عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

كم كان يكلف شهر رمضان المصريين من 60 سنة؟

2000 طن ياميش، ومليون جنيه كنافة.. الإذاعة 100 ساعة في يوم واحد .. الكسل يكلف الدولة 9 ملايين جنيه

 



 

سطر الكاتب الكبير عبد الله إمام، في مجلة "روزاليوسف"، تقريرًا موسعًا تحت عنوان“كم يكلفنا الشهر المبارك؟.. الصائمون يلتهمون 50 مليون جنيه”، وذلك عن إنفاق المصريين في شهر رمضان المبارك، منذ أكثر من 60عامًا.

 

وقال: إننا نحتفل برمضان، ويجب أن نحتفل به، لا احتفالا دينيا فحسب، فإن الدين يرفعنا إلى الله، والله ير يد لعباده أن يسعدوا، وأن يمرحوا، وأن يضحكوا.

 

ولذلك نحتفل برمضان، شهر الصوم، الشهر المبارك، واحتفالنا برمضان يكلفنا كثيرًا، يكلفنا حوالي 50 مليون جنيه.

 

وطرح عبد الله إمام، عددًا من التساؤلات قائلًا: هل نحن نصرف هذه الملايين في مكانها، وهل تجلب لنا السعادة التي نريدها في الشهر المبارك، هل ملء بطوننا يكفي لإسعادنا؟!.

 

وليجيب بالقول: قد لا نعترض على ضخامة تكاليف الشهر المبارك، ولكن أليس هناك وسائل أخرى نصرف فيها هذه الملايين ونسعد أكثر.

 

اقرأوا كشف الحساب.

حساب رمضان.

وقولوا رأيكم.

أول ما يفكر فيه الناس في شهر الصوم، هو الأكل!

والوزارة التي تعلن حالة الطوارئ وحين نفطر نقبل على الطعام كأننا قد حرمنا منه خمسة عشر يومًا، لا خمس عشرة ساعة، نصفها كسل ونوم. والأرقام تقول إننا أكلنا من اللحم الضانئ في رمضان الماضي 9319 طنًا، في حين أن معدل الاستهلاك للشهور العادية 8418. أي أننا أكلنا ألف طن من اللحم الضأني فقط زيادة، إكراما لرمضان أما اللحوم البلدية، فتقدير الفرق فيها صعب، لأنها تطرح في الأسواق دون تدخل الوزارة.

 

وفى هذا العام سوف تطرح في أسواق القاهرة 1670 طنا من اللحوم المثلجة، زيادة على الكمية المعتادة و240 طنا من الفراخ. أما الدقيق الفاخر فيرتفع استهلاكه ويصل إلى 15 ألف طن، ثمنها 59 ألف جنيه، فإذا أضفنا إلى هذا المبلغ ثلاثة أضعافه، ثمنا للسمن الذي تصنع به الحلوى، وجدنا أن الكنافة والقطايف تكلفنا مليونا ونصف المليون جنيه في رمضان.

 

 السكر 

 

إن المسؤولين في وزارة التموين يقولون إنهم خصصوا لشهر رمضان 880 طنا من السكر زيادة عن الاستهلاك العادى ثمنها -بعد تحديد سعرها بحيث لا يزيد على سعر سكر البطاقات -14 ألف جنيه تقريبًا، ولو طرحت هذه الكمية في السوق وبيعت بالسعر الحر، أي بسعر 16 قرشا للأقة، لعادت على الوزارة بربح مقداره 440 ألف جنيه.

 

وفى الشهور العادية نستهلك من الزيت 20 ألف طن تصل في رمضان إلى 185 ألف طن. ووزارة التموين قد أعدت ثلاثة مشروعات لشهر رمضان.

 

الأول: تخصيص 120 محلا لبيع الماشية السودانية في القاهرة، تبيع هذه المحلات 100 رأس بقر في اليوم في القاهرة، و40 رأسًا في الإسكندرية.

 

الثاني: يضاعف مفتشو التموين جهودهم خلا ل الشهر، وتمتد رقابتهم على المسلي والخضر والفواكه التي يتضاعف استهلاكنا منها 3 مرات خلال شهر رمضان.

 

الثالث: السماح باستيراد الياميش من الإقليم الشمالي دون شرط.

ملايين في بطوننا

والياميش هو أحد ملامح رمضان في الإقليم الجنوبي، وهو "مصر في زمن الوحدة مع سوريا". ونحن نصوم، لنفطر على أكواب قمر الدين.

 

وحتى الآن وصل إقليم مصر 2116٫8 طنا من الياميش، من الإقليم الشمالي وحده، وهو "سوريا في زمن الوحدة مع سوريا". هذا زيادة على 555 طنًا من إسبانيا و3150 طنًا من إيطاليًا و75 طنًا من بلغاريا كلها مشمش وقراصيا.

 

وثمن هذه الأطنان من الياميش 3 ملايين جنيه، ينفقها ملايين من سكان الأقاليم في شهر التقشف. ووراء هذه الملايين، ملايين أخرى، لا نأكلها، ولكنا نستمتع بها في شكل خدمات إضافية تقدها لنا الدولة خلال شهر رمضان، وملايين أخرى ضائعة نخسرها وتخسرها الدولة لنقص ساعات العمل، وضعف الإنتاج خلال الشهر.

 

وفى الخدمات التي تؤديها الدولة للصائم وتسليته بواسطة الإذاعة والتليفزيون.

الإذاعـة

 

- سينتقل ميكروفون الإذاعة إلى خمس محافظات لنسمع منها إذاعة القرآن، وإلى حفلات ساهرة تسمع فيها مطربي المحافظة. - سيقدم محمد علوان برنامجا جديدا عنوانه "أتفرج يا سلام" لمدة ساعة يتناول فيه رمضان من الناحية التاريخية في عصوره المختلفة. - سيقدم مأمون أبوشوشة "يوميات صائم" لخمس دقائق يوميا. - ينتقل الميكروفون إلى المسجد الأموي بدمشق ثلاث مرات لإذاعة القرآن من هناك، الأول في يوم 6 رمضان بمناسبة عيد الوحدة، والثانية يوم 26 رمضان في ذكرى موقعة عين جالوت، التي هزمت فيها الجيوش العربية جيوش التتار، والثالثة في ليلة القدر. - وبرامج أخرى جديدة وكثيرة، طوال شهر رمضان. والسؤال هو: - كم تتكلف الإذاعة في سبيل الاحتفال بهذه المناسبة؟ إن الإذاعة لا تضع ميزانية خاصة لشهر رمضان، ولكن في ميزانيتها بند خاص بكل الأعياد القومية والدينية. وإذاعة القاهرة تذيع مائة ساعة في اليوم، ونفقات دقيقة الإرسال الواحدة جنيه كامل، عدا أجور الموظفين، والفنانين. ونصيب البرنامج العام في هذه الساعات المائة 19 ساعة تقريبا، ترتفع في شهر رمضان إلى 22 ساعة، بزيادة 2700 للبرنامج العام فقط، في تكاليف الإرسال.

 التليفزيون

 

التليفزيون يتكلف 5 أضعاف الإذاعة، وتتكلف الدقيقة الواحدة 5 جنيهات، وسوف تزيد برامج التليفزيون 3 ساعات يوميا. يضاف إلى هذه البرامج نفقات الإنتاج الإذاعي ؟؟ أجور الفنانين والموظفين.

 

وزيادة الإرسال تعنى شيئين مهمين:

 

أولهما: زيادة السهر خارج البيوت وزيادة استهلاك الكهرباء.

ولكن إدارة الكهرباء والغاز تقول رغم ذلك إن استهلاك الكهرباء يقل خلال شهر رمضان! صحيح أن الناس يسهرون في بيوتهم، وأن المآذن تضاء، وأن الشوارع والمقاهي تضاء وأن الزينات تعلق، ولكن ذلك كله لا يؤثر في زيادة الاستهلاك في داخل مدينة القاهرة.

 

إن الزيادة التي تترتب على إضاءة المقاهي والمآذن، وعلى سهر الليالي في البيوت، يواجهها نقص في الاستهلاك في ناحية أخرى.

 

والمهندس عبد القادر الفيشاوي مفتش عام كهرباء القاهرة يقول: إن أعلى استهلاك في القاهرة عادة يكون في أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وبين الساعة السادسة والثامنة مساء، حيث وصل الحمل الأقصى لماكينات الكهرباء إلى 165 ألف كيلووات، والسبب أن المصانع تعمل في تلك الفترة، وكذلك دواوين الحكومة التي يعود موظفوها إلى العمل بعد الظهر، أما في رمضان ولنأخذ العام الماضي مثلا، فلم يصعد الحد الأقصى للاستهلاك إلا إلى 126 ألف كيلووات وذلك لأن المصانع تغلق أبوابها مبكرا، والموظفين لا يعودون إلى عملهم بعد الظهر.

 

وحديث مفتش عام الكهرباء يقودنا إلى التفكير في تقدير الجهد الضائع في المصانع ودواوين الحكومة خلال شهر رمضان. إن ساعات العمل تقل ساعتين في النهار، فالنهار يبدأ متأخرا بالنسبة للموظفين والعمال، ويخرجون من أعمالهم مبكرين حتى لا يرهقهم الصوم مع العمل.

 

وعندما يستريح الموظفون والعمال ساعتين في النوم، تدفع الدولة والمصانع المختلفة تسعة ملايين جنيه، ثمنا لهذه الراحة، لأنها لا تتقاضى مقابل هذه الملايين التسعة أي مجهود.

 

إن ثمن الساعتين من الجهد اليومي للموظفين والعمال في الإقليم الجنوبي خلال شهر واحد هو 9 ملايين جنيه، لأن مجموع الأجور التي يتقاضونها في العام تصل إلى 570 مليون جنيه سنويا، فإذا كانوا يعملون 8 ساعات يوميا فإن تكاليف الساعة الواحدة من العمل هي 153٫750 جنيها.

 

ابدأ بنفسك

 

إننا نواجه شهر رمضان بالإسراف لا بالتقشف.

 

وكل أسرة من الطبقة الوسطى لشهر رمضان بزيادة في المصروفات عن 10 جنيهات. وحين يأتي العيد، نضع 5 ملايين جنيه ثمنا للكعك.

 

فكم من هذه الملايين كان يمكن أن توفرها الدولة، ويوفرها الأفراد! عرفنا أن شهر رمضان شهر تقشف ولو حرصنا على المصلحة العامة لأدركنا أن في البلاد الآن وعيا نحو الاستثمار، لا الاستهلاك. وأن قمة هذا الوعي هي خطة التنمية الاقتصادية.

إن هذه الملايين التي نأكلها يمكن أن تساهم في تشغيل الأيدي العاملة في فتح المصانع، في إنشاء أسرة يتكون منها المجتمع الجديد، المجتمع الذي تنشده حكمة الصوم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز