عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

المشير محمد على فهمي.. حارس السماء المحرقة

المشير محمد على فهمي.. حارس السماء المحرقة
المشير محمد على فهمي.. حارس السماء المحرقة

كتب - ابراهيم رمضان

لقب بحارس السماء المحرقة، وأبوالدفاع الجوي المصري، ومهندس حرب الصواريخ، بشهادة الخبراء والمحللين والعسكريين، واحد من فرسان حرب "أكتوبر" المجيدة، هو المشير محمد على فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي خلال حربي "الاستنزاف" وعبور "أكتوبر" المجيد".



خلال قيادته لسلاح الدفاع الجوي، دفع إسرائيل على لسان رئيسة وزرائها "جولدا مائير" لتعترف بقوة  هذا السلاح، بعد أن تمكن من القضاء على أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي.

الرئيس أنور السادات أشاد بقيادته لسلاح الدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر خلال أحد خطاباته قائلا:" قوات الدفاع الجوي ضربت السيادة الجوية الإسرائيلية في الأيام الثلاثة الأولى من حرب أكتوبر إلى الحد الذي صدرت فيه الأوامر من القيادة الاسرائيلية بعدم الاقتراب من القناة وفي الثلاثة أيام الأولى فقدوا أكثر من ثلث سلاح الطيران الاسرائيلي على الجبهة المصرية ".

 

محطات في حياته

ولد في 11 أكتوبر 1920 بمحافظة الجيزة - حصل على الثانوية من مدرسة فؤاد الأول عام 1937 - والتحق بالكلية الحربية عام 1938 وتخرج في أول نوفمبر 1939 ليلتحق بسلاح المدفعية متخصصا في سلاح المدفعية المضادة للطائرات، وظل يتنقل في وحداتها ومنشآتها حتى قاده نبوغه للترشح لكلية القادة والأركان ليتخرج منها عام 1951 أعقب ذلك عمله بهيئة عمليات القوات المسلحة حتى شغل منصب سكرتير عام الهيئة وهو برتبة عقيد، بعدها تولى قيادة المجموعة السادسة مدفعية مضادة للطائرات بألماظة ثم رئيس أركان الفرقة الخامسة مضادة للطائرات، قبل أن يسافر للاتحاد السوفيتي للحصول على دورة الأكاديمية العليا للدفاع الجوي عام 1965، ليعود لتولي منصب قائد الفرقة الخامسة مدفعية مضادة للطائرات، وفي أعقاب حرب يونيو 1967 استدعاه الرئيس جمال عبدالناصر وكلفه لوضع تصور لمنظومة دفاع جوي  عن مصر.

في الأول من فبراير عام 1968 أصدر الرئيس جمال عبدالناصر القرار رقم 199  بإنشاء قيادة جديدة تكون فرعا جديدا مستقلا يطلق عليها قيادة الدفاع الجوي، وعين اللواء محمد على فهمي رئيسا للأركان، وفي 23 يونيو 1969 تولى قيادة الدفاع الجوي - أثناء حرب الاستنزاف"، وهو التاريخ الذي قال عنه المشير" فهمي" "أهم تاريخ بخدمتي العسكرية هو 23 يونيو 69 تاريخ تعييني قائد للدفاع الجوي، فلقد أصبحت مسئولاً عن حماية سماء مصر ضد أقوي قوة لدي العدو.. ضد الذراع الطويلة التي يعربد بها العدو في المنطقة ويفاخر بها".

 وبعد نهاية حرب أكتوبر 1973 تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة في 1975 وفي 1978 اختاره الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مستشارا عسكريًا له.

كرمه الرئيس الأسبق محمد حسني في‏ 4 أكتوبر ‏1993‏ بإصدار قرار جمهوري بترقيته إلى رتبة مشير تقديرا للدورالبطولي الذي قام به في حرب أكتوبر.

 

حرب الاستنزاف وبناء منظومة الدفاع الجوي

في أعقاب نكسة الخامس من يونيو عام 1967، قام المشير فهمي بدراسة أسباب الهزيمة، وكانت أولى الخطوات التي قام بها إنشاء حائط الصواريخ كي يضع حداً لتوغل الطيران الإسرائيلي بالأجواء المصرية، وكان ذلك في أغسطس عام 1970.

قال المشير محمد علي فهمي في شهادته عن تلك المرحلة في فيلم وثائقي أعدته وزارة الدفاع " أن تسليح الدفاع الجوي كان ضعيفا وكذلك الإنذار والتجهيزات الهندسية ولا توفر أي وقاية للأفراد والمعدات".

ويتابع" نجحنا في بناء حائط الصواريخ في أغسطس سنة 1970 ومعه اختلفت الصورة تماما وبدأ الطيران الاسرائيلي يعاني من نزيف الخسائر التي ألحقتها به قوات الدفاع الجوي المصري".

رئيسة وزراء إسرائيل "جولدا مائير" قالت عن كثرة مواقع الدفاع الجوي المصري خلال حرب الاستنزاف " إنها كعش الغراب المشئوم كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى بدلا منها".

لم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن المشير "فهمي" طور أساليب الهجوم، خلال حرب الاستنزاف، وقرر اتباع أسلوب الكمائن لطائرات العدو الإسرائيلي وهو الأمر الذي يكشفه اللواء عادل حسنين، أحد قادة كتائب الكمائن في حرب الاستنزاف، في شهادته الموثقة بالفيلم الوثائقي الذي أعدته وزارة الدفاع عن المشير "فهمي": "إن اللواء الجمسي زاره في الكتيبة وسلمه مظروفا وبعد أن انصرف، فتحت المظروف، لأجد فيه أمر بمهمة محددة قمنا بتنفيذها وأسفرت عن تدمير طائرة استطلاع "هليكوبتر" وكان هذا أول كمين، يتم تنفيذه".

 

أسبوع تساقط طيران "الفانتوم" الإسرائيلي

خلال حرب الاستزاف وتحديدا في الفترة التي أعقبت 30 يونيو 1970 تمكنت قوات الدفاع الجوي بقيادة المشير محمد على فهمي من إسقاط 16 طائرة إسرائيلية، وأطلق على هذا الأسبوع حتى أطلق على هذا أسبوع تساقط طائرات الفانتوم"

وهو الأمر الذي أشاد به الرئيس جمال عبدالناصر في خطابه في 23 يوليو عام 1970 قائلا " إن العدو يقوم بغارات كل يوم وكان تركيز العدو الأشد على عناصر الدفاع الجوي وكان هدفه أن يمنع هذه العناصر من أداء دورها على الجبهة لكن لم يستطع وكان اعترافه أخيرا بأن عدد بطاريات الصواريخ المصرية على الجبهة يتزايد ولا يتناقص برغم ضراوة الغارات الجوية وشراستها وبدأت طائرات "الفانتوم" الأمريكية تتساقط على أراضينا وبدأ طياروا الفانتوم "الصفوة المنتقاه من القوة العسكرية الإسرائيلية العدوانية" يقعون أسرى في أيدى رجالنا".

 

العملية "رجب"

في التاسع من سبتمبر 1971 تمكنت قوات الدفاع الجوي بقيادة المشير فهمي من تنفيذ العملية "رجب" حيث أُسقطت طائرة استطلاع إلكتروني ضخمة شرق القناة، واحتجَّت إسرائيل على إسقاط الطائرة الذي أدى إلى فقدانها مجموعة من خيرة ضباطها ومهندسيها، وهو الأمر الذي جاء بناءا على تكليف قوات الدفاع الجوي بمنع العدو من استطلاع القوات البرية شرق القناة في التاسع من شهر سبتمبر عام 1971.

وفى اليوم التالي قامت إسرائيل بهجمة جوية بقوة 34 طائرة تحمل كل منها صاروخيْن من طراز (شرايك) المضادة للرادارات، وتم إطلاق الصواريخ الـ 68 على مواقع الدفاع الجوي غرب القناة، وأعلنت إسرائيل أنها دمرت قوات الدفاع الجوي في الجبهة، ولكن كانت الخسائر المصرية لا شيء تقريبًا فلم تحدث أي خسائر في الأفراد أو المعدات.

 

كلمة السر وعبور أكتوبر

في يوم العبور المشهود – السادس من أكتوبر- كانت هناك كلمة سر بين المشير "فهمي" وقادة الفرق قال عنها في شهادته الموثقة تليفزيونيا ":" في يوم السادس من أكتوبر وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ظهرا، تحدث في الميكروفون ونطق بكلمة واحدة وهي "جبار"، وهي كلمة كانت تعني الكثير" .

وفي شهادته عن المشير "فهمي" يقول العميد الدكتور يحيي السنجق - مدير مكتب المشير محمد على فهمي- أثناء حرب أكتوبر " إن كلمة "جبار" كانت كلمة السر لقادة الفرق لفتح المظروف الذي استلموه وتحويل المعركة التدريبية إلى معركة حقيقية".

المشير فهمي قال عن معركة "أكتوبر" : " إنه بعد بدء عبور القوات المصرية لقناة السويس، بـ40 دقيقة، تصدت قوات الدفاع الجوية لضرية جوية اسرائيلية مركزة ضد قواتنا التي تعبر بطول الجبهة من بورسعيد شمالا إلى السويس جنوبا، استمرت لمدة ساعتين، خسر خلالها العدو 18 طائرة".

وفي نحو الساعة الخامسة مساء يوم السادس من أكتوبر 1973 أي بعد ساعات قليلة من الهجوم المصري المتواصل التقطت الأجهزة الخاصة المصرية إشارة لا سلكية مفتوحة تحمل أوامر صادرة من الجنرال بنيامين بليد، قائد السلاح الجوي الإسرائيلي، آنذاك، إلى طياريه يأمرهم بعدم الاقتراب من القناة لمسافة لا تقل عن 15 كيلو مترا شرق القناة مما يعني أن قوات الدفاع الجوى بقيادة «فهمي» نجحت في تأمين عملية الاقتحام والهجوم بكفاءة عالية ليلاً ونهاراً، وقدمت الحماية للمعابر والكباري مما أتاح للقوات المصرية أن تستخدمها في أمان.

وأوضح المشير "فهمي" في شهادته عن حرب أكتوبر أنه " في صباح يوم 7 أكتوبر وصلت الطائرات الاسرائيلية إلى داخل مصر ووجدت الطائرات المصرية المقاتلة تنتظرها، كما تلقفتها الصواريخ "سام" بضرباتها القاتلة، استمر الحال على هذا المنوال وفشلت الضربة الجوية وخسرت إسرائيل الكثير من الطائرات والطيارين".

وفي يوم 8 أكتوبر بحسب قول المشير "فهمي": "شهدت محافظة بورسعيد أشد المعارك عنفا بين قوات الدفاع الجوي المصرية والطيران الإسرائيلي حيث بلغت الهجمات الجوية الإسرائيلية على بورسعيد أكثر من 50 طائرة تهاجم في وقت واحد، وفي جميع هذه الهجمات، نجحت قوات الدفاع الجوي المصرية في تكبيد العدو الكثير من الخسائر وتشتت الهجمات الجوية على بورسعيد".

 

قالوا عنه

"إنه مهندس معركة الدفاع الجوي في حرب أكتوبر 1973" هودز رئيس مجلة أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء الأمريكية".

وصفته مجلة أرميه العسكرية الفرنسية بأنه ""من أبرز الشخصيات العسكرية في العالم، وأحد كبار المتخصصين في النواحي الفنية العسكرية".

 

الأوسمة والمؤلفات

حصل المشير "فهمي" على وسام التحرير، ووسام النجمة العسكري، وسام نجمة الشرف العسكري، ووسام الشرف العسكري من سوريا، وسام الملك عبدالعزيز من المملكة العربية السعودية، ووشاح النيل والعديد من الأنواط والميداليات في المناسبات القومية.

وترك خلفه عدة مؤلفات مهمة منها «عن الحملة الفلسطينية، وألمانيا تهديد السلام، وألمانيا بين الشرق والغرب (جزءان)، فضلا عن كتب عن الوحدة الأفريقية، والقومية الأفريقية، وتاريخ قوات الدفاع الجوي المصري».

تُوفي المشير محمد علي فهمي في لندن، وتحديداً في يوم 11 سبتمبر 1999، أثناء رحلة علاجه من المرض, وشُيِّع الجثمان من مسجد رابعة العدوية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز