عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

إفريقيا وحرفة الرعي

د إبراهيم محمد مرجونة
د إبراهيم محمد مرجونة

رغم أن الرعي قد ظهر بصورته الواسعة في إفريقيا منذ قرابة ألف سنة، إلا أنه يبدو أن مصيره إلى الانكماش والزوال، كما هو الحال بالنسبة للجمع والصيد، ويرتبط ذلك بلا شك باتجاه الدول والتشريعات الاقتصادية الحديثة من أجل استقرار الرعاة المتنقلين، وتحسين سلالات حيوان الرعي وغير ذلك مما يؤدِّي إلى تدخُّلٍ متزايدٍ من جانب الهيئات الحكومية في حرية الرعي التقليدي، ويفرض عليه القيود التي سوف تؤدِّي في النهاية إلى زواله، وحلول أنواع أخرى من النشاط الاقتصادي مرتبطة بالزراعة وتربية الحيوان على النظم والأساليب الحديثة.



ومن الأدلة على هذا الاتجاه أن كثيرًا من الرعاة التقليديين الذين استقروا قد بدءوا يقيمون دعائم حياتهم الاقتصادية على الزراعة، أو غيرها من أنواع العمالة، ويقلِّلون اعتمادهم على الحيوان، أو نجدهم يقومون بما يُسمَّى الزراعة المختلطة التي تخدم فيها الزراعة تربية الحيوان أو العكس، أو هما معًا.

 

والرعي المتنقل في الوقت الحاضر يسود مساحات ضخمة من القارة، وأكبر مركز له السفانا السودانية من الهضبة الحبشية إلى السنغال، ومن نطاق الصحراء الكبرى إلى حدود السفانا الشجرية، والمركز الثاني يشمل سفانا هضبة البحيرات والسفانا الجنوبية ومدغشقر. وهناك دول عماد حياتها الاقتصادية في الوقت الحاضر الحيوانات، وغالبية سكانها رعاة، ومن أهم نماذج هذه الدول: النيجر وتشاد وفولتا العليا وموريتانيا، وكلها في نطاق السفانا السودانية.

 

وأهم حيوانات إفريقيا هي الأبقار تليها الإبل، ولكلٍّ منهما مجالُ انتشارٍ خاص؛ فالإبل في المناطق الصحراوية، والأبقار في نطاقات الحشائش في السهول والجبال، وإلى جانبهما نجد أعدادًا وفيرة من الماعز والأغنام، وفي بعض المناطق الخنازير أيضًا.

 

وأبقار إفريقيا من أنواع عديدة بعضها إفريقي وبعضها هندي الأصل، ولكنها في غالبيتها ذات قيمة اقتصادية قليلة؛ لأن أوزانها صغيرة وألبانها قليلة. وهناك بعض الجماعات لا تحلب البقر كما هو الحال في بعض قبائل غرب إفريقيا وشمال أنجولا، ومنتجات الألبان تكاد تكون غير موجودة إلا في مناطق محدودة من القارة، وبعض القبائل تعيش على لبن ودم الأبقار كالمازاي والفولاني، وسبب قلة الأهمية الاقتصادية أن للماشية دورًا اجتماعيًّا خطيرًا يطغى على كثير من صور استغلال الحيوان، ومن أهم أدوارها الاجتماعية أنها رأس مال، وبالتالي فالعدد وليس النوع هو مصدر الأهمية في تربية الماشية الإفريقية.

وكان لتكاثُر أعداد الماشية آثار سيئة، فالغذاء محدود وموارد الماء محدودة، مما يؤدي إلى هزال الماشية من ناحية، وتجمُّعها في مواسم الجفاف في نقط السقاية بأعداد كبيرة، ويسهِّل هذا الوضع انتقال أمراض وأوبئة البقر، ويقضي على جانب كبير منها؛ ولهذا كان أول ما يُعمَل لتحسين الثروة الحيوانية انتشار مراكز بيطرية عديدة لعلاج الحيوان ومكافحة مصادر الأمراض، ومن أهمها: القضاء على ذباب تسي تسي، وحفر الكثير من الآبار لمنع تركُّز الماشية في نقط محدودة.

 

 

أستاذ التاريخ والحضارة الاسلامية

كلية الآداب – جامعة دمنهور  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز