عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الأولتراس لا يستحقون ذلك

الأولتراس لا يستحقون ذلك
الأولتراس لا يستحقون ذلك

كتبت - نشوي سلامه

لقد اعتدنا هذه المشاهد منذ أن بدأنا نألف ما يسمى الأولتراس، حماس زائد، رعونة مفرطة، عنف، تكسير، حرق، تخريب، وربما وصل الأمر إلى إحداث وفيات.



واعتدنا أن يمر الأمر ببعض الملاحقات واحتجاز البعض مؤخرا، ولا ندرى إلى أين مصيرهم بعد ذلك ولكن تتكرر المشاهد.

وتم حرمان جماهير الكرة من حضور المباريات لهذه الأسباب، وكأننا حينما نرى تصادم سيارتين نذهب سريعا للبحث عن القطة التي كانت تمر بالشارع ولا ننظر لقائدي السيارتين.

لكن دون جدوى، لأن هؤلاء الشباب وضعوا في قالب يمعن في مخيلتهم أن أقدامهم حينما تدب على الأرض فهي تغير الحال، أينما كانوا، في استاد أو في شارع أو أمام وزارة.

تمت برمجتهم على ذلك، فأصبحت لديهم الجاهزية بمجرد أن يعلو النداء، لأنه قد تم تدريبهم وبرمجتهم.

وصل الأمر أن من يخالف النداء أو يتخلف عن التكتل يتعرض للتنكيل والإهانة، وبالطبع هذه الصورة لا يطيقها صبية في أعمار تتوق للرجولة وتهرب من الطفولة بكل قوتها، لأنها مرحلة متوترة حرجة لعقولهم وأبدانهم تجعلهم لا يتجهون إلا للمرفوض أو للمتمرد الفوضوي اللافت للنظر حتى إن كانت النتائج غير محسوبة.

وهي بالفعل غير محسوبة ومرعبة، لكنهم لا يستطيعون إدراك ذلك، هم فقط كالطوفان المتحرك ويزدادون نشوةً وقوة كلما رأوا أن اندفاعهم يزداد محطما ما في طريقه.

لكن أين نحن من هؤلاء؟

عرفنا كل هذه الشواهد عنهم وعرفنا كيفية برمجتهم ولم نستطع أن ننهي البرمجة أو حتى نعيد صياغتها، وفي كل مرة يتكرر نفس السبب تتكرر نفس الإجراءات وكأننا نحن بدورنا تمت برمجتنا لكن بصورة أخرى وفي اتجاه آخر، لكن النتيجة كل مرة واحدة للطرفين.

أولتراس رياضي لا يرجو الرياضة وإنما يرجو الرعونة، وأجهزة أمنية لا تستطيع إلا ملاحقتهم والإمساك بمن تستطيع منهم، ثم هي الإجراءات وينتهي الأمر مخلفا وراءه مزيدا من الهيجان الحماسي ضد كل يقف في وجه طوفانهم، ومزيدا من الغيظ من مسؤولي الأمن لأن ما في أيديهم لا يمكنهم ولا يعطيهم حلا جذريا، مجرد إجراءات معتادة متكررة.

ويستمر الحال هكذا ولم نتمكن من الثعبان ولا رأسه ولا حتى ذيله، إنما نتألم كل مرة وقت مقاومة الاعتصار ونحن وهو ملتفون كل منا حول الآخر، لا نقوى على الإفلات، ولا نستطيع تركه يفلت، فكلانا منهك خاسر.

هؤلاء الصبية، ولن أطلق عليهم لقب شباب أبدا، لأن الشباب الذي أعرفه يثمر في ميادين أخرى، يقف كالرجال في أصعب الظروف، هو الآخر كله حماس، لكن لا يخرب ولا يهدم.

فهؤلاء فقط صبية لا مسؤولية لديهم ولا عمل فاعل يضيف، ولكننا نظلمهم في كل مرة، لأنهم لا يفهمون إلا أنهم في عناد فقط، من الممكن أيضا أنهم لا يفقهون على ماذا يعندون، لكنهم مع الطوفان كما يتحرك ويتجه.

أما آن الأوان أن نغير مناخ المكان ونجعل من هذا الطوفان مياهًا تجري لتغسلهم وتطهرهم؟ أما آن الأوان أن نستغله لصالحنا وليس ضدنا، لماذا نقف أمامهم ونحن نعلم جيدا أن من يقف بوجه الطوفان جاهل؟

ولكن يمكننا أن نغير اتجاهه، ونوجهه، ولن أقول فكريا فقط، لا أبدا، لأنه في هذه المراحل أيضا استعمال القوة الإيجابية لازم لتخرج ما بهم من طاقة.

إن ما يستحق هؤلاء أن يساقوا بطوفانهم إلى صحراء جرداء ليرونا بطولاتهم وقوة أقدامهم في تغيير الحال، نريد أن نرى منهم شيئا آخر غير الرعونة فالتكسير، فليمتعونا بقوتهم في الحفر مثلا، أو في الاستصلاح.

اصحبوهم إلى معسكرات في الصحراء ليوجهوا قوتهم هناك، آنذاك سيجدون أنفسهم لا قوة ولا رعونة، سيعرفون كيف هي المواجهة الحقيقية، سيعرفون أنه ليس أصعب ما في الحياة هو تحدي جهاز أمني لفرض قوتهم بالأمر الواقع ومن ثم البلطجة.

هناك سيتعلمون أن قيمتهم فيما يعملون ويتعلمون، سيتعلمون أن القوة ليست صوتا عاليا ولا حشد أعداد ولا اندفاع طوفاني، سيتعلمون أن قوتهم وقيمتهم تنعكس من استفادة غيرهم الإيجابية نتيجة ما يعملون.

سيتعلمون أن مفهوم أن الدنيا تؤخذ بالقوة مفهوم غابة وهم ليسوا حيوانات، سيعرفون ما قيمة الإنسان حينما يغير الواقع فعلا عملا وعلما وليس همجية وبلطجة.

لأن العالم الذي يتغير بالبلطجة والرعونة مصيره لا محالة إلى الرضوخ لبلطجية آخرين لهم زمنهم وأوانهم يكسرون القدامى ويفرضون أنفسهم ولكن هل سيفهمون أنهم فقط مُستخدمون، كقطع الشطرنج؟!

وإذا أصروا على رعونتهم ولم يتعلموا كيف يستخدمون قوة أبدانهم وعقولهم بشكل صحيح مثمر اتركوهم في الصحراء وقولوا لهم عودوا إلى المدينة بقوتكم ورعونتكم أو فلتكن استراحة للجميع وينتهي بهم الأمر هناك.. فهم لا يستحقون إلا ذلك.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز