عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ملاحــم رجــال أوقفـوا «كـرة النــار»

ملاحــم رجــال أوقفـوا «كـرة النــار»

تقتل الفوضى الشعوب «بإسفكسيا الخنق»، تُميت الفوضى أجسام الشعوب فى العراء، كما تصرع الكوليرا البشر.



فى عهد الإمبراطورية الرومانية الغربية، كان اكتشاف «كرات النار» التي تقذف من عربات تجرها الخيول تحولًا مذهلًا فى عالم الحروب.

أبادت كرات النار قرى ومدنًا، وهَدَمت أسوارًا عالية كثيرة، ورسمت  المأساة على أغلب حوائط العالم القديم.

كانت كرات النار أخبث من خدعة حصان طروادة.. وأشد بأسًا من وضع السم فى مجارى المياه الرئيسية.. ومنابع روافد الأنهار.

فى عصور ما بعد حروب السلاح، بدت «الفوضى» بديلًا لكرات النار والأسلحة الباليستية والطائرات الموجهة بالريموت كونترول.

(1)

يناير هو شهر عيد الشرطة. هو ذكرى رجال من أبناء الوطن رسموا ملحمة تاريخية فى الإسماعيلية قبل سنوات طويلة دفاعًا عن الأرض والعرض.

لايبقى من ذكرى يناير إلا استعادة الفخر وعبرة الوقائع.

فخر بذكرى رجال صدقوا الله ما عاهدوا عام 1952، وعبرة من أيام ما يعلم بها إلا ربنا 2011، عندما أحيكت مؤامرات، وتلوى فيها ثعابين حاولوا طرح الوطن أرضًا، فصدّروا الفوضى، وتلاعبوا بالشارع، وحرقوا وهدموا.. وأسس كل 15 منهم ائتلافًا بحجة حق المواطن وإصلاح البلد.

لا تقام الأوطان إلا بتضحيات حقيقية، ودماء رجال آمنوا بالتراب وبقدسية الأرض.

لا تقام الأوطان بفلوس التمويل الأجنبى، وتهويمات وشعارات المعونات، أسموا أنفسهم «شباب طاهر»، ثم خرجوا للشارع بأقنعة على وجوههم، وفى أيديهم هراوات ومشاعل نار.. وفى المشهد تعاون -من تحت لتحت- مع إخوان وأرزقية أوطان، أوجد لهم الظرف والحالة فرصة للاستعانة على قضاء حوائجهم بالأمريكان.

للإنصاف.. لم تكن يناير ثورة بالمعنى المتعارف عليه للثورات الشعبية فى التاريخ.

يناير كانت هوجة مخططة، وحالة مدبرة بليل، غرضها قلب البلد «فوقانى تحتانى» بحجج الإصلاح.. وشعارات مزيفة للديمقراطية وحقوق الإنسان.

ظهر أن رموز يناير الذين قالوا أنهم نزلوا للشوارع بثورة على الفساد كانوا يبحثون عن فرصة فساد!

وظهر أن رموز يناير الذين صدّروا من على شاشات الفضائيات كلامًا حلوًا، وشعارات تبدو بيضاء لا شىء فيها، كانوا بهلوانات ليل، وأراجوزات سيرك.. يلعبون على الحبال كلما أمكن، ويمضغون لبان الكلام كلما تيسر.. ثم يتحالفون مع الإخوان.. يعنى مع الإرهاب!

(2)

اذكر عندك فى الكتاب «عم البرادعي» و«صباحي» و«حمزاوي» وفلان وفلان.. وترتان.

اذكر عندك من طالب بإخراج المحكومين من السجون من أصحاب الذقون بوصفهم «شركاء فى الوطن»، وشركاء «مشاريع المستقبل»!!

دخل البلد فوهة نار فى 2011، لم تُخرجها منه إلا قدرة الله وعبدالفتاح السيسي فى 2013.

ثلاث سنوات مرت بألف مما تعدون.. بدأ رموز يناير من الشارع طلبًا للديمقراطية وحقوق الإنسان فى ميدان التحرير.. وانتهوا بلقاء فيرمونت دعمًا لمرسى أول رئيس يثبت تجسسه على بلاده.. وأول رئيس يتبادل وثائق مكتبه مع عواصم أجنبية، فيرسل لهم نسخًا من مستندات عالية السرية فى حقائب دبلوماسية.

إن جيت للحق.. لم يسرق إخوان الإرهاب «ثورة يناير»، كما اختار بعضهم أن يريح نفسه بهذا التفسير.

الثورات الحقيقية لا يسرقها أحد، لكن رموز يناير هم الذين حاولوا سرقة الناس وسرقة الأرض، وأنهم هم الذين لعبوا «الدومينو» بمصير وطن، وأنهم هم الذين نافسوا على من يحرق أكثر باسم الإصلاح.. ومن الذي يحشد أكثر بلافتات القماش فى الشوارع باسم حرية التعبير.. ومن الذي يهدم أكثر باسم حقوق المصريين!

الفترة ما بين 2011 حتى 30 يونيو 2013 بينة. فالذين تعللوا قبل يناير 2011 بمصادرة الرأى، والتضييق، والذين تصوروا أنه لولا آلة القمع ما قبل 2011 لخرجت الجماهير الغفيرة تحملهم على الأعناق وترفع سياراتهم من على الأرض.. وتضع صورهم فى نن العيون، كانوا هم الذين فشلوا بعد 2011 فى تحقيق شعاراتهم بحياة حزبية حقيقية.. وتطبيق نظريات كانوا يتداولونها على «الكافيهات» لوطن جديد..  وشارع جديد.. وبلد جديد.

3 سنوات من 2011 حتى 2013 كانت كاشفة، كانت اختبارًا محايدًا بنظام الكتاب المفتوح، دخله دعاة الشعارات ورعاة الفوضى.. فاستعانوا على الحلول بالإخوان!

 (3)

لو لم يفعل عبدالفتاح السيسي إلا انتشال هذا البلد من شباك الإخوان.. فهذا يكفيه.

لو لم يفعل عبدالفتاح السيسي سوى كشفه لوجوه الثورة والفوضى، وإسقاط الأقنعة وكشف الهويات الحقيقية لهواة الضحك على الذقون وتجار الدم من غير الإخوان.. فهذا يكفيه.

لو لم يفعل عبدالفتاح السيسي سوى أنه استعاد وطنًا كان يترنح، كشارب الخمر، فى الطريق لجُرُفٍ هارْ.. نصفه دماء.. وأغلبه غثاء وأشلاء آدمية لأبرياء.. فهذا يكفيه.

لم يسرق إخوان الإرهاب يناير، إنما كان وصول الإخوان للحكم هى النتيجة الحتمية لكتلة ثلج ازدادت وزنًا مع كل حركة.. وتعاظمت حجمًا كل ساعة.

أغلقت مصر باب فوضى الربيع العربى بستر الله.. وقدرة رجال عرفوا أن المؤامرة تتسرسب للشارع منذ سنوات ما قبل يناير 2011.

يناير 2011 كانت فلتة وقى الله شرها. كانت محنة خفف الله وزنها.. وكانت قضاء شمله الله برحمته.

لا يبقى من عبرة يناير 2011 إلا مساحات تدبر فى أحداث 2011، وكثير من فخر بذكرى 1952.

بذل رجال سنة 52 دماءهم على أرض هذا الوطن.. صونًا لعرض الوطن.

بينما فى 2011 تلوى بعضهم يسعى كحيات الكوبرا لغرس السم فى رأس الوطن، أو كثعابين الأناكوندا الضخمة لتكسير عظام البلد.. قبل أن تنزل صقور «المورو» فى 30 يونيو 2013 لتنهى مزاد بيع الأرض والعرض في قاعات مفتوحة باسم التغيير.

كنا فين.. وبقينا فين؟!

تغيرت مصر.. وتغيرت ملامحها. الفروق كبيرة.. واسعة.. واضحة تسد عين الشمس.

استوجب «التغيير الحقيقي» تضحيات رجال أحق بألقاب البطولة.

فى عيد الشرطة.. تحية إجلال لكل شهيد.. تحية إجلال لابن خالتي الشهيد العقيد تامر العشماوى.. تحية لصديقى الشهيد المقدم كريم بنونة.. تحية إجلال لعشرة العمر  الشهيد المقدم أحمد جميل.. وللكبير الأخ اللواء طارق المرجاوى.

فى كل بيت مصري شهيد.. ذكراهم على رؤوسنا.. وأسماؤهم فى قلوبنا.

عاشوا رجالًا.. وماتوا رجالًا.. دفاعًا عن وطن حاول آخرون التلاعب به فى يناير 2011 من «خيم ميدان التحرير».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز