عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. أميرة جميل الطلياوي تكتب: آباؤنا والوصاية المعكوسة

د. أميرة جميل الطلياوي
د. أميرة جميل الطلياوي

كلنا نتذكر آبائنا و امهاتنا و هم شبابا و ما كان لهم من سلطة في حياتنا و ربما حياة الآخرين، نتذكر حكمتهم ونجاحاتهم واخفاقاتهم و ما مروا به من أزمات وكيف تخطوها.



تطلعنا إليهم ونحن صغاراً و شباباً نتعلم منهم و نطيعهم و نستند الي قوتهم فنهرع إليهم في الازمات ملتمسين لديهم العون و الحلول و الحماية و الأمان، لكن شيئا تغير مع مرور الزمن، فلم يعد والدي ذلك الأب القوي ذو الكلمة المسموعه او لم تعد أمي ذات المرأه الصلبه العالمة بكل بواطن الأمور و صاحبة الحلول السحريه، فقد داهمهم الضعف و الأمراض المختلفه و ربما اصاب أحدهم مرض الالزهايمر او احد أنواع الخرف الأخرى فنجد أنفسنا في كبرهم نمارس نفس الدور الذي مارسوه تجاهنا في طفولتنا.

ربما وجدنا أنفسنا في حاجه الي رعاية مصالحهم من صرف معاش او تجديد بطاقه او شراء مستلزماتهم المختلفه او ربما اضطروا لترك الأمور لنا بالكليه عن طريق توكيل او ما شابه، أو ربما اضطررنا إلي رعايتهم رعايه مباشرة من مأكل و مشرب و نظافة شخصيه و خلافه، ولكن هل انعكست الأدوار حقاً؟ هل صرنا رعاةً لآبائنا؟ هل صرنا أوصياء عليهم؟.

  عندما نشّبه الشيخوخه بالطفوله فنحن ننسي ان ذلك امر مجازي، فالشيخ الذي أصابه الضعف لازال انسان بالغ راشد من حقه اتخاذ قراراته و إنفاذ ارادته في شؤونه و هو حق يكفله له القانون و الأعراف. 

و المرأه المسنة مهما كان وضعها الاجتماعي يحق لها التصرف في املاكها و نفسها دون الرجوع لأحد ، اذن الحقيقه ان الاجابه علي السؤال هي نعم و لا في نفس الوقت، نعم علينا رعاية شؤونهم و نعم علينا أن نلبي كافة مطالبهم و لكن  لا يحق لنا أن نفرض عليهم وصايتنا.. لا يحق لنا أن نسلب منهم ارادتهم.

و الوصايه كثيرا ما تتجلي في رفض الأبناء اطلاع آبائهم عن حقيقة مرضهم او استئثارهم بالقرارات في شتي مناحي الحياه دون العوده لأصحاب الشأن و لا حتي استشارتهم ، فكم من مره اضطررت للفت أنظار الأبناء انهم لا يصح لهم ان يتفقوا علي امرٍ ما يخص الأب او الأم دون استشارتهم.  

 

أن اكثر ما يؤلم كبار السن هو ضياع استقلاليتهم، فهو أشد الماً من اوجاع المرض، و كبار السن حتي من مرضي الالزهايمر او غيره من الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي يستطيعون بل و يحق لهم ان يتخذوا القرارات في شؤونهم الشخصيه البسيطه فيجب ان نخيرهم في طعامهم و شرابهم و معيشتهم و ان نشرح الأمور لهم بما يتماشي مع فهمهم و اسنئذانهم في اي تغييرات تخصهم. 

 

وتكمن العله في اننا بلا شك أبناء ثقافة أبويه و لكني افهم الآن أن تلك الأبويه مناطها القوه لا العُمر وانه ربما ينقصنا القليل من الثقافة الفرديه التي تحترم حق الفرد في تقرير مصيره. 

 

إذا كان المولي عز وجل قد فرض علينا بر الوالدين و رعايتهم اذا بلغا عندنا الكبر فقد اوصانا بالإحسان في تلك الرعايه و ذروة الإحسان هي الحفاظ على كرامتهم و استقلالهم و الإصغاء إليهم و احترام اختياراتهم حتي لو لم توافق ما نراه ملائماً.

 

د. أميرة جميل الطلياوي - استشاري طب المسنين و علوم الأعمار

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز