من باقوم القبطي لشجرة الدر
المصريون والبيت العتيق.. أعادوا بناء الكعبة مرتين وغزلوا كسوتها بالمحبة
هدى زكي
إلى البيت العتيق تهفو قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض، إلى كعبة الأنوار تشد الرحال، هنا تسكب العبرات، وتنزل الرحمات وترفع أكف الضراعة للرحمن وتقضى الحاجات، فالحمد لله الذي جعل هذا البيت مثابة للناس وأمنا، وزاده تشريفا وتعظيما ومهابة.
ربما يعجبك
قال الله تعالى في محكم آياته بكتابه الكريم (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين) آل عمران: 96، فالكعبة الشريفة هي أول بيت وضع في الأرض لعبادة الله عز وجل وحده لا شريك الله، ورفع قواعدها الخليل إبراهيم ليعيد بناءها مرة أخرى على نفس القواعد التي أقامها آدم عليه السلام، قال تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم» البقرة: 127، (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) سورة الحج: 26.
ظلت الكعبة المشرفة على مر تاريخها العريق موضع تعظيم، لكنها تعرضت للعديد من الأحداث التي لم يصمد البناء أمامها، مما تسبب في إعادة إعمارها والقيام بعمليات الترميم والإصلاح على مر العصور، ومن الكسوة لإعادة بناء الكعبة ظل درب المحبة بين المصريين والبيت العتيق متصل لا ينقطع.
باقوم القبطي وبناء الكعبة
باقوم القبطي، نجار مصري استقر به الحال في مكة المكرمة، بعدما عصف البحر بسفينته القادمة من مصر ، وكما ذكر كل من ابن هشام في كتابة "السيرة النبوية"، والمفسر والمؤرخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه "تاريخ الطبري" المجلد الثاني، أن قريش بعد عام الفيل بسنوات قد استعانت بالنجار المصري الماهر وبقايا حمولة سفينة محطمة من الأخشاب ومواد البناء في تسقيف الكعبة بالأخشاب وإعادة بنائها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغ وقتذاك من العمر 35 عاما، وشارك وعمه في العمل ونقل الحجارة.
المحمل الشريف من القاهرة لأرض الحجاز
شرفت مصر بصناعة كسوة الكعبة الشريفة، بداية من عهد الملكة شجرة الدر، حيث كانت تصنع الكسوة وتوضع في صناديق وتحمل على الجمال إلى أرض الحجاز يرافقها الحجاج المصريون في مظهر احتفالي مهيب، واستمر إرسال الكسوة بشكل سنوي في موكب عظيم، وتوقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1962 لتولي المملكة العربية السعودية صناعتها.
المصريون يعيدون بناء البيت العتيق
أكد عدد كبير من المؤرخين، أن الكعبة المشرفة قد شهدت سيولا عارمة في عهد السلطان العثماني مراد الرابع، والتي استمرت لمدة يومين لم يصمد أمامها بناء الكعبة وتسببت في سقوط الجدار الشامي وتصدع الجدارين الشرقي والغربي، فتم الاستعانة بأمهر المهندسين المصريين والعمال والنحاتين في عام 1040هـ - 1630م وتكليفهم بهذه المهمة، والذين استقر رأيهم على ضرورة إعادة البناء من جديد وفق البناء الأصلي للكعبة، ومعالجة تصدع الحجر الأسود، واستغرقت عملية البناء والترميم 6 أشهر، وهو البناء الحالي الماثل أمامنا، ومنذ ذلك الوقت لم يتم سوى بعض عمليات الترميم والإصلاح.
جوجل نيوز
