عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
اغتيال الاقتصاد الوطنى

اغتيال الاقتصاد الوطنى

بقلم : طارق رضوان

سطر فى تويتر يكبد شركات وطنية خسائر فادحة . صورة على الانستجرام تغتال شخصيات وطنية مخلصة . فيديو على اليوتيوب يسقط انظمة . اشاعة على الفيس بوك تخفى دول من الوجود . انها الحرب الجديدة . يستخدم فيها الكل, الرؤساء ومشاهير السياسة ونجوم الفن ولاعبى الكرة . يقف ورائها تحالف غربى ضخم من الشركات العابرة للقارات والمؤسسات المالية العالمية والبنوك, واجهزة الاستخبارات . حرب ضد كل ما هو قومى وكل ما هو وطنى . حرب تعكس وجه العولمة القبيح .



فى تلك الحرب, كل الاسلحة مباحة . وكل الشعوب مستباحة . من اسلحة الدمار الشامل التى يلوحون بها بين الحين والاخر ومرورا بالخنق والحصار الاقتصادى ونهاية باستخدام سلاح السوشيال ميديا لاسقاط الاقتصاد الوطنى وافشال الشركات الوطنية بسطر على تويتر . يستخدم فيها الجهلاء والخونة والمأجورين والمرتزقة والفاسدين .  الكاتب السويسري جان زيجلر المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في الغذاء . قال فى كتابه الشهير . " سادة العالم الجدد، العولمة ـ النهّابون ـ المرتزقة ـ الفجّر" . لاول مرة في التاريخ تنعم البشرية بوفرة البضائع، والعالم ينوء بحجم الثروة والسلع المتاحة التي تزيد آلاف المرات عن الحاجات الضرورية لبني البشر . لكن ركام جثث البشر تتزايد هي الأخرى . والسبب هو قبض حكم القلّة المستغلة للرأسمالية العابرة للقارات على عنق العالم، رغم ان ممارساتها، وخطابها، يذهبان في اتجاه مناقض لمصالح الأكثرية الواسعة من سكان الارض . وأسباب التخلف الاقتصادي محصورة في أربعة : الجوع والعطش والأوبئة والحرب، وأسباب التخلف هذه تقضي في سنة واحدة على عدد يزيد على ما فعلته الحرب العالمية الثانية خلال سنواتها الستّ . الجوع كارثة الكوارث، وهو في العمق الشكل الأشرس والأخبث للموت . ويوميا يموت ما لا يقلّ عن مائة ألف إنسان من الجوع أو من الآثار المباشرة له .

وفي العالم ما لا يقل عن 800 مليون يعيشون في حالة خطرة من نقص التغذية . وهذا أمر غريب غير قابل للتصديق، رغم ان الإنتاج الزراعي الراهن يستطيع ان يغذى 12 مليار إنسان، أى ضعف عدد البشر الموجودين حالياً .

ومع هذا ففي العالم فقر مدقع وجوع كافر، وذلك، بإشراف بارد الأعصاب من أسياد العولمة . فالعولمة بجوانبها القاتلة لا يمكن لها ان تعيش إلا بمساعدة الفساد «فالجشع المفرط من دون حدود للأغنياء في الغرب والمتحالف مع فساد تمارسه النخبة في بلاد العالم النامي، يشكل مؤامرة ضخمة للقتل». ولكل جريمة أدوات قتل . ومن أدوات القتل في النظام العالمي الجديد الانصهارات التجارية القسرية، والعرض العام للشراء بالإكراه، وتأسيس الاحتكارات، والقضاء على الخصم بسياسة إغراق السوق، والسعي الحثيث إلى خصخصة العالم، أي تحويل الجمهوريات إلى أشباح . وصناعة النجوم فى كل المجالات . يصنعون بدراسة وعلم شعبية طاغية لهم لاستخدامهم فى اغراضهم ومصالحهم . نجوم ومشاهير صناعة آلات اجهزة الاستخبارات و الشركات العابرة للقارات . رغم ان معظم هؤلاء لا يعلمون ما وراء نجوميتهم الطاغية . وماذا يراد من نجوميتهم . وما هى الوجهة التى يتجهون اليها .  ويصنفون النجوم . نجوم الفن مغرورين ونجوم الرياضة جهلاء ونجوم السياسة مجانين اضواء . ولكل منهم استخدام . ولكل منهم تحركات وتوجهات . استخدام للترويج وللتوجيه ولاسقاط الشركات المنافسة .

 إن إسقاط الحدود بين البشر، يتسبب في الوقت نفسه في سقوط الضحايا بالملايين . فأصحاب العولمة يرون الأرض من عل، والنظر من فوق تسقط الحدود، ولا ترى، وهم بهذا لا يميزون بين الحدود الجغرافية والثقافية . الولايات المتحدة  تعتبر ان من عناصر القوة ان تبقى بلا قيود، لذا فهي ترفض توقيع اتفاقيات كثيرة تكبل قدرتها على الحركة . فقد رفضت التصديق على المعاهدة الدولية التي تمنع إنتاج وبيع ونشر الألغام ضد الأفراد، ووقفت ضد إنشاء محكمة الجزاء الدولية، ورفضت تحديد أسعار الأدوية، أى رفضت الموافقة على منح البلاد الفقيرة حرية الوصول إلى الأدوية المضادة للايدز، ولم تعترف بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الواردة في جملة حقوق الإنسان، ولم توقع على ملحق اتفاقية تحريم الأسلحة البيولوجية، رغم أنها تطرح نفسها كقائدة عالمية للحملة ضد تصنيع ونشر الأسلحة البيولوجية . والصلف الأمريكي ظهر أيضا حين سحب بوش (الابن) بلاده من جانب واحد من اتفاقية «كيوتو» التي تتضمن الخفض التدريجي والمراقبة الدولية على انبعاث ثاني أوكسيد الكربون في الجو، علما ان 24% من الغازات الملوثة تصدر من الولايات المتحدة . والانسحاب من الاتفاقية يهدف إلى توفير النفقات على الشركات العابرة للقارات، التي تصنع السيارات وتدير مصانع النفط .

كما ألغى بوش بقرار من طرف واحد معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة الباليستية، لأنها تشكل قيودا غير محتملة على صانعى الأسلحة الأمريكيين. ان اليد الخفية للسوق لا يمكن ان تعمل من دون قبضة بارزة، وقوة مفرطة . فمكدونالدز، على سبيل المثال، لا يمكن ان ينتشر من دون دوجلاس (صانع الطائرة «اف ـ17») . ان الايديولوجية الجديدة التي تحكم العالم تتخفى في جلد «تفاهم واشنطن» . هذا التفاهم عبارة عن اتفاقات غير رسمية عقدت خلال الثمانينات والتسعينات بين أهم الشركات العابرة للقارات، ومصارف وول ستريت وبنك الاحتياط الفيدرالي ومؤسسات مالية دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وصاغ المستشار الاقتصادي بوزارة الخزانة البريطانية ومستشار صندوق النقد الدولي جون ويليامسون عام 1989 قواعد هذا التفاهم . ومن بنود هذا التفاهم تخفيض الضريبة على المداخيل العالية لتشجيع الأغنياء على الاستثمار وتوسيع قاعدة المكلفين، أي إلغاء الاستثناءات الضريبية التي كان يتمتع بها الفقراء لزيادة حجم الواردات من الضرائب، والمساواة بين الاستثمارات الوطنية والأجنبية، والتفكيك قدر المستطاع للقطاع العام، وإلغاء دعم أسعار المواد الغذائية . ان الايديولوجية التي ترمي إلى إسباغ شرعية على العولمة ليست إلا عملية واسعة من الخداع .

فالأسواق الحرة ليست حرّة إلا بالاسم، وخلف هذه الكلمة يكتظّ الضحايا . ان اليد الخفية للسوق المعولمة لا تهدد البشر فقط . وإنما تهدد الطبيعة وتدمرها، وما يسببه رأس المال المتعدد الجنسيات من تدمير للغابات البكر في العالم . فالشركات العابرة للقارات تغتال الأشجار وتستبيح دم الغابات، كما ان التجمعات الزراعية الصناعية الضخمة تبحث بدأب عن أراض جديدة من أجل زيادة مساحات استثماراتها أو تكثيف نشاطها في مجال تربية الأبقار . ومن أجل هذا الغرض تحرق كل سنة آلاف الافدنة من الغابات العذراء . فبين عامي 1990 و2000 قاموا بتدمير ما لا يقل عن خمسين ألف نوع من الأنواع الزراعية والحيوانية .

أما الفساد فهو فى ازدياد ، إذ يقدّر البنك الدولي بحوالي 80 مليار دولار مبالغ مخصصة لصفقات الفساد، أما قيمة الأضرار المادية الناجمة عن سلوك الفاسدين فتبلغ أرقاما خيالية، والذين يدفعون ثمن الفساد في نهاية العملية، هم في معظم الأحوال شعوب البلاد الفقيرة . وظاهرة وبهذا المعنى، فان الفساد احد الأسباب الرئيسية لضعف الدولة الوطنية . والفساد في أي حال ليس عملية فردية بل يحتاج إلى طرفين فاسد ومفسد . والشركات الكبرى العابرة تحترم قاعدة الفساد ما دامت تؤمن لها تصريف بضائعها، وهو ما يعرف بالرشوة . الغرب منافق حين يتكلم عن الديمقراطية ونشرها في العالم، لان الإنسان الجائع لا يمكن ان يهتم بحقه في الديمقراطية، فورقة الانتخابات غير صالحة للأكل .

وبالنسبة للإنسان الأمّي ليس للحرية الصحافية أي معنى، وقبل الاهتمام بهذه الحقوق لا بدّ من تأمين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، فالجائع لا يحلم بالحرية وإنما يحلم برغيف خبز. وفى مصر هناك حرب شرسة على الاقتصاد الوطنى . فراسمالية الدولة التى تتبنى مشاريع عملاقة من اجل الحاضر ومن اجل المستقبل تتعرض لحرب شرسة . تشويه وتحقير واشاعات . الهدف منها تعطيل الاقتصاد الوطنى . وشل حركة التنمية التى تخوضها الدولة . تتلقى ضربات موجعة مؤثرة تصيب القلب ليتوقف عن النبض . لكن مصر تقاوم وتصد وتحارب . رغم وجود الخونة والجهلاء والمرتزقة . لكن مصر بقيادة الرئيس السيسى تناضل وتقاوم وتكافح وتعمل وتحارب الفساد . وستنتصر . حتما ستنتصر .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز