عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

محمود اباظة : نحن بحاجة الى أغلبية برلمانية وليس حزب أغلبية

محمود اباظة : نحن بحاجة الى أغلبية برلمانية وليس حزب أغلبية
محمود اباظة : نحن بحاجة الى أغلبية برلمانية وليس حزب أغلبية

حوار - محمد عبد النور

 



30 يونيو لم تكن حكاية نخبة او دعوة او تمرد او غيره وانما تلقائية بحتة من الشعب المصرى

جماعة الإخوان حين رفعت السلاح في وجه الدولة أخرجت نفسها من حسبة المسار الوطنى

أرسلت للسيد البدوى وقلت له "مينفعش" لحزب الوفد التحالف مع جماعة الإخوان ولا يجوز، بسبب انهم يعتقدون انهم متحالفون مع "ربنا"

 التماسك الوطني ضرورة حتمية.. و لا يحدث بفعل فرد وانما يأتي بالحوار على كل المستويات

معظم الأحزاب القائمة، الجديد منها والقديم أصبح نواد قاهرية، أسهل له مائة مرة ان يظهر في التلفزيون، من ان يلف 27 محافظة

أفهم ان تقول الحكومة لن أزور  الانتخابات، لا ان تقول الحكومة "ماليش دعوة" بالانتخابات

تنشيط الحياة السياسية يخضع لشرطين ..  على الدولة والاحزاب تحقيقهما كل فيما يخصه.

 

ين  افكار دمج احزاب و محاولات انشاء حزب اغلبية مرورا بمحاولات  تكوين ائتلافات حزبية،.. يبقى الهدف الاساسى هو تنشيط الحياة السياسية فى مصر  و هو ما يخضع لشروط ، و ينحصر فى ارادات و ادوات .. و هو ما مثل محاور  اجابنى عنها محمود اباظة القيادى الوفدى و رئيس الحزب السابق .. و ظلت نقطة البداية هى 30 يونيو .. و التى اجهزت على مخطط خارجى .. و انهت مسعى جماعة الاخوان الارهابية الفاشية فى سرقة الوطن.


• قلت لى إذا كانت 25 يناير عملية سياسية، فإن 30 يونيو عملية تلقائية، ما هو الخطر الذى استشعره المصريون فاستدعى نزول الملايين إلى الشوارع؟


نعم.. نزول ملايين المصريين إلى الشوارع لم يكن تعبيرا عن موقف سياسى، وإنما كان خروجا تلقائيا بإحساس فطرى عال، فالشعب المصرى يحرص على الدولة الوطنية بتراكم تاريخى هائل، والخطر كان له ثلاثة مظاهر:


أولا.. يوم الاحتفال بعيد 6 أكتوبر وجاء مرسى بكل الإرهابيين ووضعهم فى المنصة، وطاف بالسيارة مثل هتلر وسط الاستاد، مما أحدث نوعا من التنبيه أو «الخضة”، والثاني يوم قال مرسى أنا حريص على الخاطفين والمخطوفين فى حادث سيناء، لا  «مينفعش».. «مينفعش».. ليس لأن لدى رأيا سياسيا ولكن «مينفعش» لأن هذا هو المصير الذى ستذهب إليه بلدى وما سيتحول إليه وطنى، ومن هنا جاءت التلقائية.


وهذا المظهر الذي كشف عن سلوك جماعة الإخوان والذى اتبعه مرسى يعود إلى فكرة الجهاد عندهم، والاحتياج إلى القوة، وهذه القوة لابد وأن تكون مسلحة، ومن الذين يدربون ويتم تسليحهم سوى هذه الجماعات وهذه الميليشيات، تماما نفس النموذج الذى حدث فى إيران مع الحرس الثورى، ليس تكرارا لنموذج، ولكن هذا هو الطرح الطبيعى لهذه الشجرة. 


أما المظهر الثالث فهو ما دربهم وسحلهم عند الاتحادية، وما شاهدناه عبر شاشات التلفزيون، وأصبح كل منهم محققا يسأل ويضرب ويكرر «قول، اعترف، من الذى أعطاك الفلوس».. لا.. هذه ليست دولة مركزية قديمة لآلاف السنين، تحدث فيها هذه المشاهد، وأنا حين رأيت فى 30 يونيو على شاشة التلفزيون المصريين أمام مبنى محافظة الشرقية، لم أتعرف على المنطقة من كثرة المحتشدين، لم أتعرف على مبنى محافظة الشرقية.

 

 


إذن.. 30 يونيو لم تكن حكاية نخبة أو دعوة أو تمردا أو غيره، وإنما تلقائية بحتة من الشعب المصرى، رد فعل تلقائى يرفض هذا الوضع.


ومعنى هذا أن التحليل المبدئى للغرب حول المزاج الإسلامى وأنظمة الحكم الإسلامى ليسوا شيئين متوازيين، بمعنى أنى متدين مسلم أو متدين مسيحى هو أمر يخصنى شخصيا ولا يخص الدولة أو يخص الذين يحكمون، بينى وبين الدولة مشاكل أخرى ليست لها علاقة بالدين، مشكلة فى العلاج، فى التوظيف، فُى التعليم، وغيرها مما هو مطلوب من الدولة والحكم، ولكنك لن تصبح وسيطا فى دينى.


إذن هناك خطأ فى التفكير بالنسبة للخارج.. وحين حدث هذا فى مصر ارتبكت الحسابات الخارجية، وتعرف أن الشخص القوى تأخذه العزة بالإثم والدولة العظمى لا تستطيع الرجوع عن مواقفها فورا أو فى وقت قريب، ولكن تراجعها يأخذ مدى أوسع ووقتا أطول، ولكنه ـ ما حدث فى مصر – هدم الفكرة الأساسية الدينية كحل. 


ما الذى سيتم مع من يقتل الناس فى فرنسا وألمانيا وحتى أمريكا، ما الحل؟ 


 - لا يوجد حل حتى الآن.


• وبعد 25 يناير.. هل كان يمكن لحزب الوفد أن يلعب دورا مهما فيما جرى من تطورات؟


- هناك مشروعان ليس لهما ثالث.. مشروع الدولة الوطنية الحديثة.. القائمة على المواطنة.. والدولة الدينية الفاشية كمشروع آخر، لأنه لا يمكن أن تكون دينية إلا إذا كانت فاشية، إذا اعتبرنا أن تعريف الفاشية هو مجتمع الإله، الجنس مثل الجنس الآرى عند هتلر أو البرو ليتاريا عند روسيا، وهما وجهان لعملة واحدة، الدين واحد بالضرورة وبالتالى الرأى واحد بالضرورة، إذن فليس هناك مكان للاختلاف، وهذان المشروعان لا يمكن خلطهما مع بعض.
لذلك قبل وثيقة «على السلمى»، جاء الـ 42 حزبا ومن ضمنها حزب الحرية والعدالة والوفد.. ليتدارسوا فيما بينهم.. وكنت وقتها أجرى عملية فى الخارج وأرسلت للسيد البدوى وقلت له «مينفعش» لحزب الوفد التحالف مع جماعة الإخوان ولا يجوز، بسبب أنهم يعتقدون أنهم متحالفون مع «ربنا»، ماذا سيفعل معهم الوفد، و«مينفعش» تدخل معهم فى ائتلاف الانتخابات لأنك ستصبح مثل المسافر «أوتو ستوب».. تارك سيارته ليسافر بسيارة شخص آخر.. فسينزله صاحب السيارة وسط الصحراء وقتما يريد.. وهو الذى حدث.
إذن، فالذى يحكمنا هو «المشروعان» وهو ما سينقسم عليهما المجتمع إلى جزأين، ولكن المعضلة أن الدولة المدنية الحديثة قائمة فكان يجب على جماعة الإخوان أن يغيروها كى يقيموا دولتهم، وهو الذى لم يتقبله الشعب المصرى.

 

 

النخبة التى هرولت
• إذا كان معروفا وبوضوح أن جماعة الإخوان تؤسس للدولة الدينية, المدهش هنا هو موقف النخبة التى هرولت للتحالف مع الجماعة الفاشية؟


النخبة كانت ملتبسة، الجماعة التى ذهبت إلى «فيرمونت»، فاتهم وجود التناقض بين المشروعين، فكيف يمكن أن تعتقد فى قدرتك على الجمع بين الماء والنار، أما الجيش فهو المؤسسة الوطنية وهذا كلام مفروغ منه، انظر حولك فلن تجد جيشا وطنيا فى الإقليم، العراق كان جيشا موصليا، وسوريا جيشا علويا، إنما الجيش المصرى وطنى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


 لأنه فى حقيقة الأمر.. الجيش هو أول مؤسسة وطنية حديثة.. فقبل محمد على كان لنا ما يزيد على ألف سنة جزء من الخارج ثم إن الخلافة العثمانية كانت 300 سنة، ومحمد على كان يريد أن يحل محل الخليفة ولكى يتحقق له ذلك، كان لابد أن ينشئ جيشا حديثا كى يضمن حكمه على الأقل، واكتشف أنه لكى ينشئ جيشا حديثا لابد أن تكون الدولة حديثة، ويضم إلى الجيش المسلم والمسيحى، والذين تربطهم فى النهاية مصر الوطن.. فكرة الوطن.


وثورة 19 أرست فكرة الوطن بالتجربة العملية لأن هناك من ماتوا، وسعد زغلول حين ذهب إلى الملك بتعيين 2 مسيحيين فى وزارته بينما كان التقليد مسيحيا واحدا، فأشار له الملك فؤاد فأجابه سعد زغلول بأن الرصاص لم يفرق بين مسلم ومسيحى فكيف يمكن أن أفرق أنا.

 


وبعد 25 يناير وعن فكرة وجود للجماعة فى الجيش.. تذكر أنه فى مجلس قيادة الثورة 52 كان هناك ثلاثة ضباط من جماعة الإخوان وكانوا جسرا بين المجلس والجماعة والآخرين كانوا من المتعاطفين معهم، ولكن حين طلب منهم المرشد الهضيبى عرض جدول أعمال مجلس الثورة قبل أن يعرض على المجلس، رفضوا تماما، لأن انتماءهم إلى الجيش أقوى من انتمائهم إلى الجماعة، وهذه تجربة عملية حدثت.


عمليا ثبتت فكرة الوطن راسخة وإن الجيش هو أداة وطنية، لذلك تجد أن الجيش والقضاء استعداهم نظام جماعة الإخوان، واستهدفهما فى نفس الوقت.. وجماعة الإخوان حين رفعت السلاح فى وجه الدولة أخرجت نفسها من حسبة المسار الوطنى.


التعددية.. وقبول الدولة
• واليوم.. كيف يمكن إنتاج حياة سياسية تستطيع أن تحدد ملامح مستقبل هذا البلد.. ماهو المناخ المطلوب؟


يجب أن ننتبه إلى أن التاريخ حلقات مترابطة وليس خطوطا عشوائية، وفى قراءته يجب أن نتفادى مأزقين، الأول هو الحنين إلى الماضى والعودة إليه، لأن الماضى لا يعود، اليسار ينظر إلى عبدالناصر والوفد ينظر إلى الحقبة الليبرالية ما قبل 52، والتيار الدينى ينظر إلى دولة الصحابة، وفكرة العودة إلى الماضى تسد الطريق إلى المستقبل، ومن هنا يجب أن ندرك أن الماضى لا يعود، «هنتكعبل».


المأزق الثانى هو تجاهل الماضى، فإذا تجاهلت الماضى فلن تعرف إلى أين تتجه، إذن المشكلة أن الكثيرين من النخبة السياسية لدينا، إما أنها تقع فى أسر الماضى وأما أن تهمله وتتجاهله، والأهم أن التطور الذى أتى بنا إلى حيث نحن الآن لا يمكن أن تدركه لأنه مستمر، «شفته ماشفتوش» مستمر لأن عوامل استمراره موجودة، وهذا هو الوضع الذى نحن فيه، حزب الوفد وغيره.


 والوفد هو أقل الحركات الموجودة النهارده التفاتا عن التطور، لأنه دائما هناك صلة، بمعنى أننى اشتغلت مع إبراهيم فرج وقد كان من زعماء الطلبة سنة 19، إذن فقد أتيح لنا من هذه المدرسة أن ندرك هذا التطور، وأتيح لنا أيضا لأننا عايشنا هؤلاء، إنه من المستحيل الرجوع إلى الماضى.


صحيح أن لدينا فـى الوفد أدوات لصناعة الحاضر ولكنها مرهونة بشرطين، الأول هو عدم الانغلاق «لا تنغلق على نفسك»، ويجب أن تقاوم فى الوفد إشكالية الوفديين القدامى والوفديين الجدد، لأن الحزب الذى لا يأتيه جديد يموت.
الشرط الثانى أنه يجب أن تتقبل الدولة فكرة التعددية، وحين أتحدث عن الدولة لا أعنى ما ينصرف إلى ذهنك فورا من أن الدولة تعنى رئيس الدولة، وفى الحقيقة لا، ليس رئيس الدولة، لأن الموظف الصغير فى الدولة هو الأسوأ، وحينما كانوا يقولون لفؤاد سراج الدين إنت تعقد صفقة مع الدولة كان يرد «ياريت.. بس أنا عارف إنها متمشيش». 


وأفرض مثلا أن رئيس الدولة ليس لديه مانع من أن يكون هناك 50 نائبا وفديا فى البرلمان، وساعة الانتخابات يأتى الخمسون نائبا من أماكن متفرقة، يأتى المأمور ليقول «اشمعنى عندى»، والمحافظ «اشمعنى عندى»، ورئيس المدينة «اشمعنى أنا».. وفى النهاية لن ينجح وفدي.


فى انتخابات المحليات 92، فى الشرقية قال لى المحافظ أنا كنت محافظا فى القليوبية، ووقتها قدمت المعارضة كلها 7 قوائم، فى الشرقية تريدون تقديم 42 قائمة، «هو أنا الحيطة المايلة»؟.. وهذا هو مفهوم الدولة الذى أتحدث عنه.
ومن ثم فإنه من الضرورى أن الدولة بهذا المفهوم الذى طرحته تتقبل فكرة التعددية، وإن الأحزاب لا تنغلق على نفسها ولا تبقى نواد قاهرية.


فإذا تحقق الشرطان من جانب الأحزاب ومن جانب الدولة.. فمن المحتمل حدوث نوع من أنواع تنشيط الحياة السياسية، آخذين فى الاعتبار أننا لدينا مشكلة مقاومة الإرهاب التى وصلت إلى حد الحرب.. ثاًنيا لدينا إقليم ملتهب جدا غير مستقر ليس به أى وتد يمكن الاستناد إليه، لدينا عالم مضطرب جدا ينتقل من مرحلة إلى مرحلة.. وفى هذا الإطار لابد وأن يكون هناك تماسك وطنى.

 


التماسك الوطنى.. ضرورة
• الحديث عن التماسك الوطنى متشعب بين سياسة وثقافة وإعلام.. أدوار يجب أن تكتمل؟


التماسك الوطنى لا يأتى بفعل فرد وإنما يأتى بالحوار، حوار على كل المستويات وليس بين رؤساء وزعماء، حوار وطنى.. مثلا، مشكلة التعليم، من الثابت أن التعليم الآن فى مصر لم يعد يفى بغرضه، ويجب إصلاحه وله تكلفة، ليس فقط تكلفة مالية وإنما تكلفة اجتماعية..


 ثانياً.. عندى مشكلة فى الريف المصرى والذى يقطنه الآن أكثر من 60 ٪ من سكان مصر، وليس معنى هذا أنهم يعملون فى الزراعة وإنما ربما 5٪ منهم فقط هم العاملون بالزراعة.


لم تعد الزراعة التقليدية تستطيع أن تبقى، وبالتالى كيف يمكن أن أصل إلى زراعة حديثة فى ظل تفتت الملكية الحالى، وفى ظل الخيبة الشديدة للتعاونيات، العالم كله يحسب الآن الإنتاجية الزراعية ليس بمساحة الأرض وإنما بمتر المياه، ولدينا ندرة شديدة فى المياه، إذن قضية الزراعة تحتاج إلى حلول، ليست قريبة مثل التعليم، وإنما تحتاج إلى وقت.


مشكلة ثالثة.. وهى مشاكل تبدو بعيدة عن السياسة.. فزمان كان الحكيم باشا يتولى كل أنواع العلاج.. وكان الطب هكذا.. اليوم أصبح الطب معقدا جدا يتطلب تخصصات، يتطلب تكلفة مالية غالية، ولم يعد الشخص يستطيع تحمل هذه التكلفة، وفى نفس الوقت لا أستطيع أن أترك المصرى يعمل حتى يموت أو إذا مرض يموت، وأعتقد أن النظام الجديد للتأمين الصحى إذا نجح سيدخل التاريخ، مثل علاج فيروس سى، التعليم مكلف والعلاج مكلف، ويجب أن أجد النظام الذى أحصل فيه من الإمكانيات المتاحة لأحسن النتائج.


ثم تعدادنا السكانى وقد أصبح مائة مليون، يريدون السكن فنحتاج إلى مشروع سكنى، يحتاجون إلى التنقل إذن مشكلة نقل، يحتاجون إلى الخروج من نطاق الـ 6 ، وهذه هى التحديات الحقيقة للجيل الجديد، ويبقى السؤال فى المنهج الذى سأتبعه لمواجهة هذه التحديات والمشاكل، والتي لم تعد تستطيع تجاهلها .. وهنا تأتى السياسة.


بمعنى.. أستطيع بالحكم دون حريات عامة أن أواجه هذه المشاكل وأحلها بسرعة وبحسم دون الدخول فى المناقشات الطويلة؟ كالصين وكوريا مثلا، هذه وجهة نظر، وهناك وجهة نظر أخرى، لا.. أحتاج إلى التوقف والسؤال لأن كل هذه الحلول تتطلب جهدا جماعيا، وهذان خياران، هل هناك خيار أفضل من الآخر نظريا.. ممكن.


 وهناك إجابة عملية، هل لدى حزب مثل الحزب الشيوعى الصينى يقود عملية التحديث؟.. وهو الحزب الرابط للصين من أقصاها إلى أقصاها ورابط للمليار والثلاثمائة ألف فى بوتقة واحدة.. وعندى تجربة.. وهى أنه فى خلال ستين سنة من الحكم الشديد دون تعددية فى نظام الحكم، لم  أنجح فى تحقيق التنمية الدائمة.. وهذا محك مهم يجب أن يناقش.


ستسألني.. والرجل فى الشارع الذى يطمح إلى أن يكفيه مرتبه فى تلبية احتياجات عائلته، هل سيهتم بهذه الفلسفة.. سأجيبك فورا.. لن يهتم.. ولكن كل واحد له دور.. ودور النخبة السياسية أن تهتم من أجله هو.. ولا أطلب منه أن يحل.. لأنه دور السياسة.. أن تجد الحل وتقنعه به.. فالسياسة هى القدرة على وضع الأولويات القابلة للتحقيق.


• الأحزاب لها دور, وأيضا النخبة السياسية؟


معظم الأحزاب القائمة، الجديد منها والقديم أصبح نوادي قاهرية، مثل التليفزيون، أسهل له مائة مرة أن يظهر فى التلفزيون ليتحدث بكلمتين، من أن يلف 27 محافظة، وفى الوفد مضطرون للف لأنه لنا ناس يريدون رؤيتنا، فكم رأينا من نجم لامع خلال السنوات التى مضت، عندما فتحت له أبواب التلفزيون أصبح نجما وعندما أغلقت سقط هذا النجم الرفيع ولم يعد يذكره أحد.


ولا يزعجنى أن يكون هناك 107 أحزاب.. كان فؤاد سراج الدين يقول لنا فى دفتر التليفونات الذى تطبعه مصلحة التليفونات قبل الثورة وأبحث فى بند حزب ستجد 50 أو 60 حزبا منها أحزاب مقراتها «مقاهى»، تليفونها هو تليفون القهوة، إنما فى النهاية كان فيه أربعة أحزاب هم الحقيقيون، مثلا حين نقول الدورى...


الدورى به الأهلى والزمالك، ولكن هل هذا معناه إغلاق النوادي الأخرى، بالعكس قد يظهر فيها بعض اللاعبين الجيدين الذين تأخذهم النوادي الكبيرة.. فلنعط فرصا للجميع.. حتى فرصة الفشل.

 

 


• حتى حزب الوفد.. هل أصبح ضمن النوادي القاهرية؟


نعم.. وسأقول لك لماذا؟.. لأن رئيس الوفد السابق السيد البدوى، كان يملك قناة تليفزيونية وأدرك أنها مركز قوة أكثر من الحزب، بالتالى فتح القناة وأغلقها على ناس من داخل الحزب خلق منهم وجوها ونجوما دون الحاجة للنزول إلى الشارع.. ولكن الوفد له قواعد ولديه «الخميرة» الموجودة والتى تمكنه من التحرك بقوة.


لقد كنت مسئولا عن شباب الوفد لعشرين سنة ولدى صلة بهم، اكبرهم الان في الخمسينيات، وهناك إدراك بوجود كفاءات في الجيل الجديد بشكل عام، لديهم ميزتان ولكن صعب ان تجد الميزتان في نفس الشخص، ناس لديهم تعرف للعالم ويعرفون كل ما يحدث في العالم ويتابعونه، ولا يعرفون عن البلد، وناس من «الحريتة» الذين اشتغلوا ويشغلهم الشأن العام ولديهم خبرة واسعة جدا بالصراع بين قوى التخلف والحداثة، والنوعان ليسوا في بوتقة واحدة، والاحزاب هي هذه البوتقة التي تستطيع جمعهما، نعم موجودين ولكن جاهزين ان يحكموا.. لا ليسوا جاهزين، وحزب الوفد أيضا غير جاهز للحكم الان.

 

• كيف تحدث هذه الجهوزية للأحزاب و أيضا للشباب؟


لديا نظامين، النظام الانجليزى والنظام الفرنسي لتكوين القيادات السياسية، النظام الانجليزى يأخذ الشاب في الحزب من سن 18 سنة ليبدأ بارساله للبيوت يوزع برنامج الحزب ويناقش الناس فيه ثم يدخل المحليات ويختبر العمل فيه ثم يدخل البرلمان، في لجان البرلمان.. الموظفين والأعضاء القدامى، يتعلم فيها مشكلات البلد وكيفية حلولها ويخرج جاهزا.


على العكس الفرنسيين يأخذون خريجى المدارس العليا الأعلى من الجامعات، يمررونهم في مدرسة الإدارة العليا ثم يلحقونهم في مكاتب الوزراء، تكنوقراط، ثم يرشحونهم في الانتخابات، فتجد نائبا في الثلاثينيات، وزير في الاربعينيات، رئيس وزراء ورئيس جمهورية في الخمسينيات، واميل الى النظام الفرنسي الذى يعلم العمل التنفيذى أولا ثم القى بك في بحر السياسة، و هذا ليس معناه ان الإدارة الفرنسية افضل من الإنجليزية.


وفي جميع الأحوال وبالنسبة لوضعنا في مصر، دائما ما أدافع عن نظرية التعليم المجانى، فحين يكون لدى مائة مليون لا يجب ان أقصر نفسى على خمسة مليون ليتعلموا، فلن اجد فيهم النسبة التي احتاجها للقيادات، صحيح ان التعليم يجب ان يكون متاحا للجميع و لكن يجب ان يكون عندى مسار للمتفوقين.


• هل نحن ذاهبون في هذا الاتجاه بعد انشاء الاكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب؟


«شوف».. ليس لدى معلومات و باعتمد على الاخرين ولكن هذه من الموضوعات التي تشغلنى جدا، وأقول لك.. انى اعتبر نظام المحليات في مصر كارثة، لان نسبة القيادات الإدارية الجيدة، المخلصة والواعية والمسئولة قليل جدا.. تشغلنى فكرة انه كيف يمكن ان تخرج القيادات الإدارية من شعب مائة مليون شخص، محافظة مثل الشرقية بها 8 مليون مثل هولندا، اذن تكوين الكوادر الإدارية بنفس الاهمية ان لم تكن تفوقها في تدريب الكوادر السياسية، وهذه عقيدة عندى.


والاكاديمية هنا رغم عدم درايتى بالأسلوب الذى ستسير عليه، فهى فكرة ضرورية، لابد و انت تكون لدى الامكانية في ان اضع شخص في مكان و هناك من هو افضل، ليس لدينا الان هذه الرفاهية، عندما تختار محافظ جيد لمحافظة تجد التغيير بسرعة جدا، مدير مدرسة كويس، فورا تجد الانطباع الجيد على الطلاب، مدير بنك، و لدينا تجربة في النقلة النوعية التي حدثت في البنوك، مدير فندق و هكذا، اذن دى مسألة مهمة جدا و بالتالى الاكاديمية مهمة جدا، بشرط الاختيار الجيد و دون وسطة، اختيار الأفضل بشكل مستمر.


والمهم انه كل ما اتسعت دائرة الاختيار كل ما كانت النتائج رائعة في التوصل الى العناصر الجيدة، وهذا لا يجب ان يشغل الدولة فقط وانما أيضا يجب ان يشغل الطبقة السياسية ورؤساء الجامعات، ومديرى التعليم ومديري المستشفيات.


الجهد غير محدود وانما القادرين عليه محدودين، يجب ان ابحث عنهم ويجب التوصل الى الآلية التي تكتشف هؤلاء، وفي نفس الوقت يجب ان أصل الى ان هذه النوعية من القضايا لابد وان تكون تحت انظار المسئولين، ودونما اعتبار لموقف «الندابين» المعطلين دائما لكل شيء.


• رأيك في التعليم المجانى.. حقيقة مفاجأة..، فماذا عن الدعم؟


الدعم احدى وسائل توزيع الدخل.. انما لم تجد حكومة صرفت على الدعم مثل حكومة نظيف حيث قفز الدعم قفزات هائلة.. والتجربة أدت الى أنك لابد ان تعترف ان الدعم وسيلة خاطئة لانها استنزفت موارد دون ان تؤدى الى نتيجة، الفقر لم يقل وانما زاد، وبالتالى اعتقد ان الدعم في الصحة والتعليم هو المصعد الاجتماعى، التعليم والتدريب لاننى اعلمك اصطياد السمكة، والصحة لإتاحة الفرصة للعمل، وهنا توزيع الدخل بتشغيل المصعد الاجتماعى، بمعنى المساواة عند خط البدء وليس عند خط النهاية، وهنا سيسقط منى اعداد.. تشملهم شبكة الضمان الاجتماعى.


• نعود الى الأحزاب.. ما معنى اندماج الأحزاب؟.. ومتى تكون الائتلافات؟


الاندماج بين الاحزاب لا يمكن فرضه او تكوينه.. ولكن يجب ان نتعلم ثقافة التحالف.. في أوروبا هناك دولة لديها حزبين، وهناك دول بها مجموعة أحزاب يتم بينها التحالف اما قبل الانتخابات او بعد الوصول الى البرلمان.


• مرشح رئاسي من حزب الوفد في 2022.. خطة ام خيال علمى؟


بالتأكيد خطة.. نحن نتحدث عن 2022 والوفد لديه من العمل والكوادر ما يؤهل لوجود مرشح رئاسى وفدى، واذا حلينا المشكلة المالية فعندى امل كبير ان يقوم الوفد بدور منشط للحياة السياسية، و ان يكون معاونا مكملا لمحاولات سد الفراغ السياسى.


• هل نحن بحاجة الى حزب اغلبية؟


نحن بحاجة الى اغلبية برلمانية، من حزب او مجموعة أحزاب جتى يكون هناك معارضة، فبدون المعارضة لن تكون هناك اغلبية، أفهم ان تقول الحكومة لن أزور الانتخابات، ولا ان تقول الحكومة «ماليش دعوة» بالانتخابات..  فهى أولا.. تفرغ الانتخابات من معناها لان الانتخابات آلية لمعرفة من يحكم فاذا كان الذى يحكم «ماليش دعوة» اذن فهو غير مسئول و ثانيا.. لن يفوضه احد، و بالتالى لن يعارضه احد، فاكون قد تركت المجلس النيابى للصدفة، و الصدفة غالبا ما تولد الفوضى.


• متى يكون النائب نائبا عن الشعب؟


 عندما يكون المجلس.. حقيقة.. يمثل الامة وليس مجموعة ظواهر. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز