عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الشهيد الساطع والرئيس الوفي

الشهيد الساطع والرئيس الوفي

بقلم : أيمن عبد المجيد

"إن كان بابا من غير عينين تشوفك، يا ابني، فمصر كلها عيون بابا، ما تخفش يا ابني مصر كلها باباك، ما تخفش يا ابني بلدنا حلوة، حلوة، حلوة، قول تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر".



ردد الطفل الذي لم يتجاوز عمره خمس سنوات، خلف والده "تحيا مصر".

"خلوا بالكم من مصر"، كانت تلك هي الرسالة، والوصية، والحوار الذي دار في مطار القاهرة، بين الشهيد الساطع نوره الوطني، وطفله الذي استقبله حاملًا علم مصر.

كان عائدًا، في 2014، من رحلة علاج خارج البلاد، فاقدًا للبصر، "ساطع البصيرة"، عندما استقبلته قيادات وزارة الداخلية، ووفد شعبي حاملًا الأعلام المصرية.

ما أن خطت قدماه سلم الطائرة، حتى خر ساجدًا شاكرًا الله عز وجل، وما أن رفع جبهته، حتى قال عبارته البليغة: "الحمد لله إني شفت مصر تاني"، يقول "شفت مصر"، فهو وإن فقد بصره، يرى بنور بصيرته.

وتابع: "60 يومًا قضيتها في غيبوبة، كنت أقرب إلى الموت، وفجأة، ردني الله إلى الحياة، كلمتان وجدتهما يطرقان ذهني، خلوا بالكم من مصر".

لحكمة قدر الله، أن يسير شهيدًا، بين الأحياء، يبعث إليهم بالرسائل، فهذا الشهيد العقيد "ساطع النعماني"، استشهد فعليًا، 2 مايو 2013، يوم أن أصيب بطلق ناري في فمه، في مواجهة مع عناصر جماعة الإخوان الإرهابية في منطقة بين السرايات.

الرصاصة التي أصابته في فمه، لم تخرج بل انفجرت داخله، فقطعت عصب البصر، وخر مغشيًا عليه، نقلته الدولة المصرية، للعلاج بالخارج، ظل فاقدًا الوعي 60 يومًا، حتى بعثه الله من جديد.

أعاد الله إليه وعيه، ليكون الشهيد الحي بيننا، يعلمنا كيف تكون التضحية، والصبر، والرضا، والثقة بالوطن والثبات على الموقف.

لم يضجر، ذلك الذي أفاق فوجد نفسه بلا بصر، لم ييأس بعد أن بات يتحدث بصعوبة، بل بالعكس كان ينطق سلاسل من ذهب، لم ييأس، بل كان أصلب من الصخر في الثبات على الموقف.

عندما كانت تطلبه القنوات الفضائية للظهور في برامجها، كان يقول: "لست نجمًا سينمائيًا، لم أفعل شيئًا، أديت واجبي".

عندما فقد نور بصره، قال لطفله وهو يحاوره، في أول لقاء لهما بعد الحادثة، في مطار القاهرة: "إن كان بابا من غير عينين تشوفك، يا ابني، فمصر كلها عيون بابا، ما تخفش يا ابني مصر كلها باباك، ما تخفش يا ابني بلدنا حلوة".

اليوم استُشهد، العقيد النعماني، في رحلة استكمال العلاج بلندن، لكنه ترك بداخلي سؤالًا، عن حكمة تأجيل الرحيل، لعلها كانت الرسالة، فترة سطوع الشهيد، ليقدم لنا الدرس، نجح في اختبار الحياة، أستاذ في مدرسة الوطنية، عاد إلى الحياة، فإذا به أكثر حرصًا على التضحية، أكثر قدرة على الفداء، أكثر فخرًا بما قدم.

شهيد ساطع نجمه، له من اسمه نصيب، نعم يا فخر مصر، ومفدي الوطن، مع قافلة الشهداء، مصر كلها عيونك، وابن الشهيد هو ابن مصر، حقًا، مصر "حلوة" بك، وبأبطالها على مر العصور، الذين ضحوا من أجل أمنها وسلامة شعبها، ومن على دربكم سائرون.

مصر "حلوة"، بوفائها لشهدائها، وأبطالها، فقد أطلق الرئيس السيسي، في لمسة وفاء اسم الشهيد "ساطع النعماني"، على ميدان النهضة.

هناك في هذا الميدان، حيث كان اعتصام التنظيم الإرهابي الإخواني، يُخطط لهدم الدولة، ويُطلق النيران، هناك في هذا المكان، حيث تمثال النهضة الشاهد، في مواجهة جامعة القاهرة، سيواصل اسم الشهيد النعماني سطوعه.

من ميدان الشهيد ساطع النعماني، سيمر الآلاف من أجيال مصر، ذهابًا وإيابًا، إلى جامعة القاهرة، ستظل سيرتك يا بطل، تُعطر المكان، وتنقل العبرة للأجيال القادمة، تُسجل صفحة من تاريخ البطولة، وبئس مثوى التنظيم الإخواني الإرهابي.

سيظل نجم الشهيد "ساطع"، بما قدمه من تضحية، وما سطره من ثبات، وسيظل درس الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمام أعين الجميع، مصر وفية، لأبطالها، ترعاهم أحياء، وتكرمهم إذا ما قدر الله لهم الارتقاء إلى واسع رحمته.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز