عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حكاية "الفقاعة" العقارية!
بقلم
محمد نجم

حكاية "الفقاعة" العقارية!

بقلم : محمد نجم

أزعجني جدًا ما سمعته عن ارتفاع سعر الوحدة السكنية في منتجع سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي إلى 110 ملايين جنيه.



ومصدر الإزعاج.. أن تلك الوحدة السكنية لا تستخدم إلا لمدة أربعة أشهر فقط في العام، وهو ما يعني «تعطيل» الأموال وحرمان المجتمع من استثمارها في أنشطة إنتاجية أو تجارية أو خدمية.

وبالطبع.. يضم المنتجع العديد من الوحدات المماثلة، وأعتقد أن الأمر لن يختلف كثيرًا في المنتجعات الأخرى بذات الساحل.

فهل هذا إسراف في غير محله، أم ينطبق عليه المثل القائل «اللي معاه قرش محيره.. يجيب حمام ويطيره»، أم أنها عمليات غسيل أموال من قبل الذين توحشت ثرواتهم بطرق غير مشروعة.. وتطاردهم الرقابة الإدارية بكل جدية؟

وللأسف.. أن بعض المقيمين في تلك المنتجعات يستفزون المجتمع بما يشيرونه من فيديوهات مصورة على النت للحفلات الراقصة التي يشاركون فيها!

وتلك «المظاهر» وغيرها من الظواهر دفعت المركز المصري للدراسات الاقتصادية لطرح السؤال المهم: هل تدخل مصر فيما يسمى "الفقاعة العقارية"، وكما حدث من قبل في كل من أمريكا وإسبانيا واليابان؟

والفقاعة العقارية- لمن لا يعلم- هي ارتفاع مستمر للعقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية، مع تعثر المشترين في السداد، فيحدث انكماش حاد في السوق قد يؤدي إلى انهياره، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبيًا على الاقتصاد ككل.

وطبقا لما أوضحته د. عبلة عبد اللطيف مدير المركز، أن الشركات العقارية تطارد المواطنين بإعلاناتها المغرية، وتعرض تسهيل إجراءات البيع بشكل مبالغ فيه، يصل إلى الحجز من دون مقدم مع التسديد للأقساط على سنوات طويلة، مع حرص البنوك على توفير التمويل لتلك الشركات.

ولم يكتف المركز برصد الظواهر المقلقة في هذا القطاع، بل عرض ما حدث في التجربة الصينية حتى لا نقع في ذات الخطأ، ففي عام 2008 رأت الحكومة الصينية أن أفضل وسيلة لزيادة الطلب في المجتمع وخلق وظائف جديدة، هو إعادة إحياء سوق الإسكان الحضري، ومن ثم ضخت فيه حوالي 4 تريليونات يوان، وكانت النتيجة زيادة السيولة في السوق الصيني، وارتفاع أسعار العقارات بصورة كبيرة، بسبب توجه أغلب المستثمرين المحليين لهذا السوق باعتباره الأسرع نموًا والأكثر ربحًا، وكانت النتيجة زيادة المعروض عن الطلب وظهرت عندهم ما يسمى مدن الأشباح التي لا يسكنها أحد، فضلا على تأثير ذلك سلبيا على الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وهنا اضطرت الحكومة الصينية لإخراج الشركات الحكومية من هذا السوق، كما وضعت شروطًا لتمويل البنوك للشركات الخاصة العاملة فيه.. وبمرور الوقت تمكنت الحكومة الصينية من وقف انفجار البالون!

وأين مشكلة مصر؟ في الحقيقة ومن خلال مناقشات الندوة التي عقدت والتي شارك فيها العديد من المختصين في هذا القطاع، فمصر لم تدخل في المشكلة حتى الآن.. لعدة أسباب.. منها أن التعامل في هذا القطاع يتم من خلال «الكاش» وليس عن طريق الائتمان.. خاصة من الأفراد المشترين للوحدات المعروضة.

ومنها أيضا أن الدولة تبني مجمعات سكنية لمحدودي الدخل، والطبقة الوسطى، بأسعار التكلفة، وبشرط الإقامة في الوحدة لمدة سبع سنوات على الأقل قبل التصرف فيها.

لكن في ذات الوقت- هناك بعض الظواهر المقلقة، ومنها أن 25% من العقارات السكنية في مصر شاغرة، وغير مستغلة، وقيل في ذلك إن المصريين يستخدمون العقار «كمخزن للقيمة» ويضعون فيه مدخراتهم.. لأنه لا يأكل ولا يشرب!

ومنها أيضا أن هيئة المجتمعات العمرانية بدأت ومنذ عام 2004 في بيع الأراضي المخصصة للبناء في مزادات علنية، ما رفع أسعار العقارات بحوالي 40 ضعفًا، حيث تمثل الأرض حوالي 50% من تكلفة العقار.

ومنها أن الشركات العقارية الكبرى تبني لحوالي 10% فقط من المصريين، وهم الأكثر غنى والأضخم ثروة! والأهم من كل ذلك أن ما نراه من مظاهر نمو سببه عمليات البيع الأولي (الحجز) وليس البيع النهائي، والأخطر من ذلك أن العاملين في القطاع غير الرسمي هم الأكثر إقبالا على شراء تلك الوحدات مرتفعة الثمن!

وبالطبع كان الخلاف واضحًا بين الاقتصاديين المهمومين بأحوال البلد ككل وبين الإخوة العقاريين المدافعين عن نشاطهم.. خاصة أن ممثلي البنوك أوضحوا أنه لم يحدث أي تعثر في السداد حتى الآن.

وبالطبع أيضا لا بد من استمرار النشاط العقاري باعتباره قاطرة التنمية- كما يقول العاملون فيه- حيث يرتبط بأكثر من 90 مهنة أخرى.

ومن ثم لا بد أن تتجه تلك الشركات الكبرى إلى التوسع في الإنشاءات الخدمية.. كالمستشفيات والمدارس والمباني الإدارية والتجارية، والأهم أن تخرج من نطاق القاهرة الكبرى والمنتجعات السياحية إلى المحافظات وأن تبني ما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين فيها، وأن تسعى إلى ما يسمى "التصدير العقاري"، الذي يصل بحجمه في العالم إلى حوالي 300 مليار دولار سنويا، ورصيدنا منه صفر حتى الآن، وأن تحاول الدولة تخفيض أسعار الأراضي المخصصة للبناء تمهيدًا لخفض التكلفة على المواطنين.

مع إعادة توزيع الأدوار وتحديدها لكل الشركات العاملة في هذا القطاع.. عامة أو خاصة.

والخلاصة.. أننا لم ندخل ولن ندخل فيما يسمى بالفقاعة العقارية.. في ظل الزيادة السكانية المطردة!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز