عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مواجهة لا بد منها.. لماذا صفق الصحفيون بشدة؟

مواجهة لا بد منها.. لماذا صفق الصحفيون بشدة؟

بقلم : أيمن عبد المجيد

لن أتحدث عن كون هذا المؤتمر تاريخيًا، لأنه الأول من نوعه على مستوى القمة، أو أنه استثنائي، كونه يجمع القادة العرب والأوروبيين، لمناقشة تحديات مشتركة هي الأخطر، إرهاب، ونزاعات، وهجرة غير شرعية.



بل سأتطرق معك، للكواليس المثيرة، الموّلدة للتساؤلات، المحفزة على البحث عن إجابات، ودلالات.

في المؤتمر الصحفي، الذي أعقب الكلمة الختامية، صرح أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية، بأن الجامعة، دعت لأن تكون النقاشات في الجلسات العامة للقمة العربية- الأوروبية علنية، يحضرها وسائل الإعلام، إلا أن الرفض جاء من الاتحاد الأوروبي، الذي تمسك بأن تكون الجلسات مغلقة.

ولا شك في أن التنظيم يكون شراكة، بين الدولة المُضيفة، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، بما يعني أن مصر والجامعة تبنتا الدعوة لعلنية النقاشات، التي تجرى بين القادة العرب والقادة الأوروبيين، في قضايا بالغة الأهمية، بينما الرفض جاء من الاتحاد الأوروبي.

أبو الغيط قال ذلك في حضور الإعلاميين العرب والأوروبيين، وأمام دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، وجان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، ولم يعترضا، أو يصدر عنهما تعقيب، الأمر الذي يؤكد ما صرح به أبو الغيط.

والسؤل هنا، لماذا طالبت مصر والجامعة العربية، بالسماح للإعلام العربي والغربي الكثيف بحضور النقاشات؟

والسؤال الأهم لماذا رفض قادة الاتحاد الأوروبي؟!

وكيف يرفض الاتحاد الأوروبي، المنشغل بحرية الإعلام وحقوق الإنسان، حق الرأي العام في المعرفة، وحق الإعلام في أن يراقب عن كثب النقاشات، ويخرج بانطباعاته وتغطياته؟!

الأهم.. طرح الزميل مندوب وكالة الأنباء الألمانية، سؤالًا، انطلاقا من أن الجلسات المغلقة، شهدت تركيز القادة الأوروبيين على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وحتمًا استقى ذلك الزعم من أحد مصادره من قادة الاتحاد المشاركين في الاجتماعات المغلقة.

وهم ذاتهم قادة الاتحاد، الذين رفضوا حضوره، وغيره من الإعلاميين للنقاشات، وهو الأمر الذي- على ما يبدو- دفع أبو الغيط للتصدي بالرد على هذا السؤال، بتأكيد أنه لا يوجد من بين قادة أوروبا من تحدث عن أوضاع حقوق الإنسان في دولة بعينها، بل في سياق عام، ينطبق على جميع الدول العربية والأوروبية.

وتحدى أبو الغيط، قائلًا: "أقول ذلك أمام السادة، توسك ويونكر"، ليبادر الاثنان اللذان لم يعقبا على معلومة، رفضهما حضور الإعلام، بتأكيد أنهما تطرقا في جزء من نقاشاتهما لوضعية حقوق الإنسان.

أبو الغيط لم ينف ما أكداه، فالرجل قال: جرى حديث عام دون اختصاص دولة، بعينها، وربما هذا ما جعله يتصدى للإجابة كأمين عام لجامعة الدول العربية، وليس الرئيس السيسي، فلم يوجه حديث في الاجتماعات المغلقة عن مصر تحديدًا.

هذا يعود بنا للسؤالين الأول والثاني: لماذا طالبت مصر والجامعة العربية بـ"العلنية"، ولماذا رفض الاتحاد الأوروبي؟

في اعتقادي، أن قادة الاتحاد الأوروبي، تعمقوا في قراءة واقع الوضع العربي، وطالتهم نيران النزاعات في بعض بلدانه، وأدركوا التحديات التي تواجهه، فبات من غير اللائق التشدق بشعارات الحريات وحقوق الإنسان، في ظل محاولات هدم بنيان الدول.

لكن قناعتهم تلك، لا يستطيعون الإفصاح عنها لناخبيهم وشعوبهم التي لم يتوافر لديهم معرفة وإلمام وتقديرات للموقف، تجعلهم أكثر استيعابًا للتحديات، ومن ثم فإن قادة أوروبا- لحسابات انتخابية وسياسية- يجدون أنفسهم مضطرين لاستهلاك تلك المناوشات الحقوقية، والاتهامات المعلبة للدول العربية، لإرضاء منظماتهم الحقوقية وقواهم السياسية.

هذه القناعات الجديدة، أو إن جاز التعبير، العجز عن مقارعة دول مثل مصر في حجتها، وعلى الجانب الآخر اضطرارهم لمجاراة ناخبيهم؛ جعلهم في مأزق التناقض بين القناعات والشعارات، ومن ثم لن يستطيعوا في جلسات النقاش التطرق إلى الحديث عن حقوق الإنسان، وبالتالي سيكون موقفهم ضعيفًا أمام إعلامهم، فقرروا أن تكون الجلسات مغلقة بلا إعلام، على أن يطلقوا تصريحات أو تسريبات تُشبع رغبات ناخبيهم فيما بعد.

ليست هذه هي القضية الوحيدة المحرجة لهم، بل الأهم الموقف من الصهيونية العالمية، ممثلة في نقاشات القضية الفلسطينية، فالواقع أن الغرب المتشدق بحقوق الإنسان، يتجاهل حق الإنسان الفلسطيني، في وطن مستقل، وفي الحياة أمام آلة قتل صهيونية، تحصد يوميًا أرواح الشهداء.

يتجاهلون حقوق الشهداء من المدنيين والعسكريين، الذين يستهدفهم الإرهاب يوميًا، ذلك الإرهاب الذي يجد له من الدول من تمول وتوفر الملاذات الآمنة.

هذا التناقض، في الخطاب والمفاهيم، دفع البعض في النقاشات عن الإعلام، بينما مصر خطابها واضح ثابت في السر والعلن، رؤيتها لا تحيد عنها، ومن ثم من مصلحتها بث جميع النقاشات، لا سيما أن القمة فرصة كبيرة لمخاطبة العالم عبر حشود الإعلاميين الأجانب المشاركين.

مصر من مصلحتها والعرب "العلنية"، لشرح رؤيتها للعلاجات الجذرية، ومسؤولية كل طرف في مواجهة التحديات.

لذلك كان رد الرئيس عبد الفتاح السيسي، قاطعًا، ومباشرًا، عندما قال: "إن الأولوية في أوروبا تحقيق الرفاهية والحفاظ عليها، أما في بلادنا فالحفاظ على بلادنا، ومنعها من السقوط والخراب والانهيار، كما ترون في دول كثيرة مجاورة لنا، ولذا الأمر مختلف، ولا بد أن نتفاهم ونعلم أن الأولويات والأهداف، وإن كانت مختلفة، لكن هناك قواسم مشتركة، ولا يمكن أن نغفل عما يحدث في المنطقة العربية من تداعيات وتأثيرها، ولا يمكن فصل الواقع المصري الذي كان من الممكن أن يكون مثيلًا لذلك".

وواصل الرئيس حديثه: "من فضلكم حينما تتحدثون عن الواقع في بلادنا لا تفصلونه عن المنطقة، وما يحدث فيها، وهذا لا يعني التجاوز في حقوق الإنسان، وده مش كلام سياسي عشان أرضي الجانب الأوروبي، لكن عشان تتفهموا إن شرم الشيخ التي تتواجدون بها قد تتحول بعمل إرهابي واحد إلى مدينة أشباح، وأنتم تقولون إنها رائعة وجميلة، وبها أماكن لاستقبال مئات الآلاف من البشر للاستمتاع بالطبيعة والجو والمناخ، وهذا يوفر دخلًا لمصر والمصريين العاملين بهذا القطاع، لكن لو حدث حادث إرهابي واحد لتحولت لمدينة أشباح لـ3 أو 4 سنوات، ولذلك حجم التحدي في مصر ومجابهته كبير".

قالها الرئيس صريحة مباشرة، "لن تعلمونا الإنسانية، نحن لدينا إنسانية وقيم، نواجه الإرهاب دون الخروج على ضوابط القانون".

صفق الإعلاميون بشدة لرئيس مصر، فجاء تعليق توسك رئيس المجلس الأوروبي، "أنا أقدر تمامًا حماس الإعلام الذي أعربوا عنه، إنه من المستحيل أن نحصل على مثل رد الفعل هذا في أوروبا، أهنئك على هذا"، موجهًا حديثه للرئيس السيسي.

القمة كانت للحوار والنقاشات، لا لفرض الإرادات، تعزيز المشتركات، وقد حققت إنجازًا كبيرًا، ومن بين إنجازاتها أنها كانت "كاشفة".

أتعلمون أيها السادة قادة الاتحاد الأوروبي، لماذا صفق الإعلاميون بشدة وحدة؟! لما لمسوه من صدق، وتعبير عن واقع، لتُطابق ما يُقال في السر مع العلن، لوضوح وقوة الحُجة المصرية، لمعايشتنا اليومية لآلام أسر الشهداء، والمصابين بلا ذنب، وآخرهم سيدة عظيمة لا تعلمونها، تُدعى "حلاوتهم"، السيسي أرادها "علنية"، وأردتموها "بلا إعلام"، لذلك عزيزي توسك، مستحيل أن تجد مثل هكذا ردة فعل في أوروبا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز