فكروا ونظموا.. ولمؤسسات الدولة التي احتضنت ورعت الأفكار، ووفرت بيئة التنفيذ، وتحرص على مواصلة النسخ وتفعيل التوصيات، ولشباب العالم الذين آمنوا وشاركوا، وقدموا ما لديهم من فكر وجهد.

وتبقى مصر مهد الحضارة في كل الأزمان

تحيا مصر.. تحيا البشرية.. تحيا مصر ضميرًا للإنسانية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز