عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
دراما رمضان.. اللغة الخشبية والتواصل مع الجمهور العام

دراما رمضان.. اللغة الخشبية والتواصل مع الجمهور العام

في حديث مع الناقدة الكبيرة عبلة الرويني حول مقالها نهار بجريدة الأخبار القاهرية الأحد الماضي 2024، والذي هو مقال معلوماتي الطابع عن المعالجات الدرامية والروائية لدراما الحشاشين التي نشاهدها هذا العام، قلت لها هذه هي المرة الأولى تقريباً التي قرأت فيها مقالاً لكم لا يحمل رأياً، فردت الفاضلة بهدوء، المعلومات رأي، وهنا أضافت ما لم تكتبه وردت بأنها لن تكتب رأياً إلا بعد اكتمال المشاهدة للحلقة الأخيرة.



وفي تقديري هذا هو الرأي الذي ينحاز للمعرفة، إذ إنه حقاً لا يمكن أن نكون رأياً قبل اكتمال المشاهدة.

إلا أنها قالت لي رأياً سألتها أن أكتبه فوافقت، وها أنا أنقل عنها إذ تقول: 

"إن الدراما الأبرز هذا العام هي دراما الحشاشين قد تسببت في قيامنا جميعنا، الجمهور والنقاد والمختصون بالتاريخ والفنانون بالبحث في تاريخ الدولة الفاطمية والخلافة العباسية، واختلاف الآراء المتعددة أصبح نقلة نوعية في الحوار والاهتمام وهي ترى وأوافقها الرأي أن هذا النوع من الحوار الدائر الآن حول دراما الحشاشين هو ارتقاء بالاهتمام العام، بعيداً عن عالم تعدد الأزواج واستخدام القوة البدنية واستعراض الثراء بعيداً عن عالم التعليم والمعرفة.

وفي مديح الناقدة الكبيرة عبلة الرويني، أرى أنها تحاول مع د. وفاء حامد كمال والاستمرار المنتظم في النقد المسرحي التطبيقي، وهو انتظام أصبح بالغ الندرة بعد رحيل الكبار وعدم انتظام النقاد في ممارسة النقد التطبيقي، والذي يمتد وفقاً للضرورة واهتمام الرأي العام إلى دائرة الدراما التليفزيونية.

ولدى المختصين من أمثال كمال والرويني ممن درسوا النقد الفني دراسة نظامية تراكمية وامتد أثرها إلى الكتابة التطبيقية المنتظمة ميزة مهمة للغاية، ألا وهي القدرة على الكتابة التخصصية بطابع مفهوم.

بعض من المختصين الآخرين يحملون ذات العمق وهم ملء السمع والبصر، إلا أنهم يميلون بطبيعة تخصصهم المهني العام الصحفية نحو الكتابة ذات الطابع المهني الصحفي، وهو أمر مهم ومقدر، إلا أن ما يميز الرويني وكمال، هو ذلك الإصرار على استخدام المعرفة العلمية التراكمية النقدية في قالب يبتعد عن اللغة الخشبية.

ومشكلة النقد الفني والأدبي عندما يمارسه المختصون والأكاديميون هو الدخول أحياناً إلى هذه اللغة في إطار الحفاظ على الوقار الأكاديمي من وجهة نظرهم.

مما يصنع مسافة بين الجمهور العام من القراء وقدر كبير من الكتابات النقدية الأكاديمية، ويساهم في صنع السيولة في مسألة النقد التطبيقي للفنون التعبيرية.

وجعل التقارير الإخبارية وتعليقات وسائل التواصل الاجتماعي هى المصدر الرئيس لتكوين اتجاهات الرأي العام.

وبعيداً عن النقاد الجادين أود أن أجدد الإشارة والرجاء لأصحاب المعرفة من المختصين بضرورة البحث عن لغة تطبيقية تجمع بين المصطلح الأكاديمي والفهم العام وهي مسألة تحتاج لاختيار دقيق لمسألة اللغة ولشرح وإيضاح معرفي، وتبقى النماذج التاريخية دليلاً معرفياً في مقالات الأكاديمي الناقد الكبير الراحل المعلم والأستاذ د. محمد مندور، حيث الفهم العميق والقدرة على التواصل مع الجمهور العام.

ولذلك وفي ظل التقارير واللهاث المتقطع والكتابات حول درامات تليفزيونية لم تكتمل بعد، واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي، وغموض أحاديث الندرة النخبوية، فيصبح الأمر ملتبساً للغاية على الرأي العام.

وفي سياق متصل أيضاً أسعدني جداً تعريف جامع مانع لبعض المبتدئين في الكتابة النقدية للجمهور العام من أهل التخصص الأكاديمي الدراسي المنتظم، ألا وهو الدخول لمنطقة ذكرني به السفير د. محسن توفيق مدير اليونسكو الأسبق وأستاذ الهندسة المهتم بالصلات بين العلوم والفنون وما بينهما من مساحات بينية مشتركة.

إذ يحذر دوماً من الوقوع في فخ اللغة الخشبية. وهو يعرفها على النحو التالي: "اللغة الخشبية Langue de bois وهو تعبير فرنسي يساوي في ترجمته للعربية معني اللغة الخشبية، وهو اللغة التي تستخدم كلمات غامضة أو مجردة أو متعجرفة من أجل صرف الانتباه عن القضايا البارزة.

وقد حددت الباحثة الفرنسية فرانسواز توم أربع خصائص للغة الخشبية: التجريد وتجنب الملموس، والحشو، والاستعارات ومن خصائصها الجوهرية تقسيم العالم إلى خير وشر.

هذه العبارة هي ترجمة حرفية للتعبير الفرنسي Langue de bois وهو مصطلح ذهب من الفرنسية إلى البولندية والروسية، منذ عام 1919، وأبرز المعبرين عنه جورج كليمنصو الطبيب والصحفي ورئيس الوزراء الفرنسي من 1917: 1920، وهو الذي قاد فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، وكان له تأثيره الفكري الفاعل على الثقافة الأوروبية المعاصرة كرجل دولة يعمل بالفكر والكتابة. وقد جددت الدولة الفرنسية المفهوم ليصبح معاصراً لنا في ثقافتنا الآن".

وفي هذا السياق، وبشكل يبتعد عن اللغة الخشبية باعد الله بيننا وبينها، يتكاثر الحديث هذا الموسم عن درامات تشير التقارير إلى أنها تعبر عن البطل الشعبي وأبرزها دراما للنجم أحمد السقا "العتاولة". 

وهذا ليس بطلاً شعبياً ولا أمثاله من الشخصيات، لأن البطل الشعبي عندما يستخدم أساليب للحصول على الحق خارج المسارات القانونية المشروعة فيجب أن يكون معبرا ًعن مطالب جماعية لفئة أو لجماعة شعبية، أما الانتقام الفردي فهو أمر يدخل في دراما الحركة والإثارة والانتقام. البطل الشعبي تعبير عن مظالم يرفعها عن الجماعة الشعبية مثل علي الزيبق ومثل أدهم الشرقاوي وغيرهما.

وليس في دراما الانتقام والحركة خارج القانون أي أبطال شعبيين، وإن تشابه هؤلاء الأبطال مع صفات للبطل الشعبي.

وفي هذا لا يكتمل الرأي إلا مع التخصيص بأنه رأي في ما تابعته حتى الآن، ولا قراءة نقدية جادة حقاً إلا بعد اكتمال العمل وتأمله، وفي هذا أجدد التحية للناقدة الكبيرة عبلة الرويني والأصدقاء والقراء الكرام.  رمضان كريم

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز