عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

شادي السيد سامي يكتب: الدواء فيه سم قاتل...

شادي السيد سامي يكتب: الدواء فيه سم قاتل...
شادي السيد سامي يكتب: الدواء فيه سم قاتل...

تذكرت وانا اتابع تصريحات نقابة صيادلة مصر حول سوفالدي ـ دواء الاتهاب الكبدي الوبائي الجديدـ فيلم " حياة او موت" والتحذير الاشهر في السينما المصرية علي لسان العملاق يوسف وهبي :" من حكمدار بوليس العاصمة الي أحمد ابراهيم القاطن بدير النحاس...الدواء فيه سم قاتل".



 

فبينما في ذلك الفيلم كان الدواء مميتا بالفعل وتعاون الصيدلي مع جميع الأطراف المعنية  في تحذير المريض و قدمللمريض زجاجة الدواء البديلة التي تحتوي علي التركيبة الصحيحة، الا ان الوضع مع نقابة الصيادلة مختلف، فعلي الرغم من انهم يستخدمون خطابا  شبيها بمثل هذا التحذير من خلال تصريحاتهم الموجهة للمريض المصري و التي تطالعنا بها وسائل الاعلام المختلفة بشكل شبه يومي- خاصة بعد الاتفاق الذي تم بين وزارة الصحة المصرية وشركة جلياد ساينسز الامريكية،-إلا ان تصريحاتهم هذه المرة تأتي متضاربة تارة، و تعكس حالة من عدم الالمام التام بمستجدات الابحاث الدوائية ونتائج الدراسات السريرية الجديدة تارة أخري . وأخذ مجلس النقابة يصدر تصريحات يمكن وصفها بأنها " نارية" موجهة للمريض علي غرار "الدواء فيه سم قاتل" دون التعاون مع الاطراف المعنية و تقديم زجاجة الدواء البديلة للمريض..او بمعني أوضح..دون تقديم معلومات صحيحة مبنية علي أسس علمية وحلول بديلة منطقية عملية تقوم علي دراسة مستفيضة .

 

فالمحلل لأداء وتصريحات نقابة صيادلة مصرمنذ تولي المجلس الحالي أوائل عام ٢٠١٣  قد يتأكد أن النقابة تعمل في فقاعة منفصلة عن وزارة الصحة وتبذل كل جهدها للدفع بنفسها علي خريطة المنظومة الصحية، و مشكلتي ليست مع الغاية، فلا يمكننا التغاضي عن بعض المبادرات التي اطلقتها النقابة للارتقاء بمهنة الصيدلة مثل عام الامتياز للصيدلي ومراكز المعلومات الدوائية وتفعيل الصيدلة الاكلينيكية، ولكن مشكلتي الحقيقية مع بعض الاليات المستخدمة لتحقيق تلك الغاية وأهمها الخطاب الموجه المريض المصري. فنقابة الصيادلة منذ تولي المجلس الحالي أخذت تطالب الوزراة بصورة مباشرة او غير مباشرة ان تقوم النقابة مقامالهيئة الاستشارية في عملية تسجيل الدواء (علما بأن هذا ليس دور النقابة المهنية وعلما أن لدينا الادارة العامة لشئون الصيدلة و الهيئة المصرية للدواء المسؤلتان عن ترخيص الشركات وتسجيل الادوية) . ثم عندما لم تجد استجابة من الهيئات الرسمية ولا حتي من الصيادلة أنفسهم في كثير من الأحيان، سعت الي الوصول مباشرة الي المريض والمستهلكوتهييج الرأي العام واثارة البلبلة والشكوك من خلال تلك  التصريحات النارية.

 

ومؤخرا ومن خلال متابعتي لمؤتمر نقابة صيادلة مصر بخصوص سوفالدي  أواخر سبتمبر٢٠١٤، وتصريحات اعضاء المجلس قبل وبعد ذلك المؤتمر، بدا لي جليا أن المجلس لا يعلم الكثير عما يطرحه. فمثلا انتقد الصيدلي هيثم عبد العزيز (رئيس لجنة الصيادلة الحكوميين) و الصيدلي محمد سعودي (وكيل المجلس) الاتفاق مع شركة جلياد وعللا ذلك بأن سعر الدواء في الصيدليات قد يصل الي حوالي ١٥٠٠٠ جنيه مصري للعلبة (علما بأن هذا السعر يعتبر مخفضا لدرجة كبيرة عن السعر المعلن في بلد المنشأ) ثم طالبا الوزارة باسناد انتاجه الي شركات قطاع الاعمال لأنه دواء استراتيجي، ثم أعلنا ان الوزارة ستسند انتاجه الي شركتي النيل وممفيس لخفض السعر الي مستويات أدني ( اذن فما المشكلة؟) ، ثم- ولا عجب- في نفس التصريح يعتبرا السماح بتسجيل الدواء في مصر مخالفة لقانون تسجيل الأدوية حيث لم يمر علي الدواء عاما كاملا بعد من الاستخدام في بلد المنشأ (كندا). اذن ما تريدونه هو عدم تسجيل الدواء في مصر لعدم مرور عام علي تداوله بالخارج، بينما في نفس الوقت تريدون انتاجه وتداوله في مصر من خلال شركات قطاع الاعمال؟!

 

.ومؤخرا اطلق الصيدلي هيثم عبد العزيز تصريحا يقول فيه ان هناك ستة أدوية جديدة افضل من سوفالدي ستطلق في غضون أشهر، وكنت أود لو أنه سمي تلك الادوية أو أفصح عن مصادره حيث انني خلال متابعتي للأبحاث والمستجدات في أدوية فيروس سي لمدة عامين تقريبا لم أصل الي تلك المعلومة، واتمني أن يتأكد الزميل من صحتها.ومؤخرا وبعد موافقة وكالة الاغذية والادوية الامريكية FDA علي دواء جديد (هارفوني) وهو عبارة عن سوفالدي مضاف اليه مادة جديدة تسمي ليديباسفير، اطل الصيدلي أحمد فاروق علينا بتصريح نقلته صحيفة المصري اليوم بأن الدولة يجب أن تعتذر عن التسرع في اتمام اتفاق سوفالدي حيث أن الدواء الجديد أكثر فاعلية ولا يحتاج الي اضافة الانترفيرون ولا الريبافيرين. وهنا أود أن اوضح للزميل أحمد فاروق وللقارئ أن دواء هارفوني  بالفعل أثبت فاعلية أكثر من سوفالدي ولكن ضد النوع الجيني الاول فقط(Genotype_1)، أما بالنسبة للنوع الرابع الاكثر انتشارا في مصر فهو لا يزال تحت الدراسة، وبالتالي فان وزارة الصحة لم تتسرع في انهاء الاتفاق مع شركة جلياد بخصوص سوفالدي.

 

 وهنا اتسائل هل يريد مجلس النقابة تسجيل وتداول سوفالدي ام لا؟ هل يريدون انتاجه في مصر ام لا؟ ما المشكلة في ان يتوافر الدواء في وزارة الصحة والسوق الخاص لمن يستطيع الشراء علي نفقته الخاصة، خاصة اذا استطاعت الشركات الهندية المعتمدة من قبل الشركة المنتجة انتاجه وتصديره لمصر وخفض سعره أكثر؟ ام ان النقابة هي الاخري تنخرط في لعبة سياسية ولا تعبأ بالمريض وأحلامه؟

 

 وفي النهاية أتمني من مجلس النقابة الموقر أن ينأىبنقابة الصيادلة العريقة عن أن تكون مصدرا للبلبة واثارة الشكوك وتهييج الشارع ضد صانعي السياسات العلاجية كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية علي حساب المريض. كذلك أرجو من نقابة الصيادلة ألا يخاطبوا المريض الا في أضيق الحدود، أي عندما يكون هناك خطرا حقيقي، وأن يتريثوا و يراعوا أن لغة الخطاب الموجه الي المتخصصين وصانعي السياسات يجب ان تختلف عن تلك التي يخاطبون بها المريض الغير متخصص، وأن يلتزموا بدورهم في خدمة المجتمع والمريض المصري من خلال الارتقاء بكفاءة الصيدلي المهنية وحل مشاكل الصيدلة والصيادلة بالداخل والخارج ، وان يقدموا حلولا مقنعة بناء علي معلومات وخطوات علمية قابلة للتطبيق، ولا عيب في الاستعانة بأهل الخبرة وبمراكز المعلومات الدوائية التي أنشأوها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز