عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

إشكالية دفن الخدم بجوار بعد الحكام الأفارقة القدامى

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

ما زلنا نجهل الكثير من الأمور لا سيما فيما يخص الآثار والعمارة التي ذاعت في مملكة غانة القديمة، سواء إبان عهدها الوثني القديم، أو حتى تلك الحقبة اللاحقة بعد أن تحول ملوك هذه الدولة وسكانها إلى الإسلام، في نحو القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي. 



 

ولعل من أكثر الأمور إشكالًا فيما يخض قبور ملوك وحكام غانة القدامى، حيث لا نعرف عنها الكثير، بل وما يصلنا من بعض الرؤى أو الأطروحات من جانب بعض الأثريين لا سيما الغربيين ربما يزيد الأمور اشكالًا وغموضًا على غموضها، الذي تتسم به في الأصل. وبحسب بعض المصادر، كانت قبور ملوك غانة تقع في عاصمة المملكة، وغير بعيد عن قصر الملك، يقول القزويني: "وعلى مقربة من مجلس حكم الملك وحول قصره قباب وغابات.. وفيها قبور ملوكهم..". 

 

ولعل من ذلك ما يشير إليه بعض الأثريين إلى أن ملوك غانة القدامى كانوا يدفنون داخل مقابر تشبه أكوام التراب، وهذا الأكوام كانت تتميز بضخامتها، وكبر حجمها، ولعل ذلك مرده إلى الكثير والكثير من التقاليد المحلية القديمة، التي يصعب أن تتغير بسهولة بين عشية وضحاها حيث يتبع الأقوام الذين يدخلون الإسلام حديثًا كثيرًا من التقاليد المعمارية والفنية والاجتماعية في كثير من معالجات مبانيهم المستحدثة في الإسلام.

 

وربما يكون ذلك بسبب الجهل بأحكام وتقاليد الشريعة فيما يخص هذه الجوانب، أو ربما تمسكًا بعادات وتقاليد الأسلاف من الآباء والأجداد، وقد حدث ذلك كثيرًا لدى الشعوب المشرقية التي دخلت في الإسلام كالصين وإيران والهند، الذين لا تزال للآن كثير من عادات وتقاليد الدفن والمنشآت المرتبطة به تتبع التقاليد القديمة، ومن يرى الهندسة المعمارية لضريح تاج محل يتبين ذلك جيدًا في فتح أسقف غرف الدفن، وفي كثير من التفاصيل المعمارية الهندوسية القديمة، التي توارثت في ظل الإسلام. 

 

وإلى هذا الوصف، فإن الأمر يبدو لا إشكال فيه على الإطلاق، لكن أحد الباحثين المتخصصين في الآثار الإفريقية يزعم أن ملوك غانة كانوا لما يموتون، ويتم دفنهم، كان يدفن معهم خدمهم وعبيدهم إلى جوارهم في ذات المقبرة. 

 

وعن ذلك الأمر المثير للدهشة فيما يخص مقابر ملوك غانة، يقول الأثري ديفيد فيلبسون: "وكان الحكام (في مملكة غانة) يدفن تحت كوم ترابي ضخم، مصحوبًا بأجساد خدمه". وهذا الكلام لا أعلم يذكره الباحث استنادًا على أي دليل تاريخي أو أثري، ومن اللافت أن دز فيلبسون لم يذكر دليلًا على ذلك الزعم، ولا أورد لنا حديثًا عن مقبرة على غرار ما يقوله من افتراضات لا دليل لها. 

 

ويؤكد الدكتور إبراهيم طرخان، ذات الفكرة فيما يخص دفن الخدم مع الملوك في مقابرهم، حيث يقول: "ومن عادات الدفن في العهد الوثني، دفن الملك ومعه خدمه والمقربون إليه من خدمه، فضلًا على طعامه، وشرابه، وحليه". 

 

ومن المؤكد أن الصناع والحرفيين في مدينة أودغست كانوا قد استفادوا بدورهم من تقنيات المصنوعات والمنتوجات الزجاجية في مصر وشمال إفريقيا وكذلك في بلاد الأندلس، وهو ما يشير لازدهار هذه الصنعات في تلك المدينة. ومما يؤيد هذا الرأي أن الأثريين كانوا قد عثروا في مواقع "أودغست" القديمة على أفران كانت تستخدم لعمليات "صهر الزجاج" كانت تصل درجة الحرارة بها إلى نحو 1000 درجة، وربما كانت تصل إلى أكثر من ذلك، وكان وجود تلك الأفران مرتبطًا بالصناعات الزجاجية. 

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز