عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي

مبادرات المواجهة العلاجية العاجلة

أدركت الدولة المصرية، من خلال القراءة الدقيقة للواقع، أن هناك أمورًا تخص القطاع الصحي في مصر تتطلب التدخل العاجل والحاسم والسريع، وكان من الضروري لضخامة ما هو مطلوب تنفيذه بشكل عاجل، وما هو متاح من الموارد المالية، أن يتم تقسيم العمل على عدة مراحل متناسقة ومناسبة للمستهدفات الواجب الوصول إليها، ومن هنا ظهرت مبادرات التدخل العاجل، ومتوسطة المدى، وطويلة المدى.



 

100 مليون صحة:

 

وفي أكتوبر 2018 ظهرت أبرز مبادرات التدخل العاجل، وتحت عنوان “100 مليون صحة”، تم إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سي، والكشف عن الأمراض غير السارية.

 

وقد عانت مصر على مدار سنوات طويلة من ارتفاع معدل الإصابات بفيروس “سي”، ما وضعها ضمن أكثر الدول في ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض، ومنذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتى عام 2015 تسبب فيروس “سي” في وفاة نحو ألف مصري، أي 7.6 % من إجمالي عدد الوفيات طوال تلك الفترة.

 

وفي عام 2008 وصل عدد مرضى فيروس “سي” إلى واحد من بين كل 10 مصريين، والسبب الرئيسي في توطن هذا الفيروس القاتل وانتقاله بين المصريين، كان محاولات الحكومة للقضاء على مرض البلهارسيا في سبعينيات القرن الماضي، وذلك عن طريق استخدام الحقن الزجاجية لأكثر من مرة من شخص إلى آخر بعد غليها، ما تسبب في تفشي فيروس “سي” بطريق الخطأ، وضاعف من انتشار المرض العادات الصحية والغذائية السيئة، وأبرزها تناول الطعام والشراب في أماكن عامة مثل المطاعم وأيضًا المقاهي في أكواب وأطباق لا يراعى غسلها بشكل جيد يناسب تفشي الفيروس قبل استخدامها مرة أخرى من شخص إلى آخر، وأيضًا “النرجيلة”، التي انتشرت بأشكال مختلفة وأحيانًا مبهرة لجذب الزبائن، وذلك دون وعي بانتشار فيروس “سي” القاتل الصامت، والذي كان يستلزم التعامل معه إجراءات صحية دقيقة ومحكمة ليس من بينها بالتأكيد استخدام أواني الطعام والشراب في الأماكن العامة عدة مرات ودون حد أقصى من شخص إلى آخر، وأيضًا عدم استخدام أدوات النظافة الشخصية من شخص إلى آخر، مثل “فوط الحمام” وغيرها.

 

وكان البنك الدولي قد أعد في 2017 تقريرًا أوضح أن نسبة الإصابة بفيروس “سي” بين المصريين في الشريحة العمرية 50 – 59 عامًا تصل إلى 20 %، قابل أقل من 1 % بين الأطفال والمراهقين، في حين تصل معدلات الإصابة عالميًا بين 2-3 % من إجمالي عدد السكان، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.

 

كانت أرقام الإصابات في مصر صادمة، ومعدل انتشار الفيروس ينذر بخطر شديد يتطلب التدخل الحكومي العاجل والسريع، لكن الوضع المالي للدولة المصرية، وللقطاع الصحي تحديدًا مقارنة بالمطلوب إنجازه في هذا الملف، جعل القضاء على فيروس “سي” أمرًا شبه مستحيل، أقرب للخيال، أو هو الخيال بعينه.

 

ومع الإعلان عن أن المستهدف من مبادرة “100 مليون صحة” في مراحلها الأولى العاجلة هو القضاء على فيروس “سي”، توقفت عقول المتابعين للحظات، وقفزت تساؤلات بسيطة تزاحم أخرى كبيرة تتعلق بحالة القطاع الصحي في مصر، كيف يتأتى النجاح لمبادرة هذا عنوانها والقطاع الصحي يعاني نقصًا حادًا في الموارد، وقوائم الانتظار تزيد سنويًا ولا تنقص، ومن أين تأتي الموارد المالية للقضاء على مرض خبرة المصريين مكلفًا ماليًا إلى أقصى حد. 

 

ولمبادرة القضاء على فيروس “سي” فلسفة معلنة في كلمات قليلة، لكنها تعبر عن عمق وإدراك واضح للواقع.. تقول فلسفة المبادرة إن ما سيتم إنفاقه أقل بكثير مما كان سيتم إنفاقه لو لم يتم اكتشاف المصابين بالفيروس، وتدهور حالتهم الصحية، وهو ما سيؤثر بدوره على الاقتصاد المصري.

 

ولأن الهدف الرئيسي هو القضاء تمامًا على فيروس “سي”، لم تقتصر المبادرة على المصريين فقط، بل شملت مسح للأجانب المقيمين من غير المصريين، وتقديم العلاج للمصابين منهم بالمجان، وبلغ عدد الأجانب الذين تم فحصهم 68 ألفًا و641 شخصًا.

 

وخلال 7 أشهر منذ الإعلان عن مبادرة القضاء عن فيروس “سي”، والكشف عن الأمراض غير السارية، نجحت الدولة المصرية في فحص 70 مليون مواطن مصري، وتقديم العلاج بالمجان لحوالي 2.7 مليون مريض بفيروس سي، و2.6 مليون مريض سكر، و10 ملايين مريض ضغط، كما تم اكتشاف 20 مليون مريض يعانون من السمنة. وتم اكتشاف مواطنين مصابين بارتفاع السكري بالدم بدون سابق معرفة منهم، وبالتالي تحولوا من كونهم معرضين لخطر مضاعفات مرض السكري، إلى متابعة حالتهم الصحية، وتحسين مؤشر السكر لديهم، وهو ما انعكس على الصحة العامة للمصريين وأسهم في تحسين المؤشرات الصحية، خلال التصدي لجائحة فيروس كورونا المستجد والسيطرة على الفيروس.

 

انطلقت المبادرة في مصر قبل ظهور جائحة كورونا بعامين تقريبًا، وعلى هامش افتتاح أحد المشروعات القومية قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه في حال لم يتم علاج 2 مليون مواطن مصاب بفيروس “سي” قبل أزمة “كورونا” فإن 10 % منهم على الأقل أي نحو 200 ألف مواطن كانوا معرضين للوفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا.

 

وقد نجحت المبادرة خلال سنتين على عدة محاور، بالإضافة إلى إعلان القضاء على فيروس “سي” تمامًا، منها تخفيف الضغط بمحوريه الإنساني والاقتصادي الذي كان يسببه وجود مريض بفيروس “سي” بين أبناء الأسر المصرية، ونالت مصر إشادات دولية من منظمة الصحة العالمية، كأول دولة تستطيع القضاء على الفيروسات الكبدية، وذلك بعد زيارة رئيس منظمة الصحة العالمية الدكتور “تيدروس أدهانوم” إلى القاهرة وإشادته بما تحقق من إنجاز لأكبر مسح في تاريخ الإنسانية يتم اجراؤه لأحد الأمراض المعدية، من حيث السرعة والجودة والكفاءة وعدد المنتفعين بالمجان، وأكد رئيس منظمة الصحة العالمية أن تجربة مصر في مبادرة “١٠٠ مليون صحة”، ستصبح نموذجًا يحتذى به ويستفيد منه كل دول العالم.

 

اعتمدت المبادرة منذ بدايتها على حزمة من الاستعدادات التي تضمن نجاحها وسرعة التنفيذ للوصول للهدف المنشود، منها تجهيز البنية التحتية، حيث تم تزويد كل الوحدات الصحية بأجهزة تابلت مزودة بخطوط إنترنت، وربطها بشبكة موحدة، وأيضًا تم تجهيز الوحدات الصحية بأجهزة قياس السكر وضغط الدم وموازين لمتابعة مؤشر كتلة الجسم والسمنة، وهو ما حقق تخفيف الزحام بالمستشفيات حيث تعمل المبادرة وفق نظام خاص مستقل بالتوازي مع العمل اليومي الروتيني بالمستشفيات والوحدات الصحية التابعة للدولة. 

 

ومع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في 2019 أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة لعلاج مليون إفريقي من فيروس “سي”، وتم نقل نظام التشغيل الخاص بمبادرة 100 مليون صحة إلى الدول الإفريقية، وتدريبهم على نظام المسح وإجراء الفحوصات وتوفير العلاج، كما تم إنشاء وحدات لعلاج الفيروسات الكبدية وتجهيزها بمعامل pcr، وشهدت تلك المبادرة إقبالًا كبيرًا من المواطنين الأفارقة في عيادات الفحص التي حملت شعار “تحيا مصر إفريقيا”.

 

تابع باقي النصائح..

 

المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار:

مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة:

 

 

لمطالعة الموضوع كاملاً وغيره من النصائح

يمكنك اقتناء نسخة من كتاب “صحتك قدرت.. كيف تعززها من الميلاد إلى الشيخوخة؟

يتوافر لمكتبة روزاليوسف 89(أ) ش قصر النيل

ويمكنك طلب نسختك لتصلك بالبريد من خلال [email protected]

 

نقلاً عن الكتاب الذهبي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز