عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

‏أحمد سليمان: الجمهورية الجديدة قادرة على إنشاء المفوضية العالمية للتربية على التسامح

د.أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
د.أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية

أكد الدكتورأحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الأخلاق والقيم هي الضابط الداخلي، والسند الرئيسي، والداعم الأساسي للدساتير والقوانين المنظمة للعلاقات داخل المجتمعات.



ولفت إلى أن القيمة عندما تستمد قداستها من العمق الديني، فإن حرية ممارستها تنبعث من أقوى المشاعر تأثيرًا في حياة الإنسان.  

وتمثل الأخلاق والقيم ركنًا ركينًا في رسالة الإسلام التي جاء بها خيرُ الأنام ومسكُ الختام سيدنا محمد (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، هدية الله للكون وهدايته للعالمين. 

وأكد في ورقته (التربيـة علـى قيـم التسـامح: نحو ممارسات عملية لبناء المواطنة العالمية الجامعة) التي عُرضت في الجلسة العامة العاشرة (المواطنة والسلام العالمي) ضمن فعاليات المؤتمر الثاني والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي عقد في القاهرة تحت عنوان: (عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي) تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي  رئيس الجمهورية، يومي 12-13 فبراير 2022م، أكد أن البشرية في عصرها الراهن، تواجه تحديات جسامًا، تتسم بالتواتر والتتابع والنمو والتشابك والتعقيد. قائلا: وإذا كانت الحضارة المتقدمة قد بلغت مبلغًا لم يسبق له نظير في التطور العلمي، وتبنيها لفلسفات بعيدة عن الإيمان، الأمر الذي أعطى إنسان الحضارة المتقدمة اليوم حالة مخيفة ومفزعة من الزهو والكبر والغرور بالنفس، أشعره بأنه عابر لإرادة الله الخالق الواحد الأحد المدبر لهذا الكون، فدفعه غروره إلى الاعتداء الصارخ على الفطرة وعلى السنن الإلهية. وإذا كان بعض رجال الحضارة الحديثة قد أصابهم الكِبَرُ والكِبْرُ؛ حيث وصلوا إلى القمر، وزرعوا الأقمار الاصطناعية، ونثروا أجهزة الاستشعار عن بُعد في الفضاء، وثبَّتوا كابلات الإنترنت في أعماق البحار والمحيطات، ونشروا موجات التقنية وتردداتها في كل مكان، وتسابقوا في اختراع آليات الدمار بشكل رهيب، ناهيك عن الأسلحة البيولوجية التي ذاق العالم كله من حصادها المر خلال الفترة الماضية. 

أضاف أنه انطلاقا مما سبق فإن العالم كله في حاجة ماسة إلى قوة روحية جبارة، تحمل في كينونتها وفي طياتها حبوب لقاح المحبة والتعايش والسلام، والانتقال من بناء المواطنة المحلية إلى بناء المواطنة العالمية الجامعة والمسؤولية الكونية المشتركة عن سلامة الإنسان والكون والحياة... وهذه القوة كائنة في القيم الضابطة لفكر الإنسان وقيمه وسلوكه، ومن أهمها قيم التسامح، وهي من القيم الإسلامية والإنسانية الكبرى التي من شأنها -حال تمكينها في الحياة- أن تُسهم في إيجاد بيئة عالمية متسامحة متعاونة منطلقة من أصل واحد، وقيادة سفينة البشرية إلى سواحل الرشاد، وإلى شواطئ الأمان في إطار المواطنة العالمية.

وعن التسامح الديني في الحضارة الإسلامية أوضح أن الحضارة الإسلامية هي حضارة الرحمة قدمت نموذجا فريدا وشاملا... يمكن توظيفه في بناء المواطنة العالمية، منها:

•    حماية الإسلام للمعابد والكنائس والأديرة والرهبان وتأكيد حصانتهم

 •    احترام النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحاب العقائد الأخرى

 •    سماح النبي (صلى الله عليه وسلم) لوفد نصارى نجران بالصلاة في مسجده إباحة الإسلام تناول طعام أهل الكتاب

 •    وقوف النبي (صلى الله عليه وسلم) أثناء مرور جنازة يهودي

 •   المسلمون حكموا اليونان عدة قرون، ولم يتحولوا إلى إلإسلام 

•    رعاية اليهود في ظل الحكم الإسلامي في إسبانيا وغيرها  لقد نَعِمَ يهودُ إسبانيا في ظل الحكم الإسلامي بفترة ازدهار لم ينعم بها قط غيرُهم من اليهود في أيِّ مكان آخر. 

فهل كان لهذا أن يحدث لو أن النبي (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) قد سَنَّ فعلاً "نشر الدين بالسيف"؟ ، كما يزعم غير المنصفين، وهل عرفت الدنيا أو وعت ذاكرة التاريخ مثل هذا الأفق الرحيب في التسامح ورعاية المواطنة الجامعة التي تعد وبحق سبقًا حضاريًّا للمسلمين قبل بزوغ فكرة المواطنة في العالم بقرون؟! وهكذا فإن مقومات التسامح والتعاون كانت موجودة، ومتجذرة في المجتمع ؟!.

ويرى الباحث أن المواطنة العالمية الجامعة: عبارة عن قيم تشاركية عالمية جامعة، تتخطى الحواجز الزمانية والمكانية والفكرية وعوامل العزلة التي كانت موجودة في الماضي، لتجمع مختلف البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ومعتقداتهم وأعراقهم، على مبادئ عامة، يشعرون من خلالها وكأنهم مواطنون في دولة واحدة، لهم نفس الحقوق وعليهم ذات الواجبات، ويتعاونون معًا لإنهاء الصراعات ومواجهة التحديات، والحفاظ على المقدرات والموارد العالمية وتحقيق استدامتها، والسعي الحثيث لتحسين جودة الحياة على مستوى العالم، كل ذلك في إطار الحفاظ على التنوع الحضاري والإرث الثقافي للشعوب. 

 

ولفت الى انه يمكن للتربية أن تبني أجيالا جديدة قادرة على التفاعل الإنساني، ومجهزة للعيش في عالم مختلف متنوع الثقافات والديانات والعقائد والإثنيات في إطار المواطنة العالمية الجامعة، مع الحفاظ على المعتقدات والإرث الحضاري للدول والشعوب، والتشارك والتعاون العالمي لمواجهة الأخطار المحدقة بالعالم، ونشر التسامح والتراحم والتلاحم بين أبناء الكون.

 

ولتحقيق تربية الطلاب المنشودة على قيم التسامح أقترح الباحثًً:

•   إبراز مفهوم التسامح وقيمه ومبادئه بشكل عام، في المناهج والمقررات والبرامج والأنشطة وطرائق التدريس وأساليب التقويم... وغيرها، لترسيخ هذه الثقافة بين الجميع.

  •    الاهتمام بالمدخلات المعرفية التسامحية للأطفال التي تشكل مكونهم المعرفي والثقافي بوصفها ضرورة حيوية لتنظيم السلوك وتنمية القدرة على التنظيم السلمي للحياة. ومن ذلك: نعلم أطفالنا: 

-    أن القرآن الكريم يذكر أهمية حماية دور العبادة لليهود والمسيحيين في نفس الآية مع مساجد المسلمين.

-    نعلمهم أن المسلمين حكموا أجزاء كثيرة من العالم قرونًا وضربوا أروع الأمثلة في التسامح، ولم يُرغموا أحدا على اعتناق الإسلام

 •    تعليم الطلاب لغة موضوعية للحوار البنّاء بحيث يُنتج مزيدًا من التسامح والتفاهم وقبول الآخر.

•    تمرين الطلاب في مراحل الطفولة والشباب على ممارسة قيم التسامح والانفتاح، وتعزيز الوعي بالتضامن مع ضحايا العنف والغلو والتكفير والانغلاق.

•    اطلاع الأجيال على ثقافات الدول، وأنماط معيشتها، وخصائصها، وحضاراتها، وخبرات الدول التي تنتهج نهج التعايش والتسامح وتبدع فيه.

•    إعادة النظر في الفلسفات والبرامج التربوية والتعليمية والإعلامية والثقافية الموجهة للأطفال، لاسيما الألعاب الإلكترونية وأفلام الكرتون التي يمكن توظيفها في تربيته على أنماط التسامح والتعايش.

•     الاهتمام بالأنشطة التي تعزز ثقافة الاختلاف والتعددية منذ الصغر 

•    تعليم الطفل التفكير الناقد وتمكينه من الدفاع عن أفكاره، وعلى قبول أفكار الآخرين واحترامها.  

 

وطالب د احمد سليمان إنشاء المفوضية العالمية للتربية على التسامح، وأوضح أمه يمكن لمصر في إطار تدشينها للجمهورية الجديدة بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تنهض مصر بهذا المشروع العالمي وإنجاحه، لاسيما وأن مصر التاريخ والحضارة، مصر الخبرات والقدرات، مصر بمؤسساتها الدينية (الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، والكنيسة المصرية) قادت سفينة التسامح عبر تاريخها بمنتهى الاقتدار.. ويمكن يكون لهذه المفوضية مكاتب تمثيلية في شتى دول العالم، ويكون من بين مهامها التأكيد على عالمية الكرامة الإنسانية، واحترام الاختلاف والتنوع والتعددية الدينية والعرقية والثقافية..... إلخ بين سائر البشر، وإزالة كل ما من شأنه الإساءة إلى الآخر في المناهج الدراسية وفي القوالب الإعلامية… اضافة الى   وضع فلسفة تربوية عالمية للتسامح، تتسم بالمرونة وسهولة التحقيق والتطبيق على أرض الواقع، وإكسابها صفة الإلزامية، ومراقبة تطبيقها، وبذل الحوافز للدول التي تلتزم بها.  

كما اوضح أهمية رصد النصوص المتعلقة بموضوع التسامح في شتى الأديان والحضارات والثقافات، وبلورتها في برامج تربوية وإعلامية، وفي الدراما وأفلام الكرتون والألعاب الإلكترونية وغيرها، وتقديم التفسير الصحيح للنصوص التي يقدمها المتعصبون والمتطرفون، والتي تقف حجر عثرة ضد التسامح والتعايش.

وطالب سليمان تخصيص يوم عالمي للتسامح تقام فيه الاحتفالات بالإنجازات التي حققها العالم في مجال التسامح.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز