عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سحرة القرن

سحرة القرن

بقلم : ابراهيم رمضان

هل مارست السحر يومًا، أو قررت أن تقرأ في كتبه، ربما تجد طريقة تسعد بها حياتك، وتعيش كيفما تريد؟!



ربما تراودك بعض الأحلام في محاولة للتعرف على هذا العالم الخفي، الذي لا نراه ولكننا نسمع ونقرأ عنه كثيرًا.

برديات الفراعنة سجلت قصة مثيرة عن السحر، تقول: إن كاهنًا اكتشف خيانة زوجته له مع شاب، فما كان منه إلا أن صنع تمساحًا صغيرًا من الشمع، وانتظر حتى نزل الشاب إلى المسبح ليغتسل، فألقى الكاهن تمساح الشمع في المسبح وقرأ عليه تعويذته السحرية، فتحول التمساح الشمعي إلى تمساح مفترس فتك بالشاب.

ربما ينكر بعضنا حقيقة وجود (السحر)، إلا أننا وللأسف واقعون تحت تأثير إحدى أقوى "تعويذاته".

ماذا؟!.. بعد أن وجه الباحثون في كبرى الجامعات والمراكز البحثية جهودهم، لإيجاد طريقة لتطوير أجهزة "الكمبيوتر" وجدوا الحل مؤخرًا في أحد كتب علماء القرن الـتاسع.

مثَّل الكتاب كنزًا ثمينًا للطامحين والمبتكرين والراغبين بالسعي للسيطرة على عقول الآخرين عن بُعد، وإقناعهم لاتباع سلوك معين في (الشراء - الحياة- التفكير)، وكذلك التعامل مع الآخرين.

أنقذ الكتاب وما يحويه من علم سمعة هؤلاء العلماء، باعد بينهم وبين اتهام البعض لهم باتباع أساليب غامضة من "السحر".

وقعت عيونهم على إحدى أهم المعادلات، التي قادتهم نحو هدفهم مباشرة، ومهدت الطريق لتلاميذهم لمواصلة البحث والتطوير.

إنها الـ"تعويذة"' السحرية التي أطلق عليها "الخوارزميات" باسم مبتكرها عالم الرياضيات جعفر محمد بن موسي الخوارزمي – المولود في بغداد (780 – 850م) ــ وهي مجموعة من الخطوات الرياضية المتسلسلة التي يمكن من خلالها حل بعض المشكلات المعقدة.

أطلق الباحثون والعلماء على "بن موسى" لقب أبوالحواسيب، متخذين من ابتكاره نقطة انطلاق لمواصلة التطوير وصولًا لأجهزة الهواتف الذكية التي صارت في أيدي الجميع.

بفضل "تعويذة" الخوارزمي السحرية وصلنا لمحطة (الذكاء الصناعي)، التي مكنت الشركات المختلفة صاحبة المواقع والتطبيقات التي نستخدمها بكل الأشكال من معرفة كل سلوكيات المتعاملين معها بل وتوقع خطواتهم التالية.

خلال اتصال هاتفك "الذكي" بالإنترنت، إذا تركت مواقع "التواصل الاجتماعي"، مفتوحة، وتحدثت مع أي شخص في نطاق مكان تواجدك عن أي شيء، فما هي إلا ثوانٍ معدودة وستجد في الترشيحات كل ما يشبه الأمور التي تحدثت عنها وربما تجدها هي نفسها.

العملية السابقة ليست مقصورة على مواقع "الانعزال الاجتماعي"، ولكنك ستجدها في مواقع البحث أيضا مثل ( جوجل) - الذي أصبح يحتفظ بسجل كامل لجميع عملياتنا البحثية بالإضافة لتسجيلات صوتية.

هل حدث معك ما سبق؟! بالطبع كثيرًا، ربما لاحظت ذلك أو لم تلحظه، شئت أم أبيت، فقد صرت واقعًا تحت تأثير تعويذة "الخوارزميات" التي تطاردك ليل نهار تراقب كل أفعالك، ترصد كل حركاتك وتصرفاتك.

مؤخرًا كشفت عدة تقارير إخبارية، أن هذه المواقع تسجل "دردشتك" الشخصية، وبعض الحوارات التي قد تجري بينك وبين آخرين في أي مكان كنت حتى أحاديث "غرف النوم" عبر "هاتفك "الذكي".

في عام 2012 حصل لويد شيبلي - عالم رياضيات أستاذ فخري في الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا - على جائزة نوبل في الاقتصاد لابتكاره خوارزمية "الزواجات المستقرة"، وهي "الخوارزمية التي تستخدمها دول مثل "الصين وألمانيا وإسبانيا" في تحديد أي من الجامعات التي سيرتبط بها الطلاب في قائمة اختياراتهم، بينما في بريطانيا تستخدم هيئة الصحة البريطانية هذه التقنيات في التوفيق بين المرضى الذين يحتاجون لنقل كلى وبين المتبرعين.

الهدف الرئيس لهذه الشركات التي تتصارع على (خصوصيتك)، والذي يدفعها لضخ المليارات، هو أن تظل مرتبطًا بمنتجاتها المختلفة طوال الوقت، لأنك بمثابة "زبون" تستفيد مما تقدمه لك بشكل مجاني من أدوات وتطبيقات، بينما تحصل هي على كافة البيانات الخاصة بك.

تبيع هذه الشركات بيانات مستخدمي منتجاتها لشركات أخرى لتستخدمها في تسويق منتجاتها، فمثلا قد ترغب شركة إنتاج هواتف محمولة في معرفة الإمكانيات التي يرغب الشباب في دولة ما في اقتنائها في هواتفهم والأسعار التي يتوقعونها، وهنا ستتوجه الشركة لشراء هذا الأمر من مواقع البحث كي يعمل عليها فريق التطوير والتسويق وتتحول لمنتج يدر عليها المليارات.

ربما لا يزال البعض لا يؤمنون بالسحر، إلا أن هذا لا ينفي وقوعهم تحت سيطرة واحدة من أقوى تعاويذه في القرن الحادي والعشرين.


 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز