عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الإدارية العليا: إشاعة الأخبار الكاذبة عدوان صارخ على سلامة الدولة وأمنها الوطني

المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى
المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى

قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة دائرة الفحص برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبد العزيز نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من إمام مسجد بمحافظة القليوبية “أ.ع.ح” خرج عن مسار دوره في بيان الخطاب الديني المستنير إلى استغلاله الاستغلال الأسوأ للوظيفة العامة واعوجاج دوره كرجل دين بأن أشاع أخبارًا كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وتأييد الحكم المطعون فيه بعقابه بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية بعد حبسه سنة غيابيا وتأييد الحكم.



وأكدت المحكمة أنه مع مراعاة أن هيئة النيابة الإدارية قد اكتفت بالعقوبة الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه وارتضت بها ولم تطعن على الحكم الطعين رغم جسامة ما نسب إلى الطاعن من جُرم في حق المجتمع والوطن مما غل يد المحكمة تطبيقًا لقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.

قالت المحكمة إن إشاعة الأخبار الكاذبة في المرافق العامة خاصة الأساسية والحيوية كمرافق المؤسسات الدينية والتعليم والأمن والصحة والقضاء والاقتصاد القومي تمثل عدوانًا صارخًا على سلامة الدولة وأمنها الوطني والقومي من ناحية، وافتئاتًا جسيمًا على المصلحة العامة المتمثلة في استقرار الأمة وتحقيق تنميتها من ناحية أخرى، وهو ما يعد خروجًا سافرًا عن مبادئ وأسس القانون العام ونقضًا للعقد العام التنظيمي الذي يربط الموظف العام بالدولة، خاصة إذا كان إذاعة وإشاعة تلك الأخبار الكاذبة تمس المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على إلحاق الضرر بها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين أو اضطراب في الحياة اليومية لجمهور المواطنين. وهي الفكرة الجوهرية التي استقاها المشرع العادي، ما استقرت عليه قواعد القانون الإداري في نطاق القانون العام.

وأضافت المحكمة إن قيام الموظف العام بإشاعة الأخبار الكاذبة، يكون قد انحرف بوظيفتها عن غاياتها، ذلك أن الموظف العام هو أداة الدولة والمنفذ لإرادتها ومشيئتها وفقا لمبدأ الولاء الوظيفي، الذي يفرض عليه أن يؤدي واجبه بعناية وإخلاص وأمانة بغض النظر عن عقيدته الذاتية وانتماءاته الشخصية، فالوظيفة العامة تنبثق من سيادة الدولة وهو المعبر عنها في أداء الخدمات للمواطنين دون امتناع أو تمرد وإلا خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته وظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامتها فتدق عليه موازين العقاب. ذلك أن الوظيفة العامة تكليف بأداء خدمة عامة، فلا تنشأ بقصد شغلها بعدد من الموظفين وتقرر لهم عددًا من المزايا الوظيفية بل لأنها تنشأ بهدف تزويد المرافق العامة بالوسائل التي تمكن تلبية الحاجات العامة للجماهير، ومن ثم فإن قيام الموظف العام بإشاعة الأخبار الكاذبة يعد صورة من صور الاستغلال غير المشروع للوظيفة العامة المخصصة لأآداء الخدمات العامة للمواطنين.

وأشارت المحكمة إلى أنه إذا كان المشرع الجنائي قد جرَم كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق الواردة في القانون أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. كما أنه إذا كان المشرع الجنائي أيضًا قد جرَم كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، كما جرًم فعل كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئًا مما ذكر إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر, بل وشدد العقاب إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب ، فإن القاضي الإداري الحارس الأمين على الوظيفة العامة وديمومة سير المرافق العامة بانتظام واضطراد يعتبر قيام الموظف العام بإشاعة الأخبار الكاذبة خاصة ما ينال منها الدولة مساسًا بأمنها القومي ومناقضًا لاستقرار الروابط الاجتماعية وخروجًا عن القواعد التي سنها القانون لضمان ممارسة الحقوق التي تترتب على العقد العام للقانون العام الذي يربط الموظفين العموميين بالدولة ، ويمثل تصرفه خرقًا لقوانين المرفق العام، وخروجًا على الهدف الأساسي من المرفق ومساسًا صارخا بالحياة الجماعية ، مشكلا خطأ تأديبيًا جسيمًا يستنهض همة هذه المحكمة للحفاظ على المرافق العامة.

وأوضحت المحكمة أنه إذا كان إشاعة الأخبار الكاذبة لا يمكن قبولها في مجال الحياة العامة بين الناس فإنها أوجب ولا يمكن قبولها أيضًا عن الدولة في نطاق الوظيفة العامة، لأنها تتعارض تعارضًا صارخًا مع متطلبات المرافق العامة وما تتطلبه من ثقة واستقرار لتقديم خدمات لا غنى عنها للشعب، وليست الدولة وحدها التي تتضرر مصالحها وتتعرض للخطر بل يلحق الضرر المجتمع كله الذي سيحرم من الخدمات العامة الضرورية بإثارة البلبلة فتتأثر حركة الحياة والتنمية، وبهذه المثابة فإن إشاعة الأخبار الكاذبة من أي شخص أو جهة يعد عملًا غير مشروع ضد المصالح العليا للدولة.

وذكرت المحكمة الثابت في الأوراق أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن “أ.ع.ح” إمام مسجد بمحافظة القليوبية أنه أتى سلوكًا مـن شـأنه تكدير الأمن العام بأن حاز وأحرز مطبوعات تتضمن أخبارًا وبيانات كاذبة عن الدولة من شأنها تكدير الأمن العام، وأحيل إلى المحاكمة الجنائية بتهمة حيازة وإحراز مطبوعات تتضمن أخبار وبيانات كاذبة كانت معدة للتوزيع من شأنها تكدير الأمن العام بموجب قضية محكمة جنح الخانكة التي قضت غيابيًا بحبسه سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة مائتي جنيه والمصاريف، ثم بادر الطاعن بالمعارضة في الحكم المشار إليه، وقضت ذات المحكمة في المعارضة برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، وطلبت هيئة النيابة الإدارية محاكمته تأديبيًا وخلت الأوراق مما يفيد قيام الطاعن بالطعن بالاستئناف في الحكم الأخير، من ثم تكون المخالفة المشار إليها ثابتة بحق الطاعن ثبوتًا يقينيًا وهو ما يشكل في حقه ذنبًا إداريًا يكون قد خرج به عن مسار دوره في بيان الخطاب الديني المستنير إلى استغلاله الاستغلال الأسوأ للوظيفة العامة واعوجاج دوره كرجل دين، ويكون قد أخل بواجباته الوظيفية العامة وخرج على مقتضيات الواجب الوظيفي، مما يستوجب مجازاته تأديبيًا بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية. 

واختتمت المحكمة مع مراعاة أن هيئة النيابة الإدارية قد اكتفت بالعقوبة الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه وارتضت بها ولم تطعن على الحكم الطعين رغم جسامة ما نسب إلى الطاعن من جُرم في حق المجتمع والوطن.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز