عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكم قضائي يقضي على الانحراف والاضطهاد الوظيفي بمنح موظف بالتموين الضبطية القضائية

المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى
المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى

في حكم قضائي جديد يحظر استغلال الوظيفة ويدين إساءة استعمال السلطة والانحراف بها لتعطيل المصلحة العامة بما يحفظ للمواطنين ثقتهم في مرافق الدولة، قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة فحص بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من وكيل وزارة التموين وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أولاً: بإلغاء قرار امتناع مديرية التموين بالإسكندرية عن منح المدعي "أ.ع.س" بطاقة الضبطية القضائية الجديدة ذات الرقم الكوادي بدلاً من بطاقة الضبطية القضائية القديمة وما يترتب علي ذلك من أثار أخصها منحه بطاقة الضبطية القضائية لمفتشي التموين وما يرتبط بذلك من صرف الحوافز والمكافآت والمزايا المالية الأخرى المقررة لمأموري الضبط القضائي.



 

ثانياً: ألزمت مديرية التموين بالإسكندرية بأن تؤدي للمدعي مبلغاً مقداره عشره آلاف جنيه مصري تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب انحراف الإدارة عن سلطتها وامتناعها عن تجديد بطاقة الضبطية القضائية رغم كفاءته ونزاهته وتميزه وحصوله على تقارير ممتاز طوال مدة عمله واجتيازه أعلى برامج التفيش والرقابة الميدانية، وألزمتها أيضاً المصروفات.

 

وأكدت المحكمة على أن الاضطهاد الوظيفي أحلك أنواع انحراف المدير الإداري بالسلطة يوجب أبطال عمله والتعويض عنه ، وتعود قصة قضية الاضطهاد الوظيفي بأن تقدم المدعى "أ.ع.س" بالحضور في جلسة المحكمة المكتظة بالمتقاضين ووقف أمام القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة قائلا: " أنا أعمل بوظيفة مفتش تموين أول بإدارة تموين الإسكندرية وعند تجديد كارنية الضبطية القضائية الجديد ذات الرقم الكوادي فوجئت باستبعادي من المدير الإداري من استخراج الكارنيه رغم إني مفتش تموين أول وأحمل كارنية بصفة الضبط القضائي القديم خلال مباشرتي لعملي على أكمل وجه في التفتيش والرقابة علي المحال العامة والمخازن والمصانع والمخابز , وجميع تقاريري في سنوات حياتي ممتاز واجتزت أعلى برامج التفتيش والرقابة وحرموني من بطاقة الضبطية القضائية !ومن المكافآت المقررة عن تحرير المحاضر للمخالفين ! عشان كدة أقمت القضية ضد وكيل وزارة التموين بالإسكندرية ومحافظ الإسكندرية ووزير التموين وكلى أمل في عدلك وأنصافك ".

 

 قالت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أن الاضطهاد الوظيفي أحلك أنواع انحراف المدير الإداري بالسلطة يوجب أبطال عمله والتعويض عنه , وأن إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية في السلوك الإداري قوامها أن يكون لدى صاحب السلطة الوظيفية القصد والنية والإرادة والوعى لإساءة استعمال سلطته أو الانحراف بها  بأن يتظاهر باحترام القانون مع تعمده مخالفته أو يتنكب وجه المصلحة العامة التي يجب أن تتغياها طبيعة وظيفته في إصدار القرارات أو أن تكون قد صدرت منه ببواعث شخصية لا تمت للمصلحة العامة في شيء ، ومن صورها الانتقام من شخص المرؤوس لتميزه أو محاباة آخر أقل كفاءة على حسابه ، أو عرقلة مسيرته الوظيفية نحو التقدم , ومن ثم فإن هذا العيب يتعلق بنفسنة وسلوكيات صاحب السلطة الوظيفية يجب أن يقوم الدليل عليه لخطورته , وحينئذ  يتوجب إلغاء القرار الإداري  المعتور بعيب جسيم والتعويض عنه كذلك.

 

وأضافت المحكمة أن رقابة القاضي الإداري أضحت منبسطة على كافة المنازعات الإدارية  للتأكد مما إذا كانت القرارات المتعلقة بمظاهر الحياة الوظيفية للموظف العام قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها لا تحركها سوى أهداف الصالح وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع عمال المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن من العاملين بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التوهين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدرتهم على الاضطلاع بوظائفهم تجاه المجتمع أو حرمانهم دون وجه حق من مزايا الوظيفة أو محاباة غيرهم بالمخالفة لعنصر الكفاءة الدستوري وفي هذه الأحوال يكون قراراتها  معدومة الأثر لكونها وسيلة مستترة للإضرار بأصحاب الحقوق.

 

وأشارت المحكمة أن انعدام السبب المعقول المبرر للقرار الإداري وانطواء تصرف الإدارة علي تمييز البعض علي حساب البعض الآخر دون مسوغ مقنع من الصالح العام هو صورة من صور الانحراف  بالسلطة ويتعين إنصاف ضحايا إساءة استعمال السلطة برد الحق عن طريق إلغاء القرار الجائر الناجم عن انجراف المدير الإداري بالسلطة و الحصول على تعويض للمضارين كمساعدة مادية وظيفية ونفسية واجتماعية ترفع الإيذاء الذي وقع على الموظف وإصابته باعتلال صحته البدنية والنفسية نتيجة للانحراف بالسلطة  الذي يعد ضـرباً مـن ضروب المخالفة العمدية القانون مع التظاهر باحترامه , ومن أخطر العيوب التي تشوب العمل الإداري وأكثرها إضراراً بمصلحة المرفق ذاته  بحسبانها من العيوب الخفية التي يستهدفها الشخص الإداري في نطاق الوظائف المسندة إليه، مما يستوجب على القاضي الإداري التوغل في رقابة المشروعية على العمل الإداري للتوصل عن كشف الغرض الذي يصبو إليه الشخص الإداري المنحرف بسلطته  في نطاق المهام المسندة إليه، والذي يفترض فيه أن يجسد المصلحة العامة من وجهة نظر القانون وليس من وجهة نظره الشخصية حتى يتحقق حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد.

 

وأوضحت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن المدعي يشغل وظيفة مفتش تموين أول بمديرية التموين والتجارة الداخلية بالإسكندرية وجميع تقارير كفايته طوال سنوات عمره الوظيفي بدرجة ممتاز وقد أجتاز بنجاح برنامج التفتيش والرقابة بمركز التدريب بمديرية التنظيم والإدارة وهو من مأموري الضبط القضائي بحكم أعمال وظيفته طبقاً لأحكام المرسوم بقانون الخاص بشؤون التموين الذين يحملون بطاقة الضبطية القضائية وقد امتنعت الجهة الإدارية عن منحة البطاقة الجديدة ذات الرقم الكوادي الصادر بها المنشور الوزاري دون مسوغ قانوني ودون إبداء أيه أسباب.

 

ولم يثبت في حق المدعي ثمة تقصير أو إهمال في أداء أعمال وظيفته وخلت الأوراق من أي دليل ينال من نزاهته وحياده في مباشرته لأعمال الضبط القضائي ومن ثم يكون قرار الإدارة مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها بغرض تمييز بعض الموظفين علي حساب البعض الآخر منهم وإهدار مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة مما يستنهض ولاية هذه المحكمة في إلغاء القرار الطعين وإلزام مديرية التموين بالإسكندرية بمنح المدعي بطاقة الضبطية القضائية الجديدة  ذات الرقم الكوادي استبدالاً لبطاقته القديمة وما يرتبط بذلك من صرف الحوافز والمكافآت والمزايا المالية الأخرى المقررة لزملاء المدعي من مأموري الضبط القضائي اعتبارا من تاريخ منح هؤلاء الزملاء البطاقات الجديدة.

 

وانتهت المحكمة أن ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية ثابت في حقها يقيناً بثبوت عدم مشروعية القرار المطعون فيه ومخالفته أحكام القانون وهذا الخطأ أصاب المدعي بأضرار مادية تمثلت في حرمانه من بطاقة الضبطية القضائية الجديدة وحرمانه من الحوافز والمكافآت والمزايا المالية المقررة لمأموري الضبط القضائي بالمديرية من الذين منحت لهم تلك البطاقات،, فضلاً عما لحق به من أضرار أدبية تمثلت فيما أصابه من أذي نفسي يمس شعوره وإحساسه بالظلم والاضطهاد بين زملائه في العمل وكذلك أمام أفراد أسرته والمواطنين من أفراد المجتمع , وكذلك ما تكبده من جهد ونفقات وتكاليف قضائية في سبيل الحصول علي حقه أمام القضاء , وهذا الأمر تقدره المحكمة إجمالاً بمبلغ عشرة آلاف جنية مصري لا غير.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز