ليلة القدر.. وفضلها

بقلم : محسن عبدالستار

 

سأل المعلم تلميذه رمضان كم شهرًا، فكان رد التلميذ أنه شهر مثل باقي الشهور.. عندها قال المعلم: لا يا بني إن هذا الشهر فيه ليلة بألف شهر، ورغم أنها ليلة لا تساوى شيئًا في عمر الزمن، ولكن أجرها بألف شهر، فاحرص عليها واعمل فيها تكتسب الأجر العظيم.

هي إحدى ليالي الشهر الفضيل، في العشر الأواخر، وفي الليالي الوترية خاصة، ولقد رُجح أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث ينتظرها المسلمون من كل عام لإحيائها بالصلاة فيها، وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، إضافة إلى قيام الليل بالدعاء والتضرع، والابتهال إلى الله بتغيير الأحوال وتحسين الظروف، وقبول الأعمال، وفي مقالنا هذا نذكر علامات ليلة القدر وفضائلها.

فليلة القدر أفضل الليالي في كل شهور السنة على الإطلاق، فقد فضلها الله سبحانه وتعالى على غيرها، وجعل فيها من البركة والخير الكثير الذي يستطيع المسلم اغتنامه، والاغتراف من بحره، والفوز بالحسنات.

سميت ليلة القدر بهذا الاسم لشرفها، وعظم قدرها ومنزلتها؛ ففيها يقدر الله عز وجل ما يكون في السنة في حياة كل فرد، من رزق، أو حياة، أو موت، أو جدب، أو مطر، أو سعادة، أو حج، أو غيره، والأجر فيها مضاعف بأضعاف كثيرة، حيث قال الله تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر".

ولقد حث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - على تحري ليلة القدر والاستعداد لها واغتنام كل لحظة فيها، ففيها تتنزل الملائكة، وتكون سلامًا حتى طلوع الفجر. فقال عليه السلام: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه".

والعبادة فيها تعادل عبادة ألف شهر، وليلها كنهارها؛ فلا نضيعهما ونغفل عنهما، وهي فرصة ذهبية نجدد فيها الحب والإيمان والولاء لله سبحانه وتعالى.

ليلة القدر تتميز بأنها من خير الليالي في العام كله، وتم وصفها بأنها خير من ألف شهر، وتختص هذه الليلة بأداء الطاعات والعبادات.

فما سبب تسميتها بليلة القدر؟.. لقد سميت بهذا الاسم للعديد من الأسباب منها: إنها تدل على عظمة الله تعالى في تدبير الكون، ويتجلى ذلك من تقدير الأحداث التي سوف تحصل في تلك السنة. وهي مشتقة من القدر وهو نيل الشرف العظيم والمكانة العالية والمرتفعة، وهذا يدل على علو منزلة وقدر هذه الليلة مقارنة مع غيرها من الليالي.

فالعبادة في هذه الليلة خير من أي عبادة في أي ليلة أخرى، فمن قام بأدائها إيمانًا واحتسابًا يغفر الله تعالى له جميع ذنوبه.

والسؤال الآن ما علامات ليلة القدر؟

تتميز ليلة القدر بسطوع نور وإضاءة ليس لها مثيل، وفيها شعور الإنسان بنوع من الراحة والطمأنينة التي تسيطر على قلبه، مقارنة مع غيرها من الليالي.

تسود في هذه الليلة أجواء هادئة وصافية، وخالية من أي رياح قوية وعواصف، أي يكون الجو معتدلًا.. وتتميز الشمس بعدم وجود إشعاع ساطع لها في فترة الصباح، بل تكون في أوج صفائها على غير عادتها في الأيام الأخرى.

ومن فضائل ليلة القدر، نزول القرآن الكريم فيها، حيث قال تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر".. وفيها كتابة الأرزاق، والأعمار، وفيها يُحدد مصير سنة كاملة، حيث قال تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم"، اختلاف فضل العبادة فيها عن سائر الليالي، حيث قال تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر"، نزول الخير والرحمة والمغفرة فيها إلى الأرض، حيث قال: "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر".. وغياب الأذى والشر منها، حيث تكثر فيها أعمال البر، والخير، والطاعة، مما يزيد من السلامة والسلام فيها، حيث قال تعالى: "سلام هي حتى مطلع الفجر".. غفران الذنوب فيها، وزيادة الأجر لمن يقومها، وجعل العمل فيها خيرًا من ألف شهر، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".. وفي فضل الليلة المباركة نزول سورة كاملة، خاصة بها تتلى إلى يوم الدين، تذكر فضلها، وأهميتها.. اللهم ارزقنا قيامها.