عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التعـلق الآمـن

التعـلق الآمـن

بقلم : د. أماني ألبرت

الخوف من الموت، الخوف من الفشل، الخوف من الناس، الخوف من الأماكن المغلقة والضيقة، الخوف من الظلام، الخوف من المستقبل، الخوف عدو يطرح الإنسان أرضَا ويشل تفكيره والخوف له عذاب ولكن الحب يطرح هذا الخوف بعيدًا. يولد الطفل وبداخله احتياجات نفسية تحتاج للتسديد، عبر عنها علماء النفس عبر العصور بدراسات وابحاث واقعية. أحد احتياجات الطفل المهمة هي الإحساس بالآمان أو ما اسماه العالم جون بولبي في نظرية التعلق ’’بالتعلق الآمن‘‘. 



والتعلق رابط إنفعالي وميل قوى من قبل الطفل للبقاء بالقرب من الأفراد ذوي التأثير في حياته. وهذا الرابط يكون مركز للأمن النفسي والطمأنينة الداخلية التي تؤثر عليه فيما بعد. القاعدة الآمنة التي يستمد منها الطفل شعورة بالطمأنينة الداخلية في المواقف المختلفة هي أمه.

ويظهر التعلق الآمن في سعادة وفرحه الأطفال عند رجوع أمهاتهم بعد أن غابت عنهم لساعات معدودة، كما يظهر حينما يذهب الطفل ليلعب وفي وسط انشغاله باللعب يفتقد حضن أمه فيذهب إليها ثم يرجع لألعابه مرة أخرى، وكذلك حينما يركض إليها الطفل محتميًا من أي خطر أو تهديد خارجي وداخلي. ويكبر الأطفال ويستمر معهم هذا الشعور المريح. وتتراكم داخلهم تجارب وخبرات كثيرة وقفوا فيها خلف أمهاتهم التي وفرت لهم الشعور بالآمان وشجعتهم لخطوات ثابتة نحو العالم الخارجي وعلمتهم الثقة بأنفسهم والإيمان بامكانياتهم. يكبر الأطفال ويبلغون وبالتدريج ينفصلون عن التواجد مع أمهاتهم طوال الوقت، فينشغلون وينهمكون في الحياة ويواجهونها برصيد الثقة والأمان الذي أخذوه منذ الطفولة.

ورغم البعد أو الانفصال المادي لا ينفصل الأبناء عاطفيًا عن أمهاتهم. فعند مواجهة الصعوبات تجدهم بشكل تلقائي يجرون نحو تلك القاعدة الآمنة ليستمدوا من كلماتها وتشجيعها ودفء مشاعرها قوة كبيرة لمواجهة المشكلات. ربما تكون كلماتها بسيطة، غير مبنية على نظريات أو دراسات ولكن ما أن تصل لأذانهم حتى تُلقي بالطمأنينة في قلوبهم. فهم يثقون في صاحبة هذه الكلمات ويؤمنون في أعماقهم أن كل الأمور ستتحسن لأنها هي قالت، ودعت الله ورفعت صلواتها لأجلهم حتى تنفرج الأزمات. الأم، أمي وأمك عزيزي القارئ هي القاعدة الآمنة التي حمتنا من صدمات الفزع والقلق والخوف، هي صمام الأمان الذي كافأ الله حياتنا به. وفي عيد الأم، الموقف يتكرر كل عام، حينما أسأل أمي مع أخوتي ماذا تريدين يا أمي؟ تجدها تضحك بملء قلبها وتقول لدى كل شيء، لا احتاج لشيء، أنتم بالدنيا.

كانت ومازالت هدية عيد الأم محيرة لي ولأخوتي فمهما أحضرنا لها ومهما عبرنا سنظل عاجزين غير قادرين على الوفاء بجزء من حبها. في عيدك يا أمي، تقف الكلمات عاجزة عن وصف مشاعر الإمتنان والحب والرعاية والاهتمام التي غمرتينا بها وما زلتي. نقدم وردة عطرة وقبلة على جبين ويد كل أم ضحت وربت وسهرت وشجعت، وقلقت هي لتوفر لأبنائها قاعدة آمنة.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز