عاجل
الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

 أسكيا محمد أو خليفة التكرور

السلطان أسكيا محمد هو أحد أشهر الملوك في بلاد غرب أفريقيا، أو ما يقال لها بلاد التكرور التي تحدثت عنها الكثير من المصادر التاريخية، وهو سلطان مملكة صنغي الاسلامية التي تأسست في آراضي مالي وما حولها من بلاد غرب أفريقيا.



وكان من أبرز المؤرخين الذين ذكروا اسم "التكرور"، سواءً للإشارة إلى "مالي"، أو "صنغي"، أو على سبيل الإشارة  لحُكام هذه البلاد، والذي يرد باسم "ملك التكرور"، أو "سُلطان التكرور": "العُمري" (ت: 749هـ)، و"ابن كثير" (ت: 774هـ)، و"القلقشندي" (ت: 821هـ)، و"المقريزي" (ت: 845هـ)، و"ابن حجر" (ت: 852هـ). ويبدو ذلك واضحًا في حديثهم عن السلطان "منسا موسى" (712-738هـ)، صاحب رحلة الحج المشهورة، وهو "سلطان مالي" ذائع الصيت، وهو الذي تذكره أكثر المصادر المملوكية بأنه: "ملك (أو سلطان) التكرور". 

ولعل هذا هو ذات اللقب أو الاسم الذي يستخدمه سكان غرب أفريقيا لاسيما في آراضي مالي حتى يومنا هذا، حيث يوجد لوحة قبر لوحة قبر السلطان أسكيا محمد في أحد ميادين مدينة جاو (في مالي)، ويوصف فيها حاكم سلطنة صنغي بأنه "خليفة التكرور" Caliph du Tekrour. 

كما أن التماثيل الخاصة بالسلطان أسكيا محمد تحمل ذات الوصف أيضًا، وأنه كان يحمل لقب: "خليفة التكرور"، وليس حاكم أو ملك صنغي. وبحسب المصادر السودانية، فإن كبار العلماء في أيام السلطان أسكيا هم من أعطوه لقب الخليفة (أو خليفة التكرور)، على غرار كل من الإمامين الشهيرين السيوطي والشيخ المغيلي، وغيرهما. 

وعن حمل أسكيا محمد لهذا اللقب المهم، يذكر القاضي محمود كعت: "اتفق علماء عصره على أنه خليفة، وممن صرح له بذلك الشيخ عبدالرحمن السيوطي، والشيخ محمد بن عبدالكريم المغيلي، والشيخ شمهورش الجني، والشريف الحسني مولاي العباس أمير مكة رحمهم الله أجمعين..". 

كما أورد ذات الاسم الإمام "السيوطي" (ت: 911هـ)، وهو يُعتبر من مُتأخري مؤرخي عصر المماليك، لما تحدث عن "سلطان صُنغي" في أيامه، وهو "أسكيا محمد" (899-935هـ) وهو الذي دعاه السيوطي بلقب: "سلطان التكرور، ثم لما زار "السيوطي" بلاد السودان الغربي دعاها أيضًا بذات الاسم (أي التكرور)، حيث يذكر في ترجمته قائلاً: "وسافرتُ بحمدِ الله تعالى إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، والتكرور". 

وفيما يخص تسمية السلطان أسكيا محمد بلقب: (خليفة التكرور) Caliph du Tekrour، تذكر المصادر السودانية: "دخل مولاي العباس في الخلوة ثلاثة أيام، ثم خرج يوم الجمعة، ونادى الحاج محمد، وأجلسة بمسجد البلدة الشريفة مكة، وجعل على رأسه قلنسوة خضراء وعمامة بيضاء، وأعطاه سيفا، وأشهد الجماعة الحاضرين بأنه خليفة أرض التكرور، وأن كل من خالفه في تلك الأرض فقد خالف الله تعالى ورسوله".

ولم يستخدم الإمام السيوطي لفظ أو تسمية "سلطنة صُنغي" في مؤلفاته العديدة، ولا في أي من كتاباته التي تحدث فيها عن هذه المملكة الإسلامية في غرب أفريقيا، أو حتى رسائله التي كان يوجهها لكل من السلاطين والعلماء في هذه البلاد، رغم أن هذا الاسم هو الذائع لتلك السلطنة الإسلامية الكبرى آنذاك، والتي كانت تسيطر على أكثر البلاد في غرب أفريقيا في ذلك الوقت.  

كما أن السيوطي ألف بعد ذلك "رسالةً" في العلوم الشرعية رداً على بعض "الأسئلة الفقهية" التي كانت قد جاءته من علماء وفقهاء بلاد غرب أفريقيا، وقد دعا "السيوطي" تلك الرسالة باسم: (فَتح المَطلَب المَبرور، وبَردِ الكَبِد المَحرور فى الجوابِ عن الأسئلةِ الواردةِ من التَكرور)، وهو ما يؤكد ذات الاتجاه الذائع لدى مؤرخي المماليك في استخدام لفظ "التكرور". 

وحتى الآن لايزال هذا الاسم متداولاً، حيث عند قبر أسكيا محمد في جاو بمالي حاليا، كتب عليها اسمه، وألقابه، ومنها أنه دعي باسم: (خليفة التكرور) Caliph du Tekrour.

بل إن مؤرخي السودان الغربي كانوا يستخدمون تلك التسمية في مؤلفاتهم، ومن ذلك ابن الطالب البرتلي (ت: 1219هـ) في كتابه الموسوم "فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور"، وهو ما يؤكد ذيوع هذا الاسم (التكرور) في بلاد السودان الغربي. ورغم أن أكثر العلماء والفقهاء من غرب أفريقيا الذين ترجم لهم "البرتلي" كانوا من مملكة صُنغي، وعلى هذا، فلم يكن اسم "التكرور" ذائعًا في بلاد المشرق الإسلامي فحسب، بل كان معروفًا في بلاد السودان الغربي ذاتها. 

كما أن المؤرخ الأفريقي المعروف موسى كامرة يذكر: "وأما سحرة أرضنا بلاد التكرور". وهو ما يشير لذيوع استخدام هذا اللفظ بين المؤرخين بشكل واسع بين المؤرخين الأفريقيين القدامى، ومن المعلوم أن موسى كامرة هو المولود في حوالي سنة 1862م.

 

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز