عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدين المعاملة

الدين المعاملة

كنت دوما أسمع واقرأ عن تلك الكلمة الدين المعاملة ، ولم أستشعرها إلا بعد عمر طويل ، حينما وجدت كثيراً من الناس يؤدون فرائض الدين دون أن ينتبهوا إلى معاملتهم مع الآخرين ، والمعنى الحقيقى لتلك الكلمة هى تلك المعاملة التي يشهدها الناس منك ، فأن حسنت حسن دينك ، وان ساءت نقص دينك ، والحياة مليئة بتلك المشاهد المتناقضة ، فكثيرا ما تجد رجلا سمته لا يعبر الا عن الدين  ومن خلال معاملة بسيطة يكشف عن وجهه الحقيقى ، وترى آخرين لا يصدر لك تدينه وتجده رجل دين من الطراز الاول بسبب معاملته الحسنة مع الناس ، انها وجوه تتردد فى ذهنى اسرح معها .



 

ثم يتطور المشهد الى ذهنى ولم يتوقف عند رجلا بعينه بل تطرق الى كثير من الناس وخاصة الذين يتظاهرون بالتدين ولا أقول أنهم أبعد مايكون عن التدين ولكنى أقول أن هناك أخطاء جسيمة يقعون فيها مع الناس دون أن يشعروا ، فلطالما صلى الفرض فى جماعة ، فى المقابل يأكل فى لحم أخيه ، ولطالما قام الليل أكل ميراث إخوته ولطالما اعتمر وحج ، أكل أموال الناس بالباطل ،وكأنّ هذه نقرة وهذه نقرة وان لم يفعل ذاك كله وهو مؤدى الفرائض عامل الناس بكبر وهو اصغر مما يتصور نفسه بكثير.

 

واذكر تلك المشهد السينمائى لكلا من ذكى رستم وفريد شوقى معلق فى ذهنى ، وله علاقة فيما اكتب حينما اراد ذكى رستم أن يصلى بعد خراب ملطة ، فاستوقفه فريد شوقى مانعه من الصلاه ،ومحذرا من خداعة له ، نعم فقد رأيت بعينى ناس كثيرة فى موضع ذكى رستم وتمنيت أن يكون مشهدا سينمائى لأقوم بدور فريد شوقى واستوقفه وأقول له يارجل اتقى الله فى من تتعامل معهم ، فقد اكلت أموال الناس وظلمت آخرين وشتمت هذا وسببت ذاك ،وتكبرت وتجبرت ، ولكن لانه لم يكن مشهد سينمائى لا استطيع فعل ذلك بل نصلى جنبا الى جنب وكلانا يعلم حقيقة الآخر ولكننا لانستطيع الافصاح عنها.

 

 

 

انتهت المشاهد وبقى الدين كيف تناول هذا الأمر وهل تطرق الى معاملة الناس بالحسنى والاحسان اليهم ، ومن خلال البحث البسيط وجدت حديثا عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم حيث أوجز ما قلت ونهى عما تكلمت فيه وأراح بالى فعن أبى هريرة، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون من المفلس - قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؛ فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة؛ ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا؛ وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته؛ فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

 

في هذا الحديث الشريف: يبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الدين الإسلامي ليس طقوساً تؤدى؛ وإنما هو الامتثال الكامل لأوامر الله تعالى ونواهيه، بحيث يظهر هذا الامتثال في سلوك المسلم؛ فيحسن معاملته للناس، فالدين المعاملة كما يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما أن المسلم الحقيقي هو : من سلم المسلمون من لسانه ويده.

 

 

 

وقال النابلسى فى موسوعته إن صحت عقيدة المرء صحّ عمله، وإن فسدت عقيدة المرء انحرف سلوكه، ما من وهم نتوهمه، ما من تصرف نتصوره، إلا وله انعكاس في السلوك، فإذا كان التوهم منحرفاً، أو ظالماً، أو بعيداً عن الحقيقة، انعكس شقاء.

 

 لذلك أقول لكم والكلام الى النابلسى : أخطر شيء في حياتك عقيدتك، إن صحت صحّ سلوكك، وإن لم تصح انحرف السلوك.

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز