عاجل
السبت 12 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
عمرو بن كلثوم.. قاتــل ابن هنـد
بقلم
محمد نجم

عمرو بن كلثوم.. قاتــل ابن هنـد

بقلم : محمد نجم

هذا الشاعر من سادة العرب فى الجاهلية، وأعلاهم نسبا.. فقد كان أبوه كلثوم زعيم قبيلة تغلب الشهيرة، وأمه ليلى بنت الزير سالم وعمها الملك كليب، ولذلك كان من أعز الناس نفسا وأكثر العرب ترفعا.. ويقال إنه ساد قومه وهو فى الخامسة عشرة من عمره، وهو قاتل الملك عمرو بن هند بن المنذر أحد ملوك الحيرة بالعراق.. وكان سبب ذلك أن أم عمرو بن هند ادعت يوما أنها أشرف نساء العرب فهى بنت ملوك الحيرة وزوجة ملك وأم ملك، فقالت إحدى جليساتها: ليلى بنت المهلهل أشرف منك..



 
 فعمها الملك كليب وأبوها الزير سالم (المهلهل) وزوجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وولدها عمرو بن كلثوم سيد قومه، فأجابتها: لأجعلنها خادمة لى، ثم طلبت من ابنها الملك عمرو أن يدعو عمرو بن كلثوم وأمه لزيارتهم، فكان ذلك..
وأثناء الضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها أشارت إلى «جفنة» على الطاولة وقالت: يا ليلى ناولنى تلك الجفنه، فأجابتها: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، ولكنها ألحت عليها.. ثم أمرتها بذلك.. فصرخت ليلى: واذلاه.. يا لتغلب! فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالسا فى حجرة مجاورة مع الملك.. فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله بالخارج بنهب كل ما فى القصر.
وقيل إنه من شعراء الطبقة الأولى فى الجاهلية مع أن شعره قليل لا يخرج عن مجموعة من الأبيات المتفرقة تدور حول الفخر والحماسة.. وهو موضوع معلقته الشهيرة والتى قيل إنها كانت من ألف بيت ولم يحفظ الرواة سوى عدد قليل منها.
ومن أشعاره قصيدة قصيرة بعنوان «ألا من مبلغ» ينذر فيها ملك الحيرة عمرو بن هند.. ويفخر بقومه ويذكره بتحالفهما القديم:
ألا من مبلــغ عمــرو بن هنـــد             فما رعيت زمـــامة مــــن رعيتا
أتغصب مالكـــــا بذنوب تيم                لقد جئت المحـــــــارم واعتديتا
فــلـولا نعمة لأبيك فينـــــــــا               لقـــد قضت قناتــــــك أو ثويتا
وكنا طوع كفـك يا ابن هند                 بنا ترمى محــارم مـــــــن رميتا
ستعلم حين تختلف العـــــوالى              من الحامــــون ثغرك إن هويتا
وهذه قصيدة أخرى يفخر فيها بنفسه وبصحبته ويتغزل بفتاة عربية من قبيلة معد (هالة)، ويشير إلى بنى جشم من قبيلة بكر أن يستعدوا للقتال:
أأجمع صحبتى سحــــــر ارتحالا                      ولم أشعر ببين منك هـــــــــالا
ولم أر مثــــل هــــــــالة فى معد                       تشبه حســــــــنها إلاّ الهلالا
ألا أبلــغ بنى جشم بــن بكــــر             وتغلب كلهـــــا نبأ جـــلالا
بأن الماجـــد البطــــل ابن عمرو                       غداة نطـــاع قد صدق القتالا
أما معلقته.. فهى كعادة المعلقات العربية لكبار الشعراء فى الجاهلية.. فهى صورة لحياة العرب فى ذلك العصر من حيث العادات والتقاليد.. وكذلك الحماسة والفخر.. وقد كتب الجزء الأول منها قبل مقتل ملك الحيرة عمرو بن هند، ثم أضاف إليها شاعرنا جزءا آخر عن شجاعته وقتله للملك الذى حاولت أمه إهانة قومه فى شخص أمه ليلى بنت المهلهل:
والمعلقة تبدأ بمناداة الساقية أن تستيقظ من نومها وتصحبهم بخمر هذه القرى الجيدة التى إذا اختلطت بنبات الحصّ والماء.. كانت أكثر حرارة، وتنسى من يشربها همومه:
ألا هبى بصحنـــك فاصبحـينا              ولا تبقى خمــــــور الأندر ينا
مشعشعة كأن الحصّ فيها                               إذا ما الماء خـــــــالطها سخينا
تجور بذى اللبانة عن هـــواه                           إذا مـــا ذاقهــــا حتـــى يلينا
ويستمر فى وصف الخمر وأخبار البلاد حتى يصل إلى مخاطبة الملك عمرو بن هند.. مفاخرا بقومه وشجاعتهم وبسالتهم فى الحروب:
أبا هند فلا تعجـــــــل علينا                             وانظــــــرنا نخبرك اليقينــــا
بأنا نورد الرايــات بيضــــــــا                          ونصدرهن حمــــــرا قد روينا
متى ننقل إلى قوم رحــــــانا                            يكونوا فى اللقــاء لها طحينا
ويستمر فى ذلك الفخر حتى يصل إلى عتاب الملك.. فكيف يسمع للوشاة فيهم وكيف تحتقرنا أمك وتعاملنا كالخدم ونحن الذين استعصينا على من قبلك:
بأى مشيئة عمـــرو بن هنـــــد             نكــــون لقيلكم فيها قطينا
بأى مشيئة عمرو بن هنــــــــد             تطيع بنـــا الوشـــــاة وتزدرينا
تهددنا وأوعدنا رويــــــــــــدا               متى كنا لأمــــــك مقتوينا
فإن قناتنا يا عمــــــــــر أعيت              على الأعــداء قبلك أن تلينا
وينهى شاعرنا معلقته بفخر لم أقرأ مثله من قبل.. فهم السادة والقادة.. وغيرهم أتباع لهم، وهم لا يقبلون الذل من أحد حتى ولو كان ملكا، وقد ضاق البر عن خيولهم والبحر عن سفنهم، وإذا بلغ الصبى فيهم وقت الفطام سجدت لهم الجبابرة من غيرهم:
ونشرب أن وردنا الماء صفــــــــوا                    ويشرب غيرنا كـــــدرا وطينا
إذا ما الملك ســـــــام الناس خسفا                       أبينا أن نقـــــــــــــر الذل فينا
ملأنا البر حتى ضـــــــــــاق عنا                       ومــــــــــاء البحر نملؤه سفينا
إذا بلغ الفطـــــــــــام لنا صبى              تخرّ له الجبابر ساجدينــــــا
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز