عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: حرب الابتلاء.. وجوع الفقراء

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

يقول الشاعر الفرنسي فيكتور هوجو: "إن جنة الأغنياء مصنوعة من جهنم الفقراء".. يملك العالم ما يكفيه من خيرات وثروات لجميع سكان الأرض، ولكن ليس لكل جشع وطماع، حيث أدت سياسة الاستثمار وشقيقتها الاستهتار في احتكار الكون، وميراث الأرض، فنهبت أحشاءها، وتجويع أضعف أبنائها، ويسافر الجوع من مكان إلى آخر، يتغذى من وطأة الأحزان، وهزال الأبدان.



 

ويكفي الأب العاطل عن العمل والمحاصر بالجوع ألا يدعي لوليمة السعادة، أو يكون جديرًا بالراحة.

 

دعوني أستعيد أمجاد إمبراطوريات العار، من هم في الأسفل، في الحضيض، الذين تحكمهم قوانين الجرائم المنظمة، أنه منهج الغرب الذي نهب الدرب وقاده إلى الهلاك، أنه منهج حيوان مفترس في أعماقه، لكنه يضرب بلطف، ويغامر بحياة الفقراء، ويضارب على الغذاء والمؤونة.

 

من يحاسب هؤلاء؟ من يعاقب ذوي المناصب، لا أحد يدرك أسماء المعتدين، أليسوا مجهولين الهوية؟ فيما يعيش الإنسان الجائع مقتولًا، يدفع ضريبة تحليق الأسعار في عنان السماء، يشاهد حرب الحبوب، حرب البذور والأسمدة والطاقة، والخطر الأكبر أن ضحايا الجوع يتفاقمون يومًا بعد يوم.

 

 

يتعرض سكان العالم إلى أخطر أزمة غذاء في تاريخهم، وستتضاعف في الشهور المقبلة، وأول المتضررين أفقر الدول، إنها مأساة إنسانية لم نرها من قبل. فماذا نتوقع؟ 250 مليون شخص مهددين بالجوع، والرقم يزداد مع استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية التي تهدد الأمن الغذائي والمواد الغذائية.

 

وفي المدن الفقيرة يُهدد الفقراء خاصة الأطفال، فيما تقبع "سلة خبز أوروبا" في أرض تربتها خصبة، فريدة من نوعها، وفي الوقت ذاته تعاني دول مثل الصومال وإريتريا وإثيوبيا ولبنان وسوريا وبوركينا فاسو ونيجيريا واليمن والسودان، من توفير المواد الغذائية لشعوبها. وأكثر من 193 مليون شخص في 53 دولة يواجهون خطر الجوع في غرب إفريقيا، حيث تجاوزت أسعار المواد الغذائية ١٣ بالمئة، فباتت سلة الغذاء لا قيمة لها، ولا حول لها ولا قوة، والمسؤول هو المجتمع الدولي الذي عليه المحافظة على الضعفاء، وإجبار الدول الغنية المسؤولة عن أسباب الحرب على التضامن التام لإعانتهم في كل المشاكل الناتجة عن هذا الابتلاء.

 

 

  لقد أظهر إعصار هذه الحرب الأليمة هشاشة الاقتصاد العالمي التجاري والزراعي، إنه درس قاسٍ يعلم عدم الإفراط، وعدم الاعتماد على الآخر، وعلى كل دولة الاستثمار في أرضها والعيش من حصادها في كل الميادين.

 

هذه الحرب ربما تعلم الدول الغنية زيادة المساعدات الغذائية للدول الفقيرة للحد من شبح الجوع، وتوزيع البذور المقاومة للجفاف، وتأهيل هياكل المياه، وعلاج الماشية وتقويتها، والأهم زيادة فرص الدخل للضعفاء.

 

 

من يسقي حقله بعرقه لا يجوع، والفرق بين الممكن والمستحيل يكمن في التصميم، وعلى الجميع أن يتعلم من هذه الحرب المؤلمة أن الديمقراطية ضمان للأضعف بنفس القدر للأقوى، وأنتم يا أهل الغرب، ألا تعلمون أنه عندما يزداد الجوع يفقد الجائع كبرياءه؟

 

وأن لكل إنسان الحق في العيش الكريم، وأن يحظى بكل السبل لإطعام نفسه، وكسوته، وسكنه.. ليس من الضروري إطفاء نور الفقير حتى يسطع نور الغني.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز