عاجل
الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ترامب صاحب العقل المجنون أم هيلاري صاحبة القلب المتحجر

ترامب صاحب العقل المجنون أم هيلاري صاحبة القلب المتحجر

بقلم : د. فتحي شمس الدين
على الرغم من أنَّ الكثيرين يكرهون دونالد ترامب، بسبب اتجاهاته العدوانية المتشددة في بعض الأحيان والمجنونة في الأحيان الأخرى إلّا أنّه أصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية بعد تغلبه على منافسته هيلارى كلينتون.. ورغم أن الكثيرون راهنوا على حسم هيلاري لمقعد الرئاسة إلا أن فوز ترامب أكد أن هناك تغيرات كثيرة في المشهد السياسي العالمي الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية ضالعة فيه بصورة كبيرة وهو الأمر الذي ينبئ بتغير شديد  للمشهد الداخلي الأمريكي بما ينعكس على العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط تحديدا.. والسؤال هنا: هل فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في مصلحتنا أم كان فوز هيلاري كلينتون هو الأنسب!!؟
 
  لنتفق عزيزي القاري أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لا تتغير كثيرا بالأشخاص فهي سياسة معده وممنهجة تدار من قبل شخص تكون له أراء وتوجهات وقضايا يضلع بها بحكم عملة الرئاسي, لكن الخطوط العامة لا تتغير كثيرا.. ودعني أؤكد لك على شيء أن حجم الاهتمام العربي برئيس الولايات المتحدة الأمريكية القادم يؤكد على ضعفنا كدول عربيه مفعول بها وليست فاعلة.. لكن وقبل أن نسأل أنفسنا أيهما أفضل للمنطقة فوز ترامب أم هيلاري أنا أعتقد أن العثور على الإجابة يتوقف على يفعلانه لصالح الولايات المتحدة نفسها، لأنه إن كانت الولايات المتحدة غير قادرة على تنظيم بيتها من الداخل فلن تكون بالتالي قادرة على أن تقدم الكثير لأي دولة أخرى حول العالم.
 
     تمكنت الولايات المتحدة وعلى مدار تاريخها من ضم واستيعاب التنوع العرقي، والديني، والفكري، والعنصري، وشكلت من وراء ذلك توافقًا وطنيًا حول القضايا الرئيسية الخاصة بالسياسات الداخلية والخارجية. إلا أن هذا الأمر لم يعد موجودا حاليا حيث إن الولايات المتحدة اليوم هي أكثر انقساما على نفسها من أي وقت آخر في تاريخها الحديث وهو الأمر الذي عكسته الانتخابات الرئاسية بكل ممارساتها التي شُبهت إلى حد كبير بممارسات دول العالم الثالث. ويعود الانقسام الذي تشهده حاليا الولايات المتحدة بصورة كبيرة إلى شخصية أوباما المثيرة للانقسام فمن خلال تحويل قاعدة نفوذه إلى الائتلاف الذي يضم الأقليات العرقية والإثنية والدينية، دفع أوباما الأغلبية من الشعب الأميركي نحو الدعوات المتطرفة التي كانت منبوذة لديهم لعدة أجيال, وعلى المستوى الخارجي قاد أوباما أيضًا انقسام حلف شمال الأطلسي على ذاته، حيث فتح مساحات جديدة للقوى الانتهازية من مختلف الأحجام للخوض في مغامرات غير مدروسة مع دول الحلف. وإذا نظرنا إلى طبيعة هذا الانقسام وتساءلنا من لدية القدرة على إزالته فإن دونالد ترامب في واقع الأمر الأكثر قدرة على زيادة الانقسامات بسبب حديثة  الذي أهان به المكسيكيين، والمسلمين، وغيرهم ممن يشكلون جزء مهم من نسيج المجتمع الأمريكي, وحتى كبار أعضاء الحزب الجمهوري لم يسلموا من تطاولاته .وبالنظر إلى هيلاري نجد أنها أيضا ذات قدرة كبيرة لإحداث الانقسام. والسبب هو، أنها يُنظر إليها على أنها العنصر المكمل لعهد باراك أوباما، والكثير من المواطنين الأميركيين ينظرون إليها من واقع أنها تمثل فترة الحكم الثالثة للرئيس باراك أوباما. وبالتالي يتضح لنا أن الخيارين بالنسبة لأمريكا ليسوا الخيار الأمثل. وان أي منهم حال فوزه سيأخذ فترة كبيرة لترتيب البيت من الداخل ما يعطي فرصة لقوى جديدة أن تشكل وضعها العالمي والإقليمي, كما ستختفي قوى أخرى أو يقل دورها نتيجة ضعف الدعم الأمريكي في الفترة الحالية على الأقل.
 
     وفيما يتعلق بالتساؤل الرئيسي حول الشرق الأوسط، نجد أنه بالنظر إلى ترامب فهو صاحب شخصية غير معروفة على المستوى السياسي. ويؤمن بأن السياسة الخارجية الأميركية الحالية غير مجدية بحال من الأحوال. وهذا، بدوره، قد يقنعه بالبحث عن شيء مختلف، أو ربما يخلق فرصة جديدة لإصلاح بعض من الأضرار التي تسبب فيها باراك أوباما وسياساته الضالة حيال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. أما هيلاري كلينتون، فعلى النقيض من ذلك، فلديها بالفعل سجلها المعروف فهي تعتبر صقر من صقور الولايات المتحدة الأمريكية فلقد دعمت وأيدت تنظيم الإخوان المسلمين في مصر قبل أن يتخذ أوباما قراره بالتخلي عنهم. وهو الأمر الذي كان في حال فوزها ستعمل وبكل قوة على رد الصفعة التي تلقتها من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بقيامه بثورة 30 يونيو التي مثلت انتهاءا لمشروعها في الشرق الأوسط بتقسيمه لدويلات لصالح إسرائيل وكانت مصر هي الحجر الأخير في عملية التقسيم وهو الأمر الذي وصفته هيلاري بنفسها في مذكراتها بأن مصر هي الجائزة الكبرى. كما كانت هيلاري من المناصرين المشاركين في صياغة سياسة أوباما الكارثية في ليبيا والتي قادت البلاد نحو الهاوية والتقسيم والتي تحولت بعدها لمرتع للإرهابيين. وفيما يتعلق بقضية الصراع العربي الإسرائيلي، فكانت هيلاري تلعب على كل الحبال التي وضعها باراك أوباما، حيث عقدت الجولات تلو الجولات من المفاوضات التي لم تؤدِ إلى نتيجة تُذكر.
 
     ودعني أقول لك وبكل ثقة عزيزي القاري أن فوز دونالد ترامب أفضل بكثير من فوز هيلاري كلينتون حيث أنه شخص يمكن التبوء بأفعاله ورئاسته للولايات المتحدة ينفى عنها التذرع بالأخلاق التي تعظ بها الدول الأخرى. حيث سيكون من المثير للسخرية لأمة يدعو قائدها علنًا لحظر الهجرة على أتباع دين معين أن توبخ بلدانًا أخرى لسجلها الشائن في مجال حقوق الإنسان. كما ستتيح رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية ظهور قوى جديدة واختفاء أخرى وسيتم حدوث تغير في طبيعة المشهد السياسي بما يخدم مصلحة الشرق الأوسط بشكل عام ومصر تحديدا, حيث ستصبح قوة  إقليمية في غاية الأهمية بعد أن تقل الضغوطات عليها قليلا بسبب تغير ميزان المصالح.
 
      وعليك أن تتذكر عزيزي القاري أن أكثر المكاسب التي حققتها المنطقة خاصة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي كان في وجود أكثر الشخصيات دمويه وعنفا في سدة الحكم, فغرورهم وتكبرهم دائما ما يصب في مصلحتنا كثيرا.. ولكن علينا أن نعمل أن نكون فاعلين وليس مفعول بنا فنحن لدينا مقومات القوى ولكن نأبى أن نستخدمها لتحقيق وحدتنا الحقيقية.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز