عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
اعمل الصح.. انزل شارك

اعمل الصح.. انزل شارك

بقلم : محمود حبسة

يختلف البعض حول التعديلات الدستورية الأخيرة بين مؤيد ومعارض، لكل مواطن حقه الطبيعى والدستورى الذي يقره الدستور والقانون في أن يكون له رأيه المستقل، كل مواطن له أن ينظر إلى أي حدث من وجهة نظره ومن الزاوية التي يرى بها الأشياء وفق رؤيته وتقيمه للأحداث وانتمائه السياسي، ليس شرطا أن نكون جميعا على نفس الموقف من قضية معينة، ليس شرطا أن ننظر جميعا لقضية ما من منظور واحد ومن زاوية واحدة، المؤكد أن الاختلاف هو أحد أسرار الحياة الذي يدفع إلى التطور، ويقضي على الجمود والملل، والمؤكد أن التنوع في أي مجتمع هو مصدر قوتة وشاهد عيان على حيويته ونضجه، أخشى ما أخشاه أن يتحول الاختلاف حول الموقف من قضية التعديلات الدستورية إلى سبب للانقسام والتشتت بأن يصبح كل طرف على قناعة بأنه وحده على صواب وغيره على خطأ، أن يتحول إلى سبب كاف لتوجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة والتفريط، أن يفقد كل فريق الثقة في الفريق الآخر ويراه عدوا له وعدوا لبلده، ما دفعنى للكتابة في هذا الموضوع هو ما تابعته وما قرأته من كتابات وتحليلات وتعليقات لموضوع التعديلات الدستورية عبر وسائل التواصل الاجتماعى خلال الأيام القليلة الماضية، وهذا الكم من المبالغة والتطرف في النقد وهذه الحدة في توجيه الاتهامات، ليتنا جميعا نتعلم من الإمام الشافعى قولته الرائعة الخالدة "رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب".



نحن في أمس الحاجة إلى هذه القاعدة الفقهية التي يجب أن نطبقها على موقفنا من قضية التعديلات الدستورية للحفاظ على دولة 30 يونيو، وهذه اللحمة التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية، والتي لم تر مثلها سوى في فترات قليلة من تاريخها المعاصر، هذه القاعدة الفقهية إذا أمنا بها كانت لنا حصنا منيعا وحائط صد يحول دون الانزلاق في دوامات عنيفة من الجدال، والاختلاف الحاد الذي لاعائد منه سوى مزيد من الانقسام، هذه الحالة في رأيى لا تعبر عن حراك اجتماعى صحي بل هي تعبر عن حالة مرضية تقوم على إقصاء الآخر ومحاولة الانفراد بالمشهد واحتكاره وإعلاء صيغة "الأنا" وليس المجتمع كوحدة واحدة أو المصلحة العليا للدولة في هذا الوقت الدقيق من تاريخها، لن نخرج من دوامة الخلاف على أو حول قضية التعديلات الدستورية سوى بمزيد من الآلام والجراح في النفوس، لن نخرج منها محافظين على وحدتنا التي كانت حائط الصد لكل مخططات الإخوان ومن يساندهم للنيل من هذا الوطن طوال السنوات الماضية بعد ثورة يونيو، وهو ما يجعلنا أكثر حرصا على تفويت الفرصة على الإرهابية في استغلال قضية التعديلات الدستورية في محاولة النيل من مصر.

مجلس النواب اجتهد وتوصل إلى هذه الصيغة النهائية للتعديلات الدستورية يرى أن تعديل الدستور حق أصيل للمجلس وهو كذلك فعلا، وأن التعديلات ضرورية لاستكمال مشروع بناء الدولة والمضى قدما فيما تم من إنجازات، وأبقى في الوقت نفسه على مدتين فقط لرئيس الجمهورية كأحد أهم مكاسب ثورتى يناير ويونيو، إضافة إلى ضرورة عودة الحياة لغرفة التشريع الثانية مجلس الشورى كأحد أهم الوسائل الديمقراطية المعمول بها في معظم دول العالم المتقدمة، والتي تعزز من قدرة الدولة وفاعليتها، من خلال ما يطرحة مجموعة من الخبراء في مختلف المجالات من أفكار ودراسات ومشروعات قوانين مع إعطاء دور أكبر للمرأة والشباب، وهي وجهة نظر لها قيمتها واحترامها، لاسيما أن الدولة بدأت فعلا مرحلة جديدة في تاريخها وقطعت شوطا كبيرا على طريق إثبات الذات وتحقيق نهضتها وشرعت في مجموعة من الإصلاحات التشريعية والسياسية والاقتصادية، إضافة إلى حركة البناء التي يشهد بها الوطن بأثره، فطبيعى أن يفكر البعض من الغيورين على هذا الوطن ومستقبله في الحفاظ على ما تم وفي استكمال المسيرة وبنفس الروح ونفس العزيمة متخوفين من إحداث أي تغيير في هذا الوقت.

البعض الآخر ومن الغيورين أيضا على الوطن الحالمين به قد يرى أنه لا يجب العودة إلى الماضى وأن مصر قطعت شوطا نحو تحقيق الحلم بدولة ديمقراطية شابة تقدم النموذج الذي يجب أن يحتذى في تحقيق مبدأ التداول السلمى للسلطة، وأنه يجب احترام الدستور الذي صاغه مجموعة من كبار السياسيين والقانونيين، ومن مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية، وهي أيضا وجهة نظر لها وجاهتها واحترامها في ظل ما تشهده المنطقة حاليا بعد أحداث السودان والجزائر، وهو ما يجعل البعض يتخوف أن تشهد مصر يناير جديدة، وما قد تخلفه من فوضى.

المخرج من هذه الحالة ليس بتبادل الاتهامات والتشكيك والتنابز بالألقاب، وما ينتج عن ذلك من انقسام وفوضى وإضعاف للمجتمع، بل بأن يحترم كل فريق رأى الآخر وأن يتوجه الجميع إلى صناديق الاقتراع في سلوك جمعي حضاري، في مشهد يعبر عن رقي هذا الوطن ومدى تحضر شعبه، الكل يدلي بدلوه في الصندوق الجميع يعبر عن رأيه بحرية تامة، لكي تكون الكلمة في النهاية لصناديق الاقتراع، فهي من تحسم هذا الاختلاف ،وهي من تنهيه لصالح بلد بحجم مصر ولسنا أقل من أمريكا ودول أوروبا التي تذهب شعوبها إلى صناديق الاقتراع، وتأتي النتيجة بفارق ضئيل ثم يسلم الجميع بها المعارضون قبل المؤيدين، نحن جميعا على ثقة ويقين أن زمن تزوير الانتخابات مضى وولى ولن تكون له عودة.. فانزل وشارك.    

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز