عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
النمسا ما بين استقبال اللاجئين بالورود وإغلاق الحدود

النمسا ما بين استقبال اللاجئين بالورود وإغلاق الحدود

بقلم : بهجت العبيدي البيبة

 



لم يمر طويل وقت على تلك الصورة التي نقلتها وسائل الإعلام المختلفة للشعب النمساوي حاملا الورود وكذلك المأكولات والمشروبات وعديد الملابس في استقبال اللاجئين السوريين، وساعتها تغنى الجميع بذلك الموقف النبيل لهذا الشعب العريق، في ذات الوقت، صب جم الغضب وجل النقمة، على الدول العربية خاصة الحكومات منها، دون الشعوب، وأقيمت المقارنات بين هؤلاء الذين يستقبلون لاجئينا بالورود، ودولنا التي ترفض استقبال هؤلاء الذين شردتهم آلة الحرب.

وكنا قد ذكرنا أن تركيا أردوجان تصدر أزمة اللاجئين إلى أوربا بهدف ابتزاز الأوربيين، وذلك للاستفادة القصوى من هذه الأزمة، فتفتح من خلالها ملف حلمها بالانضمام للاتحاد الأوربي ذلك الانضمام الذي ترفضه الشعوب الأوربية قبل الحكومات، نتيجة لتلك الصورة الذهنية السلبية المترسبة لدى الشعوب الأوربية عن تركيا.

أعود للمشهد الذي تبدل من قبل النمسا في أقل من عدة شهور، حيث أخذت النمسا قرارا منفردا، في خطوة فريدة قلما تقدم عليها، بإغلاق حدودها أمام اللاجئين، بل أكثر من ذلك فإنها ترفض حضور اجتماع الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، للبحث في حصص اللاجئين، وكانت النمسا قد أعلنت، في وقت سابق، أنها ستدرس 37500 طلب لجوء فقط هذا العام بالمقارنة مع 90 ألف طلب تلقته العام الماضي. كما طالبت الاتحاد الأوروبي تقديم 600 مليون يورو لتغطية تكاليف استقبال لاجئين إضافيين، وذلك عقبَ جمع مؤتمر المانحين 11 مليار دولار لمساعدة السوريين على مدار 4 سنوات.
وكانت اليونان التي هي أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضررا من أزمة اللاجئين قد  رفضت طلب زيارة وزيرة داخلية النمسا، يوهانا لايتنر، لأثينا، على خلفية تصاعد حدة التوترات بيت البلدين، بسبب القيود التي تفرضها فيينا على دخول اللاجئين إلى أراضيها.

إن عدد سكان النمسا 8.5 مليون نسمة  ويبلغ متوسط دخل الفرد بها ما يقارب 35 الف يورو سنويا، تحجز لهم بهذا المتوسط مكانا ضمن الخمسة عشر دولة الأغنى في العالم، كما تم اختيار العاصمة النمساوية فيينا للسنة السابعة على التوالي أفضل مدن العالم للإقامة، من حيث تقديم الخدمات والرفاهية لساكنيها.
حينما استقبل الشعب النمساوي اللاجئين بالورود، كان ضمن قناعة هذا الشعب أن النمسا مجرد طريق عبور لهؤلاء اللاجئين إلى ألمانيا، ولكن ظل على أرض النمسا عدد من هؤلاء اللاجئين الذين تم توزيعهم على المقاطعات والمراكز والمدن المختلفة كل حسب النسبة المقررة له، وكان ظهور هؤلاء اللاجئين في الأماكن التي استقبلتهم مثار حديث طويل لا ينتهي بين السكان، وهنا أرسل كل حاكم مدينة خطابا إلى الأهالي يعلن فيه أنه وحزبه، ليس لهم أي دخل في استقدام هؤلاء اللاجئين إلى المدينة، وأن هذا الأمر مفروض من الدولة التي ترتبط باتفاقيات دولية، وعلينا أن تحمل وأن نعيش سويا، متفهمين للظرف،  ولكن هذا المبرر لم يلق لا ارتياحا ولا قبولا من قبل الأهالي الذين يدركون أن وجود هؤلاء اللاجئين سوف يمثل عبئا على الدولة وسوف يكون له مردود سلبي على الاقتصاد، كما سيفاقم مشكلة البطالة التي يعاني منها قطاع من أهل البلد والمهاجرين القدامى، وهذا سيؤدي بالقطع إلى انخفاض مستوى المعيشة عن ذلك المستوى الحالي، والذي يرى النمساويون أنهم حققوه بكثير من التعب والعرق، بفضل مجهود أجيال سابقة بذلت كل ما تستطيع من أجل بلدها، ومن أجل أن يحيى أبناؤهم وأحفادهم في هذا المستوى الذي يهدده الآن استقبال اللاجئين.
فكان لابد للحكومة النمساوية أن تنصت لرأي الشارع، وأن تتخذ من الإجراءات ما يحفظ لها بقاءها، وإلا سيكون العقاب من خلال صناديق الاقتراع التي لا ترحم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز