عاجل
الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
خان أم لم يخن؟

خان أم لم يخن؟

بقلم : د. صلاح الدين محمد

في الأيام القليلة الماضية تم إعلان فوز مرشح عمدة بلدية لندن ليصبح صادق خان، المواطن البريطاني ذي الأصول الباكستانية، أول مسلم يصل إلى هذا المنصب الرفيع، ومن هنا نبدأ.



كان تركيز الصحف والأخبار ومواقع التواصل الإجتماعي وخاصة العربية منها على إسلامية الرجل وكأن وصول الرجل إلى هذا المنصب الرفيع هو انتصار للإسلام في بلاد الفرنجة أو بلاد الكفر كما يحلو للبعض أن ينعتها. هذه صورة معتادة حين نتناول نحن المسلمين أحداث كهذه. تماماً كما ننتشي فرحاً حين يدخل أحدهم في الإسلام، ويصيبنا التهور حين يخرج أحدهم منه أو يتنصر أحد المسلمين.

الكثير ممن تناول الخبر وخاصة على مواقع التواصل الإجتماعي فاتهم الكثير من الأمور التي أوصلت مواطن بريطاني إلى مقعد عمدة لندن منها مايلي:

أولاً، الرجل مواطن بريطاني من أصول باكستانية مسلمة، مثله كمثل أي مواطن بريطاني يختلف عنه في العقيدة والأصل والعرق واللون وغيرها. المواطن في بلاد الفرنجة له دستور يُسَيِّرُ حياته وقوانين تحدد ماله من حقوق وما عليه من واجبات، ليس بالطبع كمواطني العالم العربي، كما أن المواطن البريطاني أيا كانت خلفيته الثقافية فهو مواطن يتمتع تماماً بالحقوق التي ينص عليها دستوره، رغم أن بريطانيا ليس لها دستور، فهو وغيره سواء أمام القانون، وله أن يصل إلى أرفع المناصب إن شاء شريطة أن يتمتع بمواطنة صالحة.

ثانياً، ديانة الرجل ليست مبعثا للتفاؤل عند الكثيرين مما يبالغون في التفاؤل بمقدمه إلى هذا المنصب. فالرجل لايمكن بحال أن يخضع لإستبزاز إسلاميته من البعض فيتحمل مالاطاقة له به للدرجة التي قد ينظر إليه البعض على أنه انتصار من الله للمسلمين في أوروبا وبالتالي بداية لإنهيار أوروبا وتمكين المسلمين منها. هذا بلا شك يدور في خلد الكثيرين من أبناء المسلمين، بغض النظر عن كفائة الرجل من عدمها. فالبعض من المسلمين يعيش في بلاد الغرب ويتمنى أن تزول النعم منهم لكي يرثها هو لمجرد أنه مسلم، وكم ينتظر الفرصة التي ينقض على هذه البلاد من الداخل ليعجل بالإرث الموعود.

ثالثاً، معايير الإنتقاء والإختيار عند المواطن الغربي تختلف تماماً عنها في المواطن ذو الأصول الإسلامية، فمعايير المواطن الغربي عند الإختيار تقوم على المصلحة التي يستفيد منها ومن خلالها، أما معايير المواطنين ذوي الأصول الإسلامية فغالباً ما تميل إلى عوامل عاطفية أسوأها وأشدها هي العنصرية. فلا شك أنه فور ظهور اسم صادق خان على قائمة المرشحين لمنصب عمدة بلدية لندن حتى اصطف المواطنون ذوو الأصول الإسلامية حوله بغض النظر عن كفاءة الرجل التي ستحدد لاحقاً فيما إذا كان كفءاً لهذا المنصب أم غير ذلك.

رابعاً، أحد المواطنين البريطانيين من ذوي الأصول المسلمة كان اسمه سلمان رشدي وكان أحد الكتاب البريطانيين من الأصول الهندية ورغم ذلك كتب أبشع ما أثار حفيظة مسلمي العالم في كتاب أسماه "آيات شيطانية" الذي طُلبت رأسه بسبب هذا الكتاب في مطلع تسعينيات القرن الماضي. فلا ينبغي أن نعول كثيراً على الرجل لمجرد أنه مسلم لأن التفكير بهذا المنطق لا يصل إلى شيء اللهم آمال عنصرية لاتمت إلى الواقع بصلة. هذا لايعني أن الرجل يبدوا عمليا لأنه تقلد المناصب الأقل رفعة في لندن من قبل، وهذا تطور طبيعي لشخص مثله في العمل العام. نشاط وطفاءة الرجل يحسبان له، ام كونه مسلم فهذا ليس معياراً في بلاد كبريطانيا.

الأهم أن الأسماء والديانة والعرق هي معايير عنصرية بحتة تتدخل وبشدة في اختيارنا لمن يمثلنا عند بلاد الفرنجة ناسينأاو متناسين أن هذه الأسماء بعينها وديانة معظم أصحابها وعرق منتسبيها هي ما وضعت دول منتسبيها في مصاف دول العالم الثالث إن لم تكن في المقدمة. نسي الكثيرون أن جُل الكتلة الممثلة للعالم الثالث هي كتلة بشرية مسلمة في أغلبها عربية في معظم أسمائها عرقية عند فرزها متخلفة عند تصنيفها والسبب في غاية البساطة وهو عنصرية الإنتقاء التي نهانا عنها مُعلم البشرية رسولنا الكريم حين أمرنا بتركها لأنها جيفة.

لازال الكثير من المسلمين يفكر بهذا المنطق في كل أمر يخص المسلمين، بشكل ساذج يخلو من العملية، وهكذا نحكم على غيرنا من مبدأ الحب والكره وليس من واقع عملي برجماتي تتعاون فيه أطراف الإختلاف للوصول إلى المصالح المشتركة والمفيدة للجميع. خان سيصبح تحت المجهر فور تولى المنصب، فإن أحسن فلنفسه وإن خان فهذا جزء من اسمه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز