عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مُعلِّم الإنسانية

مُعلِّم الإنسانية

بقلم : محسن عبدالستار

"إن الذين بهرتهم عظمته لمعذورون".. فهو المعلم، عظيم الشأن، عالي الجاه، الذين فدوه بأرواحهم، هم الفائزون حقًا، أي سر توافر له، فجعل منه إنسانًا يشرف بني الإنسان.. إنه النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- الذي دائمًا يأمر الناس بالخير، وهو أول من يأتيه، وينهاهم عن الشر وهو أول من يبتعد عنه.. وكيف لا وهو الذي أتى إلى الحياة ليعطي ولم يأخذ.



سيد البشر، الذي زكى سيادة العقل، وقضى على سياسة القطيع، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور.

كانت الرحمة بين الناس منهجه وحياته كلها، والعدل شريعته، يطبقه بين الناس وعلى أقرب الناس إليه، فأحبه البعيد قبل القريب، وكانت مشكلات الناس همه الأول حتى تُحل.

يقف مع الضعيف حتى يأخذ له حقه من القوي، إنه الرسول الكريم، حبيب الرحمن، الإنسان الأول الذي بلغ سدرة المنتهى، ولم يزغ بصره، فلم يتكبر على الناس، بل كان متواضعًا بينهم، يسعى إليهم ناصحًا وموجهًا.

هو الإنسان الوحيد الذي أقسم الله بعمره الثمين، النبي الوحيد الذي ما خاطبه الله باسمه قط، بل بلقبه النبوي والرسالي، فقال "يا أيها النبي"، و"يا أيها الرسول".

هو الرسول الأُمي الذي ملأ الدنيا فضلًا، ونقل الهدى إلى الأرض كلها.

كان منذ نشأته طفلًا صغيرًا متواضعًا، وكان حين يدعوه أقرانه من الصبية للهو واللعب معهم، يرد عليهم قائلًا: "أنا لم أخلق لهذا".

وحينما جاءت للنبي الكريم رسالة الهدى، وحمل أمانة التبليغ، دعته زوجته لأخذ قسط من الراحة، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "انقضى عهد النوم يا خديجة".

ولما دانت- للرحمة المهداة- الجزيرة العربية كلها من أقصاها إلى أقصاها، وقف في الناس خطيبًا وقال: "من أخذت منه مالًا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت جلدت له ظهرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أسأت له فيطلب ما يريد".. يقول هذا وهو في أعلى درجات القوة.

كان عليه السلام قمة في الكمال، وحينما وصفه الله عز وجل قال: "وإنك لعلى خلق عظيم".

حقًا، لقد خلق الله البشر، ليكونوا على شاكلة محمد- صلى الله عليه وسلم- فبينما كان النبي الكريم عليه السلام، جالسًا بين أصحابه، إذ برجل يسمى زيد بن سعنة، وهو من علماء اليهود، يدخل عليهم، واخترق صفوف الصحابة حتى وصل إلى المكان الذي يجلس فيه عليه الصلاة والسلام.. وجذب النبي الكريم من مجامع ثوبه وشده شدًا عنيفًا.

وقال له بغلظة: "أوفي ما عليك من الدين يا محمد.. إنكم بنو هاشم قوم تماطلون في أداء الديون!".

وكان الرسول عليه الصلاة والسلام، قد استدان من هذا اليهودي بعض الدراهم، ولكن لم يحن موعد أداء الدين بعد.

فقام الفاروق عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وهز سيفه، وقال: ائذن لي بضرب عنقه يا رسول الله. وهنا يظهر حلم الرسول الكريم، الرحيم بأمته، فقال الرسول لعمر: "مُره بحسن الطلب ومُرني بحسن الأداء".

فقال اليهودي: "والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لأطلب منك دينًا، إنما جئت لأختبر أخلاقك، فأنا أعلم أن موعد الدين لم يحن بعد، ولكنني قرأت جميع أوصافك في التوراة فرأيتها كلها متحققة فيك، إلا صفة واحدة لم أجربها معك.. وهي أنك حليم عند الغضب، وأن شدة الجهالة لا تزيدك إلا حلمًا.. ولقد رأيتها اليوم فيك".

سبحان من جعل المؤمنين به يزيدون ولا ينقصون، وهو من يهتف بهم صباحًا ومساء: "لا أملك لكم نفعًا ولا ضرًا.. ولا أدري ما يُفعل بي ولا بكم".

سلام عليك في يوم مولدك يا حبيب الله وخاتم المرسلين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز