الكوكب والمهندس "الأبراكادابرا".. محاكاة العقل!

على مائدة إفطار شهر رمضان المبارك، تعودت دائما أن يكون الاستعداد للإفطار من خلال  القناة الأولى الرسمية، والبدء بالاستماع إلى قراءة القرآن الكريم الشيخ "محمد رفعت" رحمه الله، ثم مدفع الإفطار والأذان، وعقب ذلك مشاهدة مسلسل للأطفال الذي عودتنا عليه قناتنا، ويأتي عقب الأذان مباشرة ودائما يكون فيه من العظات ما يشد انتباه  الكبير  قبل الصغير.

والعام الحالي كان مسلسل "نور والكوكب السعيد"، الذي يعرض لأول مرة، وفي الواقع من أول حلقة سعدت جدا به، حيث تهدف حلقاته المسلسلة إلى توعية الطفل بالقيم الإنسانية والحضارية، من خلال الدعوة إلى عالم جديد خالٍ من العنف والكراهية، ويسوده التسامح والإخاء، فمن خلال إحدى حلقاته "حملة تبرعات" نجد تعاطف أبطال المسلسل الكرتوني، نحو مشكلة إخلاء ملجأ يضم أيتاما منذ سنوات عديدة، وذلك نتيجة حاجة صاحب الأرض وهو رجل أعمال إليها، واعتبر أن هذا من حق صاحبها، وواتتهم فكرة لقائه وتعرفوا على سعر الأرض وقالوا له هل لو وفرنا لك قيمة الأرض تترك مبنى الأيتام كما هو؟، فقد كانت إجابته بالطبع وأمامكم فرصة أسبوعين المهلة التي طلبتوها، وكانت فكرة الأبطال هي الدعوة للجميع للتبرع لإنقاذ مبنى الأيتام، وتدور الفكرة على التكافل من جميع فئات المجتمع رجال الدين والأعمال والكرة والفن والجميع تكاتف وتبرع وتم إنقاذ أرض المبنى

أيضًا شدني حلقة أخرى تدعو للحفاظ على البيئة وكيفية مواجهة التلوث، من خلال حلقة "تلوث الشواطئ" عندما وجدوا بقعة من زيت النفط في البحر، وبدأوا  التفكير في طرق  إزالتها مع أيضا إنقاذ الطيور والأسماك من آثار ذلك التلوث، مما يظهر الرحمة بكل الكائنات وحماية كوكب الأرض.. وكل ذلك يتم بفن راق وهادف من خلال   مؤلفة الحلقات د. نهى عباس، وسيناريو عمرو الطاروطي، وإخراج محمد ضاحي وشريف حسن، وقام بالإنتاج شركة  ماتريكس عمر غازي، ومن بعض الأبطال بأصواتهم الفنانة ويزو، أحمد جمال، لقاء سويدان، نور قدري، حسين القناوي، والفنانة الصغيرة فيروز طارق.

كما لا بد أن أشكر قناتنا الأولى هذا العام، على أنها أعادت عرض إحدى مسابقات القصص التثقيفية المهمة كلنا نسعى شغفا إلى معرفتها، ولم لا؟ فهي قصص أجدادنا القدماء.. الذي يقوم بحكايتها في صورة فزورة، الفنان الراحل القدير فؤاد المهندس "رحمه الله"، من خلال      فوازير "عمو فؤاد ويا الأجداد"، وفي الواقع شدني طريقة أدائه لوصول المعلومة ببساطة لكل المشاهدين.

ورغم أنها منذ عام 1985، أي مرت عليها حوالى 30 عاما  إلا أنها وجدت إقبالا كبيرا من المشاهدة، وما زال نتذكر أبطاله محمد الشرقاوي وحسن العدل "رحمهما الله" ومشيرة إسماعيل وغيرهم والمخرج محمد رجائي، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ وسيناريو وحوار مصطفى الشندويلي.

  حيث  يلقى فنان الزمن الجميل، الضوء حول تاريخنا القديم وأشهر الأسماء في ذلك التاريخ وما قدموه من أعمال مهمة، من خلال شكل كوميدي لسهولة الفزورة وترسيخ المعلومة، من خلال البنورة المسحور وكلمة 

السر السحرية "الأبراكادابرا"، يقابل في كل حلقة أحدا من الأجداد ويحكي حكايات مصر وأمجادها  وحكامها العظماء، وأهم الأحداث التاريخية التي مرت بها في أزمان مختلفة، مثل جمال الدين الأفغانى ورفاعة الطهطاوي وصلاح الدين الأيوبي، وأيضا حكايات الكثير مننا قد لانعلمها وفي حاجة إلى تعليم أولادنا بها، ومنها حاكم في زمانه كان محرم خروج النساء نهائى فى الشارع نهارا أو ليلا ومنع صانعي الأحذية صنع أحذية حريمي حتي يتعذر علي النساء الخروج الي الشوارع، كما حرم أيضا أكل الملوخية.. "وقد لا يعرفه الكثير"، وهو  الحاكم  بأمر الله،  المنصور بن العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله المهدي، ولقبه الحاكم بأمر الله وكنيته أبو علي.

ولا يمكن إغفال برنامج الشيخ "علي جمعة"، مفتي الديار المصرية السابق، "نور الدين" الذي يتميز بثرائه من خلال الرد البسيط على أسئلة الأطفال الدينية، بطريقة تصل إلى عقولهم سريعا وتشد الكبير قبل الصغير.. ويفتح البرنامج  الباب للحوار والنقاش حول الأسئلة الصعبة ويصحح المفاهيم المغلوطة.

كما أعجبت ببرنامج  إذاعي مهم لمعالمنا السياحية المصرية الأصيلة، وأيضا في العديد من الدول وعادات وتقاليد رمضان لهذه الشعوب، وحمل على عاتقه أحد خبراء السياحة وعضو جمعية مستثمري جنوب سيناء ورأس سدر د. عاطف عبد اللطيف، كوجهة سياحية وثقافية.

وفي الوقت الذي يفرض فيه العمل الجيد تواجده، نجد أعمال تتضمن  كلمات أو مشاهد غير لائقة تخدش الحياء ولاتليق أن تكون من ضمن أعمال الشهر الكريم كما فى مسلسل "صلة رحم"، الذي آثار الاستياء بصورة عامة على مواقع التواصل الاجتماعي. 

أيضا ما تم في مسلسل" لانش بوكس "من اقتباس جملة" شعره كيرلي وأبيضاني وحلو "، وللأسف هى نفس  ما قالته والدة الطفل الفلسطيني يوسف بغزة التي بث لها فيديو شهير مؤلم لن ينساه العالم، حيث كانت تبحث عن ابنها في أحد المستشفيات التي انتقل إليها ضحايا كثيرون جراء القصف الإسرائيلي، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون المقصود الإساءة لوالدة الطفل، ولكن هو فى الحقيقة افتقار إلى العبارات الجديدة غير المقلدة  اللازمة فى المشهد، وهنا السؤال أين الرقابة فى تلك الأعمال، وأين الفكر المتطور  اللازم لجذب المشاهد.

ألستم تتفقون معي،  أن العمل الفني القيم والهادف يظل مهما مرت عليه السنوات، الذي قد انحسر كثيرا، وأصبح من النادر في وقتنا هذا، وأصبحنا في حاجة إلى عودته،  باستثناء قلة قليلة ما زالت تحترم الفن والجماهير.