عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الزند والنبي وسيرته !

الزند والنبي وسيرته !

بقلم : بهجت العبيدي البيبة
في معرض رده في حديث تلفزيوني على سؤال عن صحفي شهر به هو وأسرته وهل سيحبس الصحفيين قال أحمد الزند وزير العدل  المصري : "سأحبس أي مخطئ بحق الدولة، إذا لم يكن هؤلاء مكانهم في السجون، فأين سيكون مكانهم، سأسجن أي أحد حتى لو كان النبي عليه الصلاة والسلام"، لكنه تدارك على الفور قائلا "استغفر الله العظيم.. سأسجن المخطئ أيا كانت صفته".
وتلك الإجابة التي خرجت من بين شفتي وزير العدل لها دلالات وعليها تحفظات فلا يمكن أن يقبل بها مسلم أو حتى غير المسلم الذي يرى في مقام النبوة قداسة يجب الحفاظ عليها، ولا شك أن الكلمة خرجت من الرجل عفوا غير قاصد لمعناها الحرفي، بل هو قد حاول أن يؤكد أنه لا تهاون في الحقوق، ولا تضييع للقانون، هذا هو المعنى الذي أراده الزند، وكانت محاولة تأكيده لذلك بأن يأتي بالمستحيل الذي لا يمكن أن يتم حبسه وهو النبي صلى الله عليه وسلم، كما يقول أحدهم: لن ينصلح حال هذه الأمة حتى لو عاد لها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدرك تماما أن ذلك هو المستحيل عينه، في إشارة منه إلى حال التردي اللامتناهية التي وصلت إليه الأمة.
أدرك الزند بعد أن خرجت العبارة من فمه أن فيها تجاوزا في مقام سيدنا محمد فاستغفر الله الذي يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به، ولكن قامت الدنيا ولم تقعد على أحمد الزند، ولعلني لاحظت مزايدة كبيرة في ذلك، فلا شك أننا جميعا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم حبا ليس لأحد من البشر أن يحظى بمثله تأكيدا لحديثه الشريف صلى الله عليه وسلم "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ".

أقول لاحظت مزايدة كبيرة في الهجوم على أحمد الزند فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي  منشورات تندد بمقولة وزير العدل، والغالبية طالبت بإقالته، وهذا لا يعنيني في شيء، وهناك من تقدم ببلاغات للنيابة لعزله من منصبه، مظهرين جميعا حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذي هو فطري عند المسلمين جميعا، ولكن كل هؤلاء الغاضبين للرسول الكريم، لم يتحلوا بصفاته صلى الله عليه وسلم تلك التي كانت السماحة جوهرها والعفو كنهها والرحمة أبرزها، وهنا يبرز السؤال: هل ما يقومون به حقا غضبا على رسول الله، وحبا له فإن كان الأمر كذلك أفليس من مقتضيات الحب أن نتمثل بمن نحب؟ ونتخذ من صفاته وسيرته وحياته منهج حياة. أم أن للهجوم على الزند وجها آخر وسببا  غير ذلك الذي يظهرونه حبا للرسول وغصبا على مقام النبوة، هذا الوجه الذي ينبئ أن ذلك الهجوم، من البعض بالطبع، يأتي في إطار معركة سياسية بين الرجل وخصومه الذين يرفعون من الدين شعارات لا يطبقون منها على أرض الواقع شيئا، وإلا كان التسامح والعفو والرحمة من شيمهم.

الغريب في تدين مجتمعنا أنه تدين كلامي شكلي ينحصر ما بين الغضب والكلام والمظهر، وقلما وجدنا ذلك الإيمان في عمل يمشي على قدمين، وإلا لم تكن هذه هي حالنا.

لا شك أن الأغلبية العظمى لن ترضى عن هذا المقال ببساطة لأنه يعري منطقة تريد هذه الأغلبية أن تظل مخفية في ثنايا النفس المتوهمة الإيمان، الذي ليس غضبا فحسب بل عملا وإتقانا وصدقا وأمانة وإخلاصا وسماحة وعفوا وحبا وغيرة حقيقية.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز