هناء عبد الفتاح
عن ثقافة الإعتذار المفقودة
بقلم : هناء عبد الفتاح
ما أثقل قول " أنا أسف " على النفس وما أبغضه ، هوة إعتراف بأنك كنت غير موفق فى كلمة قولتها أو تصرف قمت به أو حتى رد فعل صدر منك ، أن تعتذر عن شئ فعتله معناه أن وعيك كان منقوصا وتقديرك كان به عوار وأنت تفعله ، هوة أمر الإعتراف به ثقيل جدا ومرهق على النفس ، فالكل يريد أن يظهر فى صورة كامل كمال الكامل ولا يخرج منه العيب أبدا ، الكل يتبارى فى تنزيه نفسه عن النواقص والحرج ، فتجد هذا يخطئ ويحاول التبرير ، وهذا يخطئ ويبدأ الفلسفة ، وذاك يخطئ ويتفنن فى إيجاد مخرج يرفع عنه أن يواجه فعل الإعتذار ، ويبقى الهروب من الإعتذار هوة الحل الاسهل من مواجهته ، ثقافة منتشرة فى مجتمعنا وعلينا ان نحاول تغييرها ..
مخطئ من يعتقد أن الإعتذار يقلل من قيمته ، هو لا يفهم كيف يكون له قيمة فى عيون الناس ، مخطئ من يستقبل الإعتذار على إنه ضعف ، هو لا يفهم قيمة أن يكون أمام شخص يأسف على خطأوه ، ومخطئ من يفرط فى قوله ، هو لا يفهم أن كثرته دليل على تشوه شخصيته ، ومخطئ من يفر ط فى التأكيد عليه ، هو لا يفهم أن الإعتذار لا علاقة له بالمذلة ، ومخطئ من يطالب به دون وجه حق ، هو لا يفهم أصول المعاملات وحدودها ، ومخطئ من يعتذر دون ان يخطئ أصلا ، هو لا يفهم فى كيف تكون عزة النفس والكرامة.
والأكثر خطأ من الكل هوة من يتعالى عن قبول الإعتذار ، يرفضه أو يجعلك تبذل مجهود سخيف فى إرضائه ليصفح عن خطأك ، هذا المتعالى لا يفهم أن بذل مجهود كبير لإرضائه سيجعل الحماس لإرضائه يقل يوما بعد يوم حتى يتلاشى تماما.
المسألة توازنية بكل المقاييس ، ولتكون صحيحة تحتاج حدودها إقتراب صحيح لا فيه نقص ولا زيادة ، ولتعرف هل أخطات ويجب عليك الإعتذار أم لا ، بكل بساطة إبعد عن مقعدك ، بدل الأماكن وضع نفسك فى مكان الطرف الثانى ، حاسب نفسك ولومها ، قومها ولا تتركها تتفرعن حتى لا تفقد التحكم فيها يوما ، وتفقد قيمتك التى كنت حريص على تعزيزها ..
المعاملة بالحسنى ليست ضعف ، والتجبر ليس قوة ، وثقافة الإعتذار الغائبة لو إستحضرناها ستتغير الحياة يقينا للأفضل لأن مستوى الحوار سيتغير ، ولا أبالغ عندما أقول أن حل جميع مشاكلنا الإجتماعية والأخلاقية يبدا من تدارك الخطأ والإعتذار عنه ..