عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
انتخابات المصريين بالخارج.. حدوتة مصرية

انتخابات المصريين بالخارج.. حدوتة مصرية

بقلم : د. شريف درويش اللبان

مثلت انتخاباتُ المصريين بالخارج في الانتخابات الرئاسية الحالية معجزةً مصرية بكل المقاييس.. معجزةً لا يستطيع أن يصنعها سوى المصريين في عصرٍ وَلَت فيه المعجزات. فقد كان عددٌ من المحللين قد ذهب إلى أن الانتخابات الرئاسية الحالية لن تشهد إقبالًا مقارنةً بالانتخابات الرئاسية السابقة، بالنظر إلى أن المرشح المنافس للرئيس ليس له أملٌ في أن يمثلَ إزعاجًا للرئيس السيسي كمنافسٍ في هذه الانتخابات، وخاصةً أن الرئيس السيسي تربعَ على عرشِ قلوبِ المصريين منذ ظهوره على الساحة المصرية كوزيرٍ للدفاع ثم كمرشحٍ للرئاسة في الربع الأول من العام 2014. كما لم يتوقع المحللون أن تحظى انتخاباتُ المصريين بالخارج باهتمام كبير في ظل أجواء الاستقطاب الحادة في بعض الدول الكارهة لمصر، وفي ظلِ دعوات التنظيم الدولي لجماعة "الإخوان" الإرهابية وإعلامها القطري التركي اللندني، والذي جَفَ حَلْقُه ليلًا ونهارًا طوال الأسابيع الماضية بالدعوة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية في السفارات المصرية في الخارج.



وعندما حانت ساعةُ الحقيقة، وفتحت السفاراتُ والقنصلياتُ المصرية في 135 دولة على سطح هذا الكوكب أبوابها للناخبين، وجدنا أن الأمة المصرية التي تضربُ بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني بعمق 7000 سنة، تعزفُ سيمفونيةً غيرَ مسبوقة في أي انتخاباتٍ تم إجراؤها في الخارج في السنوات الماضية، وقد وافاني زملائي وتلامذتي وأصدقائي في الإمارات والسعودية والكويت وغيرها بعديدٍ من الصور والفيديوهات التي تجسدُ المشاركةَ السياسية الفاعلة وحبَ الوطن ورُبَان سفينة هذا الوطن الذي يمضي بالسفينة وسط الأنواء والأعاصير في شجاعةٍ وإصرار لإنقاذ هذا الوطن من المتآمرين عليه في الداخل والخارج.

وكم تأثرتُ بمشاهد المصريين الذين كانوا يصوتون تحت الثلوج في روسيا الاتحادية وأوكرانيا ونيوزلندا، وتحت الشمس الحارقة في الكويت والسعودية والإمارات، وكم تأثرتُ بالمصريين الذين يقطعون مئات الكيلومترات بالسيارة أو الطائرة لكي يُدلوا بأصواتهم في السفارة المصرية، وكم تأثرتُ لدرجة أن اغرورقت عيناي بالدموع بالشقيقة الكويتية التي تمنت لو كانت مصرية لكي تُدلي بصوتِها للرئيس السيسي في الانتخابات بالسفارة المصرية بالكويت، وكم تأثرتُ بالسيدة المصرية في أستراليا ذات الاثنين والتسعين ربيعًا وهي تسعى نحو السفارة المصرية لكي تُدلي بصوتِها في الانتخابات، وكم تأثرتُ بموقف المصريين في لندن الذين تصدوا لمحاولة أنصار جماعة "الإخوان" الإرهابية منعهم من الوصول للجنة الاقتراع.. إن ما حدثَ يمثلُ مشاهدَ تُدَلِلُ على عبقريةِ مصر والمصريين.

ورغم رمزية الانتخابات في الخارج إلا أنها تؤسسُ لمشاهدَ مهمة، أولها كم هي عظيمة الأمة المصرية التي أبهرت العالم بمشاهد احتفالية بهذه الانتخابات وبالوطنية المصرية تجعلُ كل الدول على سطح هذا الكوكب تحترم هذه الأمة العظيمة وقائدها الذي آمنت به ولم تُفلح كل المحاولات في التفريق بين الشعب وقائده، وثانيها أن الحساسية المفرطة للمصريين في الخارج بالمؤامرات التي تُحاك لوطنهم جعلتهم أكثر إحساسًا بضرورة المواجهة السلمية لكل هذه المؤامرات من خلال الإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات الفارقة في مسيرة الوطن، وكان كلُ صوتٍ يوضعُ في صندوق الانتخابات في أي سفارة أو قنصلية بمثابة طلقة رصاص في سويداء قلب جماعة "الإخوان" الإرهابية وتنظيمها الدولي وإعلامها المحرض على مصر والدول المتعاطفة معها، كما كان كلُ صوتٍ في هذه الانتخابات بمثابة طلقة أمل للعبور نحو مستقبل جديد لمصر والمصريين لتخطي كل الأزمات والصعاب وتبعات عملية الإصلاح الاقتصادي التي تحملها المصريون اليوم أملًا في غدٍ أفضل لهم ولأبنائهم وأحفادهم.

ولعل مشاهد الناخبين المصريين في الدول التي عادت مصر بعد ثورة المصريين في الثلاثين من يونيو 2013، تحملُ من الدلالات الكثير والكثير، لأنها توجهُ رسائلَ مهمة للأنظمة الحاكمة التي تتخذ موقفًا مناهضًا للدولة المصرية عقابًا لها على ثورةِ شعبِها على جماعة "الإخوان". إن الشعبَ المصري لا يُعاقب، ولن يتنازلَ عن حريته واستقلاليته والوقوف إلى جوار دولته ويُلبي نداءَ قائدِه حتى لو منحوهُ الذهب والدولارات وبراميل النفط.

إن ما حدثَ في انتخاباتِ المصريين بالخارج هو ببساطة حدوتة مصرية بدأت أولي فصولها في 135 دولة عبر العالم الفسيح الذي يتسعُ للجميع، ونحن في انتظار سائر فصول هذه الحدوتة المصرية في انتخابات الداخل المصري الأسبوع القادم.. قومي يا مصر وشدي الحيل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز