عاجل
الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

باحث مصريات يكشف أسرار "ميت رهينة" الأثرية

باحث مصريات يكشف أسرار "ميت رهينة" الأثرية
باحث مصريات يكشف أسرار "ميت رهينة" الأثرية

كشف باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس، عن أسرار مدينة منف “ميت رهينة”، التي تعد كتابا عظيما يحكى تاريخ الحضارة المصرية القديمة، خاصة بعد إعلان وزارة الآثار مؤخرا العثور على تمثال نادر للملك رمسيس الثاني علي هيئة "الكا"، داخل قطعة أرض بالقرب من معبد "الإله بتاح" بالمنطقة، إلى جانب عدد كبير من الكتل الأثرية وخراطيش للملك رمسيس الثاني. 



وقال عباس - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة - إن "منف هي المدينة التي بدأ بها ومنها التاريخ؛ فهي أولى عواصم مصر الموحدة، وعاصمة الإقليم الأول من أقاليم مصر السفلى، والتي يشغل موقعها الحالي قرية ميت رهينة الواقعة على مسافة 24 كيلومترا إلى الجنوب من القاهرة".

وأضاف أن عظمة منف التاريخية تتجلى بوضوح في أن أحد أسمائها، أو اسم معبدها الكبير "حت كا بتاح" “ معبد روح بتاح “ قد أشتق منه المسمى اليوناني لمصر "إجيبتوس" والذي اشتق منه مسمى بلادنا في سائر لغات العالم المختلفة.

وأوضح أن الجذور التاريخية لمدينة منف تعود إلى عصر الأسرات المبكر، حيث تأسست نحو عام 3100 قبل الميلاد لتكون علامة تاريخية فاصلة في أعقاب توحيد شطري مصر العليا والسفلى، وأصبحت أول عاصمة لمصر الموحدة ورمزا حقيقيا لأول حكومة مركزية في تاريخ مصر والعالم القديم، وقد تم ذلك الأمر على يد أول ملوك الأسرة الأولى وهو الملك “نعرمر” أو” مينا”. 

وأكد عالم المصريات أن منف اعتبرت أحد المراكز الدينية العظمى في مصر القديمة عبر تاريخها؛ حيث كان “بتاح” إله الفنون والحرف والفنانين والصناع هو معبود منف الرئيسي وكان يجسد بهيئة بشرية، وارتبطت به إحدى نظريات خلق الكون في الفكر الديني المصري القديم والتي سميت بنظرية منف ، وقد شكل مع زوجه المعبودة “سخمت” وولده المعبود “نفرتوم”، “ثالوث منف” الشهير. 

وتابع: "احتلت منف موقعا جغرافيا متميزا جعلها تتحكم في شطري البلاد، ووفر لها سهولة الاتصال بطرق التجارة الممتدة عبر الصحراء"، مشيرا إلى أن المدينة بلغت أوج مجدها السياسي والحضاري خلال عصر الأسرات المبكر “ 3100 – 2686 ق.م “ وعصر الدولة القديمة “ 2686 – 2181 ق.م “، حيث ظلت العاصمة السياسية والإدارية لمصر طوال تلك الفترة. 

وأضاف أن جبانتها الضخمة امتدت لتشمل مناطق مهمة كأبو رواش والجيزة وزاوية العريان وأبوصير وسقارة ودهشور ، وهي التي أطلق عليها من قبل الأثريين وعلماء المصريات “الجبانة المنفية”؛ حيث دفن ملوك مصر ورجال الحكم والأمراء وكبار الموظفين في أهرامات ومقابر هذه الجبانة. 

وأوضح أن اسم منف ظل حيا في صفحات التاريخ وكتابات المؤرخين والرحالة حتى القرن الـ19 الميلادي، ثم أصبح الموقع الفعلي لمنف مجهولا حتى نهاية القرن الـ16، حتى جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر في نهاية القرن الـ18، والتي استطاعت أن تكشف النقاب عن الموقع الفعلي للعاصمة المصرية التي طواها التاريخ.

وأكد أنه بداية من عشرينيات القرن الـ19 أصبح موقع منف “ميت رهينة” هدفا ثمينا للأثريين وتجار الآثار، خاصة بعد أن نجح جيوفاني باتيستا كافيجليا في الكشف عن التمثال الضخم الشهير للملك رمسيس الثاني، وقامت بعدها العديد من أعمال الحفائر والمسح الأثري الكبرى بالموقع من قبل جوزيف حكيكيان “ 1852 – 1854م “ ، ومارييت باشا “ 1860 – 1870 م “ ، وفلندرز بترى “ 1907 – 1913 م “ لحساب المدرسة البريطانية للآثار في مصر ، وكلارنس فيشر “ 1914 – 1921 م “ ، ورودلف أنتس “ 1955 – 1956 م “ لحساب متحف جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وأحمد بدوى “ 1940 – 1950 م “ لجامعة القاهرة .

وأعرب الدكتور رأفت عباس عن أسفه لاندثار غالبية آثار المدينة، كما أن العديد منها لازال مطمورا أسفل الأراضي الزراعية، ويعتقد الأثريون أن المدينة القديمة تقع حاليا أسفل الرواسب العميقة لطمي النيل إلى الغرب من النهر، لافتا إلى أن موقع منف “ ميت رهينة “ يشمل العديد من التلال والأكوام الأثرية الممتدة لمسافات متباعدة، و بعض برك المياه الواسعة التي تحتوى على مواقع أثرية مهمة أسفلها. 

وقال إن الموقع الأثري لمنف في الوقت الحالي اقتصر على مواقع حول قرية ميت رهينة على الضفة الغربية لنهر النيل، والتي تضمنت أهم ما تبقى من معالم منف الأثرية ، حيث يتمثل أبرزها في متحف صغير ومتحف آخر مفتوح تعرض فيه بعض التماثيل المكتشفة بالموقع ، ويعود تاريخ أغلب القطع المعروضة إلى عصر الدولة الحديثة.

وعدد عالم المصريات أهم آثار المدينة ومنها: التمثال العملاق للملك رمسيس الثاني والمستلقى على ظهره في بناية المتحف الحديثة، وهو مصنوع من الحجر الجيري، ويعد توأما للتمثال العملاق الشهير للملك رمسيس الثاني والذي خرج من منف وكان يتوسط ميدان رمسيس “باب الحديد سابقا” في قلب القاهرة والذي نقل حاليا إلى المتحف المصري الكبير، إلى جانب تمثال آخر للملك رمسيس الثاني في هيئة أبو الهول من الجرانيت الأحمر والذي يتواجد حاليا في متحف الآثار والأنثروبولوجيا ببنسلفانيا الأمريكية، وكان قد عثر عليه عند سور وحرم معبد "بتاح". 

وأكد أن هذا التمثال يعد ثالث أضخم تماثيل أبو الهول في العالم بعد تمثالي هضبة الجيزة الشهير والتمثال الموجود في ميت رهينة في المتحف المفتوح والمصنوع من الألبستر، وكان قد تم إهداؤه إلى متحف بنسلفانيا عام 1913 من قبل المدرسة البريطانية للآثار التي كانت تقوم بأعمال الحفائر الأثرية بميت رهينة تحت رئاسة الأثري الإنجليزي فلندرز بتري.

وأشار إلى أنه يوجد بالمتحف المصري بالتحرير العديد من القطع الأثرية الرائعة التي خرجت من منف “ ميت رهينة “ من أبرزها القطعة الحجرية الشهيرة التي صور عليها الملك رمسيس الثاني وهو يقوم بتأديب وقمع ثلاثة من الأسرى مثلوا أعداء مصر القديمة التقليديين وقد أرتدى الفرعون تاج الحرب وأمسك بفأس القتال ، كما يتواجد بحديقة المتحف أحد التماثيل الضخمة التي جسدت الملك رمسيس الثاني بين معبودي منف الكبار "بتاح" وزوجه "سخمت".

وبالنسبة للمتحف المفتوح بميت رهينة، أوضح عباس أنه يحتوى على عدد من التماثيل الأخرى الرائعة لرمسيس الثاني، من أبرزهم التمثال الواقف المصنوع من الجرانيت الأحمر، وتمثال أبو الهول الضخم المصنوع من الألبستر ، إلى جانب بعض موائد التحنيط التي كانت متواجدة في بيت “عجول أبيس” والتي كانت الرمز المقدس للمعبود "بتاح"

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز