عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

«وجدة» عاصمة للثقافة العربية 2018.. حوار الثقافات والتنمية البشرية

«وجدة» عاصمة للثقافة العربية 2018.. حوار الثقافات والتنمية البشرية
«وجدة» عاصمة للثقافة العربية 2018.. حوار الثقافات والتنمية البشرية

كتبت - د. عزة بدر

الانفتاح وتعزيز قيم الإخاء والتفاعل البناء بين الثقافات والشعوب هى أبرز القضايا التى طرحت فى فعاليات الاحتفال بمدينة «وجدة» بالمملكة المغربية كعاصمة للثقافة العربية لعام 2018 تحت رعاية ملك المغرب محمد السادس.



وتستمر هذه التظاهرة الثقافية حتى شهر مارس 2019، وكانت «وجدة» قد تسلمت شعلة عاصمة الثقافة العربية من محافظة الأقصر عاصمة التاريخ للعالم الإنسانى إلى المملكة المغربية فى مدينة «وجدة» الساحرة ذات العمق التاريخى والحضارى المشهود، والتى اختارتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتحمل لقب عاصمة الثقافة العربية لعام 2018.
التفاعل الثقافي

وقد تركزت الدبلوماسية الثقافية بين البلدين حول تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين مصر والمغرب فى إطار تطوير العمل العربى المشترك والذى يتخذ من الحوار الثقافى أساسًا للتقريب بين الشعوب العربية التى تجمعها مكونات ثقافية متشابهة تعززها أواصر اللغة والتاريخ والمصير المشترك فى مواجهة التطرف الفكرى والإرهاب ومحاولات نفى الآخر.

وكانت د.إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية قد شاركت على مدى ستة أيام والوفد المصرى الذى يمثل الثقافة المصرية برموزها فى هذه الاحتفالية الثقافية، التى تشارك بها العديد من الدول العربية، بفنانيها وكتابها وأدبائها فى حركة ثقافية فاعلة تعتمد على تواصل الفنون والآداب، وتنوع الثقافات وخصبها.

وقد أسهم التواجد المصرى بحضور د.سعيد المصرى أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، ود.هشام عزمى رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، ود.أحمد عواض رئيس هيئة  الثقافة الجماهيرية، ود.هبة يوسف رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية فى دعم العلاقات الثقافية بين البلدين.

وقد حضر الاحتفالية السفير هشام إبراهيم سفير مصر فى المغرب الشقيق، وقد تركزت المشاركة المصرية فى الأسبوع الثقافى فى العديد من ألوان الثقافة، والموسيقى، والأدب،  من شعر وسرد، وفرق للفنون الشعبية والموسيقى العربية فى التعبير  عن الثقافة الفنية المصرية، ومن أهم محاور المشاركة المصرية ندوتان، تناولت الأولى محور: «بناء الهوية والذاكرة الثقافية» وأسهم فيها د.سعيد المصرى أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، ود.هشام عزمى رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، أما الندوة الثانية فقد تناولت محور «المرأة والسرد»، وأسهمت بها الروائية هالة البدرى،وكاتبة هذه السطور كشاعرة، مع إلقاء الضوء على تجربتهما فى الكتابة والتى اشتملت على كتابة القصة والرواية وأدب الرحلات والمقالات الصحفية، وقد أدارت الندوتين د.لطيفة المسكينى الشاعرة المغربية.

وقد كانت هناك مشاركة مهمة من فرقة الموسيقى العربية بقيادة المايسترو أحمد عامر، وتغنى فيها كل من نهاد فتحى، ومروة حمدى، ومحمد الخولى، ومصطفى النجدى، بأعذب الأغنيات المصرية التى أطربت الجمهور المغربى من أغانى أم كلثوم، وعبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، ووردة، وفايزة أحمد.

كما قدمت فرقة الأقصر للفنون الشعبية بقيادة الفنان أحمد عبدالرازق علام عروضًا غاية فى الجمال والتعبير عن رقصات الحياة والاحتفال بها من الصعيد، ومن النوبة، ومن الدلتا مثل رقصة «الفرح» ورقصة «التنورة».
كما شارك مركز الفسطاط للحرف اليدوية المصرية فى الفعاليات بمعرض لمنتجات رائعة من الفنون اليدوية المختلفة كلوحات نسجية من الصوف والحرير وفنون الخزف.

كما قدم الفن المغربى متمثلاً فى إسهام الفرقة المغربية للموسيقى العربية- معهد الموسيقى المغربية بوجدة بأغنيات من الطرب الغنائى «من الشعر الغرناطى والأندلسى»، وأغنيات من الفرانكو آراب «من اللغة العربية واللغة الفرنسية» فى تناول مبتكر لأغنيات فريد الأطرش مثل أغنية «يا زهرة فى خيالى»،و«قلبى ومفتاحه» مما اجتذب جمهور الحاضرين، وكان د.مراد الريفى رئيس الإدارة المركزية بوزارة الثقافة والاتصال المغربية هو المنسق العام لوجدة عاصمة الثقافة العربية 2018، ونظم لهذه التظاهرة الثقافية المهمة.

الحوار الثقافي

وتعكس هذه الاحتفالية اهتمامًا خاصًا بأهمية الحوار العربى المشترك، وطرح التوجه الثقافى الراهن حول ضرورة تعزيز التقارب بين الشعوب واتخاذ الثقافة وسيلة لمواجهة تحديات الحاضر، وهو ما تناولته د.إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة فى كلمتها، ومحمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال المغربى، وهو ما يعكس عمق العلاقات والروابط الوثيقة بين البلدين، وقالت وزيرة الثقافة المصرية فى كلمتها: «تتواصل العواصم الثقافية لوطننا العربى فيشهد العالم على حوار الثقافات الذى لا ينقطع من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا من الأجيال الجديدة، ومما لا شك فيه أن مثل هذه المناسبات الثقافية ضرورية وملحة لتعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين».

وتحدثت عن عمق العلاقات بين مصر والمغرب نموذجًا للروابط بين الأشقاء على جميع المستويات، خاصة الثقافية والفنية التى تبرز وتجسد التقارب الفكرى بين الشعبين، فبين القاهرة والرباط جسر مهم ينقل مفردات حوار عربى مشترك يستدعى ذكريات الماضى العريق وإنجازات الحاضر المشرق، وطموحات وآمال المستقبل الواعد.

أهمية التواصل والحوار

وتحدث محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال المغربى مؤكدًا على الدور المحورى الذى تلعبه الدبلوماسية الثقافية فى التقريب بين الشعوب العربية، وتعزيز قيم التواصل والرقى نحو الحداثة بجميع مضامينها، والخطاب الثقافى الذى يقف حصنًا منيعًا ضد الهمجية الظلامية التى تقتل الصلة الإنسانية بين أبناء الأمة، كما تحدث عن تنظيم هذه الأيام والأسابيع الثقافية كمناسبة لتسليط الضوء على المشهد الثقافى والفنى فى مصر، وإبراز ثراء الجوانب المتعددة للثقافة المصرية وفنونها وإرثها العريق ودورها فى بناء الجسور مع الثقافات الأخرى، ووقعها المؤثر حضاريًا.

فرص التنمية المستدامة

وأكد د. محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال المغربى على أن الحديث عن العالم العربى اليوم لا يمكن أن يتم من دون الالتفات لما تعيشه بعض أقطاره من حروب وتوترات تجعل شروط الاشتغال الجماعى السليم على الثقافة باهتة فى ظل صخب الحرب والمواجهات العسكرية، وفى ظل هذا المناخ لابُدّ من مضاعفة الجهود لاستحضار الأدوار الجديدة للشأن الثقافى لاسيما دور التربية الثقافية فى محاربة التطرف والغلو ونبذ الآخر، ودور الموارد الثقافية المحلية فى إنجاح فرص التنمية المستدامة.. ويأتى تتويج «وجدة» عاصمة للثقافة العربية فى ضوء العمل على ترسيخ تنوع روافد الهوية الوطنية الموحدة، وإبراز الحقوق الثقافية وآليات الديموقراطية التشاركية والتأكيد على قيم الانفتاح على ثقافات العالم، وضمان التعايش الخلاق بين التنويعات الثقافية واللغوية التى يزخر بها امتدادنا الجغرافى الواسع والذى ينبغى أن يكون مصدر غنى يدعو إلى التآلف والاعتزاز وجعل الشأن الثقافى رافعة للتنمية البشرية والانسجام الاجتماعى تسير بالموازاة مع جهود خدمة العمل العربى المشترك والقضايا المصيرية للأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وجدة

وكان أعضاء اللجنة الدائمة للثقافة العربية قد اعتمدت مدينة «وجدة» عاصمة للثقافة  العربية، مؤكدين على ثقتهم فى تحول حاضرة شرق المملكة المغربية على امتداد سنة كاملة إلى قبلة للثقافة العربية بما يضمن لها إشعاعًا دوليًا يليق بمكانتها الحضارية، وليكون هذا التتويج معبرًا عن دأب أبناء «وجدة» على الإسهام فى المشاريع التنموية لبلادهم ومشاريع التنمية الثقافية على وجه الخصوص، وحيث تعد الجهة الشرقية واجهة بلادنا نحو امتداده المغربى والعربى مما يضفى على هذه التظاهرة العربية سمات الاتساق والطبيعة والانسجام.

موعد ثقافي

وهذا الموعد الثقافى فى الاحتفال بعواصم الثقافة العربية من أهم ما يلفت إلى أهمية التعايش والتفاعل بين الثقافات والشعوب وخدمة قضايا السلم والاستقرار والتنمية فى العالم مما يجعل هذا الموعد الثقافى فرصة متجددة للتأكيد على الوفاء المتواصل لهذه القيم وفتح آفاق واعدة للتنمية والسلم والازدهار.. وكانت كل المؤسسات الرسمية والشعبية قد احتشدت للاحتفال بالأسبوع الثقافى المصرى بحضور والى المنطقة الشرقية معاذ الجامعى، وعبدالرازق الكورجى الكاتب العام.

ورفرفت أعلام مصر والمغرب على مسرح «وجدة»، وفى جميع فعاليات الاحتفال، وخفقت الأفئدة وهى تردد مع فرقة الموسيقى العربية أنشودة «أحلف بسماها وبترابها/ أحلف بدروبها وأبوابها/ أحلف بالقمح وبالمصنع/ أحلف بالمدنة وبالمدفع/ بولادي/ بأيامى الجاية/ ما تغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا»- من كلمات الأبنودى، والتى غناها حليم، ورددها الجمهور المصرى، والمغربى معًا مما أضفى روح الحماسة والدفء، وأذكى روابط الانتماء والتقارب والتواصل، ويؤكد امتلاك ذاكرة ثقافية مشتركة شكلتها عناصر مختلفة من الفنون «كالموسيقى والغناء»، ومن الآداب كالشعر، ومما يؤكد أن الثقافة الناعمة هى إحدى الوسائل المهمة لتأكيد التواصل والتقارب بين الشعوب العربية، وهو ما يعزز قضايا بناء الهوية، والذاكرة الثقافية، وهما المحور الفكرى الذى تناولته المشاركة المصرية فى فعاليات احتفال «وجدة»، عاصمة للثقافة العربية 2018، وهو ما سنتناوله فى الحلقة القادمة. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز