عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر في عقل ووجدان البابا.. ومواقف لا تنسى

مصر في عقل ووجدان البابا.. ومواقف لا تنسى

بقلم : جميل كراس

مواقف لا تنسى في حياة (البابا تواضروس)



الدين لله.. والوطن للمصريين

 

جاء في وقت صعب للغاية في ظل ظروف عاتية أو غير طبيعية وتوقيت كان الأخطر في تاريخ مصر وبما كان متصدرا لمشهد به الكثير من القتامة أو الضبابية والوطن يمر بعدم الاستقرار، وفي مفترق الطرق عقب انفلات أمني وفوضى لم يكن لها مثيل أو تعرفها البلاد من قبل.

ورغم ذلك فقد كان قدوم (البابا تواضروس) كـ"بابا" مصدرا للتفاؤل والسعادة، وبعد اختياره ليخلف البابا شنودة الثالث الذي تنيح أي (استراح من عالمنا الفاني) وقد كان البابا تواضروس يحمل اسما علمانيا من قبل وهو الطبيب الصيدلي (وجيه صبحي باقي) والذي عمل لفترة وجيزة في مجال تخصصه لكنه استقال ولجأ إلي حياة الرهبنة داخل دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وبعد مشوار حافل مع عالم الرهبنة حيث الخلوات  والهدوء والصلوات التي لا تتوقف جاءت العناية الإلهية باختياره بطريركًا للأقباط المسيحيين من الأرثوذكس  في مصر وسائر الدنيا وبات علي سدة الكرسي المرقسي الرسولي وليحمل الرقم 118 في تاريخ البطاركة، وكان ذلك في نوفمبر 2012.

شخصية (البابا تواضروس) تتسم بالهدوء والتعمق في الحياة التي تعبر عن مسيرة العطاء والخيرة التي يتبعها مذ جلوسه على الكرسي الباباوي فمن خلال رؤيته وآرائه المعتدلة تراه دائما وأبدا منحازا لوطنه مصر قبل أي شيء آخر.

وسلوكياته تتسم بالحكمة وبثقة لا تتزعزع أبدا واضعا مصر التاريخ والجغرافيا، مثل قرة عينه أو ضمن أولوياته سواء داخل عقله أو في أعماق وجدانه، وهي الوطن الذي يحتضن المصريون في سلام ومحبة وتآخي قائلا جملته الشهيرة والمعبرة وطن بلا كنائس خير من كنائس دون وطن.

 

عصا الرعاية

 تسلم البابا تواضروس عصا الرعوية (الرعاية) للكنيسة المصرية الأرثوذكسية ودول المهجر وكراع للرعاة في ظروف غاية في الصعوبة أو قل هي غير طبيعية بالمرة، كانت فيها مصر تمر بمرحلة مخاض متعثرة في ظل تربص واستهداف عدائي ما بين مؤامرات دولية ومنظمات إرهابية المية استهدفت تفتيت الوطن والنيل من سلامة أراضيه.

 لكن البابا تواضروس تصدي لهذه المؤامرات بطريقته الخاصة وكان أكثر الحريصين علي رأب الصدع رغم حالات الإرهاب الممنهجة ضد المسيحيين والكنائس وعبر عن ذلك بأن مصر هي المستهدفة وليس أقباطها المسيحيين وما بين حوادث لم تتوقف من حرق للكنائس وتدميرها وإرهاب مقترن بالقتل وسفك الدماء لإحداث فتنة بالبلاد ووقيعة بين أبناء الوطن كان يقظا لهذه المؤامرات الدنيئة وعلق بأن الجسد وهو الوطن قد يمرض لكنه لن يموت ومعللا أيضا بأن (حاكم نفسه خير من حاكم مدينة أو بلد..) مدركاً بأن ما تمر به البلاد مرحلة سوف تنتهي إلى ما فيه الخير لمصر وأهلها (ولأن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله).

 فلا يستطيع أحد أن يفرق بين أبناء الوطن الواحد حادث هنا أو هناك تدير دفتها أجندات خارجية معادية وداخلية تستهدف أحداث الفوضى بالبلاد وزعزعة استقرار الوطن وإسقاط الدولة.

 قداسة البابا، بدأت مهامه الرسمية بالتوازي مع ذروة الأحداث المؤسفة وتداعياتها الخطيرة التي شهدتها مصر عندما استولت جماعة الإخوان الإرهابية علي مقاليد حكم مصر في غفلة من الزمان وهم يستميتون لأخونة كل مؤسسات الدولة لكنهم فشلوا فهم النبع الأصيل من الغدر والخيانة والتآمر وبيع تراب الوطن.

 جماعة إرهابية دأبت علي ارتكاب الحوادث الإرهابية والقتل والدمار، وإشاعة الفتن وإحداث وقيعة بين المصريين في محاولة يائسة منهم لتفتيت وحدة الوطن.

لكن الله المولى القدير حفظ مصر وناسها وخيب كل أهدافهم الدنيئة ورد عليهم بغيتهم إلي غير رجعة كانت قمة الأحداث قد تجلت بقوة من خلال تعرض الكاتدرائية الكبرى بالعباسية والمقر البابوي للاعتداءات والضرب بالرصاص ومحاولة إشعال الحرائق داخلها بهدف التخويف وترويع جموع المواطنين من أقباط مصر. ولكن الله سبحانه وتعالى أراد غير ذلك، وارتد إلي قلوبهم المريضة.

 كذلك تعرض مسيحيو مصر على يد الجماعات المارقة الإرهابية، التي لم تحدث من قبل في تاريخ الكنيسة ما بين الحرق المتعمد والتفجيرات المخطط لها داخل الكنائس أو خارجها وخير دليل ما حدث داخل الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية وما تلي ذلك من تفجيرات وأحداث عنف أمام المقر الباباوي والكنيسة المرقسية بالإسكندرية وكاتدرائية مار جرجس بطنطا والمصابين، نتيجة هذه الأعمال الإرهابية الخبيثة التي لا يقرها أي عقل أو عقيدة.

 كان البابا يتعامل مع هذه الأزمات بكل ثبات وفكر متعقل بعيدا عن أي انفعال أو مؤثرات خارجية ملتزما بهدوئه المعتاد مستخدمًا صلواته وحكمته في الحفاظ على وحدة مصر، وتماسكها وهو يعلم بأن الهدف ليس الأقباط المسيحيون وحدهم لكن الغرض زرع روح الفتنة وتعريض الوطن للخطر وكان يردد الله وحده قادر أن يحفظ مصر وشعبها من أي سوء.

 وبحكمته أيضا كان يحتوي كل الذين فقدوا أهلهم وذويهم وأبنائهم وأخوتهم من جراء الأعمال الإرهابية معبرًا بأن كنيسة مصر تعرف بكنيسة الشهداء على مدار الزمن والتاريخ.

 ومعه أيضا اختفت تلك الأصوات المرفوضة التي تخالف الأصالة المصرية وجذورها العميقة الضاربة في عمق التاريخ الإنساني أو هؤلاء الذين يتصفون بالغوغائية ويطالبون بالاستقواء بالخارج ضد مصر ومحاولة إحراجها في الخارج.

ولكن الأمر انتهي بحكمة البابا وانتهت تلك المظاهرات الاحتجاجية لمن يسمون أنفسهم بأقباط المهجر، مؤكدا بأننا كلنا مصريون، يد واحدة تعمل بروح الفريق الواحد من أجل مصر بعيدًا عن أي تدخلات من أحد أو أية جهات خارجية تريد الصيد في الماء العكر.

 

 حتى لا ننسى

 فلا ينسي أي مصري أو مصرية المناظر البشعة أو تلك المشاهد الوحشية، التي تمر بثها من خلال التنظيم الشيطاني المسماة (بداعش) لمصريين من الأقباط  يساقون إلي الذبح في مشاهد غير آدمية، بقتل عدد من المصريون الذين يعملون في الأراضي الليبية.

 فالهدف هنا كان واضحاً للجميع في محاولة شق صف المصريون وإحداث الفتنة بين الشعب فما كان من الرئيس عبدالفتاح السيسي بقراره الجريء والشجاع بالرد علي هذه العملية والثأر لشهداء الوطن في ليبيا، حتى قبل أن يجف دماء هؤلاء الشهداء.

 وكم كان مؤثرًا أن نري الشعب المصري وهو يصطف معًا ضد قوي الشر والإرهاب والعقول الظلامية المتطرفة فلا فرق بين محمد أو جرجس وبين بولس ومصطفى أو بين زينب وكريستين.. فكلنا مصريون من نبت واحد ننهل من هذه الأراضي الطيبة ونيلها الخالد.

 وفي كل هذه الأمور أو التداعيات لم يتطرق قداسة البابا تواضروس، سواء من قريب أو بين بما يثير النفوس أو يحمل الضغائن فمصر دائما هي المسلمين والمسيحيين حتي نهاية العالم وزوال الدنيا.

 ولذا ونحن علي أعتاب عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح واحتفالا بالعام الميلادي الجديد 2019 نقول لقداسة البابا تواضروس، وشعب مصر مسلمين وأقباط كل عام وبلادنا في خير لاسيما وأن مجيء السيد المسيح غلي العالم  قد جاء برسالة فرح ومحبة وسلام إلي الجميع وبعيدًا عن أي فكر متطرف ظلامي يشيع روح البغض والكراهية والقتل وحليفهم الشيطان وليتنا نتذكر دومًا كما قيل في الكتاب المقدس من خلال سفر أشعياء (مبارك شعبي مصر) وكذلك ذلك القول الجميل (طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون)، من الإصحاح الخامس من إنجيل متى، العدد رقم 9 وكما ذكر أيضاً بالقرآن الكريم (ادخلوها بسلام آمنين) وتحيا مصر.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز