عاجل
الأربعاء 1 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
الفئران ولحى المتاجرين بالدين

الفئران ولحى المتاجرين بالدين

بقلم : عاطف حلمي

 



 التركيبة النفسية للشعب المصري رغم بساطتها الخارجية، إلا أنها في أعماقها أكثر تعقيداً مما يتصور البعض، فعلى سبيل المثال تجد بعض شرائح المجتمع تعيش حياتها بشكل طبيعي لاتنتمي لأي من تيارات الإسلام السياسي، تطرب لسماع الأغاني وتشاهد الأفلام العربية والأمريكية، وتتابع المسلسلات التركية والمكسيكية، تعشق السهر ولياليه، ولكن عند صندوق الانتخابات تعطي صوتها إلى أقرب لحية تراها حتى إذا لم تكن تعرفها من قبل، ليس اقتناعاً ولا تأييداً لبرنامجها "غير الموجود أصلاً" ولكن ربما لاعتقادها أن "نعم" لصاحب اللحية ستكون بمثابة المفتاح الذي سيشرع أمامها أبواب الجنة، ثم تخرج من معمعمة الانتخابات لتصب جام غضبها على المتاجرين بالدين.
 
تجهيل متعمد
 ولعل أبرز أسباب هذه الظاهرة الغريبة والعجيبة تكمن في حالة التجريف الشديدة التي بلغت نخاع الشخصية المصرية وطمست، بل وهدمت معالم كثيرة من هويتها، وما ساعد في ذلك كثيراً حالة التجهيل المتعمد التي مارسها نظام مبارك على مدار 30 عاماً فأصبح لدينا خريجو جامعات جهلاء فكرياً وثقافياً لم تتجاوز مطالعتهم للكتب حدود مذكرات بالية لمناهج يدرسونها من أجل الحصول على مجرد شهادة تعلق على أحد جدران المنزل، أوتدفن بين ما يدفن من أوراق يعلم جيداً أنها لن تقيه شر البطالة ولن تفيده في سوق العمل شيئاً اللهم ما يتبعها من لقب المؤهل العالي الذي حصل عليه .
 
كارثة تستحق ثورة
 وإذا أضفنا إلى ذلك هذا الجيش الجرار من الأميين وأنصاف المتعلمين لأدركنا أننا أمام كارثة تستحق ثورة حقيقية على النظام التعليمي المتهالك الذي يخرج طبيباً بالكاد يستطيع تشخيص أبسط الأمراض، ومعلم للغة العربية لايستطيع أن يتحدث جملتين سليمتين لغوياً، ونفس الأمر ينطبق على معلمي اللغات الأجنبية الذين يقضون أربع سنوات كاملة ويتخرجون وهم في حاجة لمترجم حتى يتواصلوا مع أصحاب اللغة التي يفترض أنهم درسوها واطلعوا على آدابها وثقافتها، أما معلمي المواد العلمية فحدث ولا حرج.
 
الرئاسية أولاً
 لذلك فأن أجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية لن يكون أمراً مأمون العواقب، فمخرجات هذه الانتخابات لن تكون بالضرورة معبرة عن حالة الغضب الشعبي ضد المتاجرين بالدين أمثال الإخوان والسلفيين ومن على شاكلتهم، ومن ثم، وتجنباً لأي فوضى لابديل عن اجراء الإنتخابات الرئاسية أولاً، فلا يمكن ترك الدولة بلا رأس حقيقية تمسك بزمام الأمور وتضبط ايقاع الحراك السياسي حتى لاندخل في فوضى لايعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى.
 
الفئران والتاريخ
يقولون "إن التاريخ يعيد نفسه"، والواقع أن التاريخ لايعيد نفسه لكن البعض يتخذ نفس المواقف الغبية والساذجة من دون الاستفادة من دروس الماضي، فعندما قامت ثورة يوليو 1952 المجيدة تعاملت جماعة الإخوان "الارهابية" بنفس المنطق والغباء السياسي الذي رأيناه في ثورة 25 يناير وعندما فشلت مخططاتهم حاولوا اغتيال عبدالناصر وأندفعوا وراء غبائهم وأعتقدوا أنهم يستطيعون حرق مصر، فنالوا جزاءهم الذي يستحقونه، ونفس الأمر بالنسبة لليسار الذي كان يناضل لتحرير مصر من الاحتلال مع مختلف الفصائل الوطنية التي كانت موجودة في ذاك الوقت، إلا أنه ما أن قامت ثورة يوليو حتى ناصبوها العداء كما هو الحال الآن بزعم رفضهم لحكم العسكر، وبعد عقود من الزمان أعترفوا بشكل أو بآخر باخطائهم في معاداة الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر، والآن يرتكبون نفس الأخطاء، وهذا يذكرني بمقولة الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين " إن الفرق بين الإنسان والحيوان أن الانسان له تاريخ يستفيد منه ولايكرر أخطاءه، أما الحيوانات فلا تاريخ لها فنجد الفئران تتساقط منذ قرون في المصيدة دون أن تستفيد من تجربة الاجيال التي سبقتها" ... اللهم ارحمنا من شر الفئران!.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز