عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أسوان «قادش والسد والعاصمة الأفريقية»

أسوان «قادش والسد والعاصمة الأفريقية»

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

عندما كان أطفال مصر يتابعون «بكار» الصبى النوبى الأسمر الجميل بمغامراته البريئة، أدركوا أنه من بلاد الذهب معدنا وأخلاقا وبحثوا فى خرائط القطر المصرى أين هو بيت صديقهم المحبوب «بكار» ليطل عليهم برأسه الجميلة التى تحمل طاقيته المزركشة بألوانها المبهجة ليعلمهم أنه فى الجنوب وسوف يأتونه يوما عندما يصيرون شبابا وتمر الأيام سريعا ليتحقق الوعد وتصير أسوان بلد بكار عاصمة لكل شباب الوطن العربى الكبير والقارة الأم السمراء أفريقيا، أتينا اليوم جميعا شبابا وكبارا ندق على باب أبوسمبل ونرفع رأسنا للسد العالى ونشيد بالعاصمة الأفريقية لتكون شاهدا على الأمان والاستقرار. 




لقد اختار الله أسوان لتكون مدينة ذات دلالات تاريخية متجددة لا تقف عند حدث بعينه ولكن تاريخها مستمر يجرى معها مثل ماء النيل فى أرضها، ولعل ليوم السبت ذكريات فى تاريخ هذه المدينة العريقة فعندما كنّا أطفالا تغنينا بأنشودة تقول (9 يناير يوم السبت أول يوم فى تاريخ المجد) وكان المقصود هو تاريخ وضع حجر الأساس لبناء السد العالى فى هذا اليوم من عام 1960 والذى استمر البناء فيه لمدة ثمانى سنوات بأياد وسواعد مصرية صميمة، ومازال السد يحميه الله بعنايته وبالصيانة المتجددة التى تجرى عليه بصفة مستمرة .

إنه «السد العالى» الذى أمّم من أجله الزعيم ناصر (قناة السويس) ليبنيه من عائدها بعد أن رفض البنك الدولى إقراضنا لبنائه وأعلنت أوروبا وأمريكا الحصار الاقتصادى على الشعب المصرى وتحملناه بصبر وجلد، وتحمل أهالينا الكرام أبناء النوبة التهجير من أراضيهم لبناء السد الذى ينتفع به كل القطر المصرى، وبعد 59 عاما يأتى سبت جديد هو 16 مارس ليحيى السد ضيوف مصر الكرام معززين فى بيتهم وعاصمتهم التى تم اختيارها بعناية شديدة ليكون وادى النيل ممر التكامل العربى الأفريقى. 

ولأنها مدينة (الشواهد) على أمجاد المصريين وانتصاراتهم التى سجلها الأجداد حتى لا تندثر ولا تنسى فهناك أهم شاهد تاريخى على أهم معركة حربية قديمة انتصر فيها الجيش المصرى بقيادة رمسيس الثانى فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد على الحيثيين فى مدينة (حُمُّص) بسوريا إنها (قادش) الذى أرخ لها وشيد من أجلها نصب دائم للتذكرة هو معبد (أبو سمبل) فى جنوب الوادى المصرى (أسوان) والذى هو عبارة عن معابد مزدوجة تحكى تاريخ الأجداد فى سيمفونية ممتدة حتى (معبد فيلة) ليكون هذا النصب التاريخى احتفاء للملك المنتصر والملكة (نفرتارى).

وقد استمر التشييد لهذه القيمة الأثرية المتحدثه باسم أمجادنا لمدة عشرين عاما إلا أنها قد تعرضت هى الأخرى لأزمة بسبب المياه الجوفية التى كادت تعصف بالمعبد وبالأثر الذى يحكى الأمجاد كان ذلك عام 1964 و الدكتور ثروت عكاشة وزيرا للثقافة وقتذاك فقام بجولات مكوكية من أجل إنقاذ معبد أبوسمبل وصال وجال حتى يثبت أحقية المعبد فى أن يتبرع العالم كله لإنقاذه كونه أحد المواقع الأثرية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمى وأيضًا مصر أصدرت طوابع تبرعات من أجل إنقاذ تراث أجدادنا كانت توزع علينا ونحن أطفال فى المدارس ونتباهى بشرائها وقد استمر إنقاذ المعبد 4 سنوات وكانت تكلفة هذه العملية 40 مليون دولار وقتها.

هذا المعبد الشاهد على انتصار معركة حربية مهمة وكبيرة فى تاريخ حروبنا التى اجتزناها بجدارة لحماية الوطن العربى من أى معتد أو متربص ، مدينة أسوان النقية على الدوام هى التسجيل الوفى لكل عصور مصر كانت مهد الحضارة الفرعونية ومدينة أهلنا النوبيين الأوفياء وكانت الاختيار الأوفق لناصر لبناء السد الذى أنار كل قرى مصر وأمد مصانعنا بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل صناعتنا الثقيلة من حديد وصلب وخلافه، وإليها نقل السادات مطارات مصر العسكرية وكلياتها الحربية ليحميها من بطش العدو الغاشم حتى جاء اليوم ليكون جيشنا وطائراتنا الجسر العابر فى معركة الانتصار أكتوبر73.

وفى أسوان كان يذهب ليعقد جلسات العمل من أجل التفكير فى سلام يعصم مصر من استنزاف مواردها فى القتال وفقد الأبناء الشباب، فيها توصل لصيغة السلام وجعلها منتجع اللقاءات حتى تم لنا استرداد سيناء فصارت شرم الشيخ الشاهد على انتصار فكره وسعيه للسلام ولكن أبدا لم ينس الحبيبة أسوان التى كانت خير من حفظ السر واللقاءات حتى خرجت إلى العلانية وهجرت الكتمان، وها أنت الوفية أسوان، ومن شرم الشيخ عاصمة السلام أتتك البشرى من منتدى شباب العالم لتتويجك عاصمة للشباب العربى والأفريقى لتستعيدى  ولتحتضنى أبناء العرب والوادى مرحبة مهللة أهلًا بكم يا أولادى.

هذا الإنجاز لم يأت من فراغ إنه سنوات عمل قاربت على 5 أعوام بعد أن كان وطننا مجمدا بسبب إخوان الاٍرهاب صار الآن مرحبا ومتراسا لاتحاد قارته السمراء والأكثر أن زعيم مصر «السيسى» أدرك أن البناء لا يكون إلا بمناداة الشباب من كل فج وواد تعالوا شاركوا شباب مصر الشداد بناء مستقبل جديد لا مكان فيه سوى السلام والعمل والابتكار والرقى بالأخلاق والأهم استيعاب الآخر واحترام كل الثقافات والأديان والأجناس وقبلهم المساواة بين الرجل والمرأة كما أجازها نداء الله عز وجل (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) صدق الله العظيم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز