عاجل
الخميس 25 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
حملات مسمومة

حملات مسمومة

بقلم : عاطف حلمي

هل نحن شعب أدمن التآمر على نفسه وعلى حريته؟ أم أن هناك من يحاول دفعنا دفعناً إلى الخلف كلما لاحت بارقة أمل في إقامة حياة ديمقراطية حقيقية؟... هذه التساؤلات تجول بخاطري كلما شاهدت تلك الحملات المحمومة والمسمومة التي لا تتوقف عن تكفير وتخوين وتشويه كل من يخالف في الرأي هذا الفصيل أو ذاك، حتى أصبحنا نرى على نحو متتالي غريب وعجيب سيناريوهات البؤس والاحباط تطل علينا كلما خرجنا من هذا المستنقع أو تلك الهاوية وحاولنا الإنطلاق نحو ساحة الحرية والكرامة.



 

جحيم

 وبعد أن تخلصنا من نظام مبارك وفساده جاء المجلس العسكري فحول حياتنا إلى جحيم انتهي بتسليم مصر تسليم أهالي إلى جماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها، وما أن تخلصنا من مرسي وجماعته وعشيرته بثورة شعبية منقطعة النظير خرج فيها نحو 30 مليون مواطن، حتى خرج علينا المطبلاتية وبقايا فلول مبارك ليصبوا جام غضبهم على كل من يفكر مجرد التفكير في الترشح أمام المشير السيسي حتى أنهم بما يفعلون أساؤا إلى السيسي نفسه أكثر مما أفادوه.

 

خرافة

مشكتنا ونحن على أبواب انتخابات رئاسية يفترض أن تعبر عن روح ومطالب ثورة يناير وأن تكون دليل شرعية ومشروعية ثورة 30 يونيو، أن هناك من يحاولون إعادة انتاج نظام مبارك في نسخة منقحة بحاجة لعمليات تجميل لاحصر لها، وفي مقدمتهم هؤلاء الذين يسعون لتكريس خرافة الديكتاتور العادل لأنهم يعلمون أنه لامكان لهم في حال وجود مناخ ديمقراطي حقيقي، فلعبوا على وتر عدم الشعور بالآمان لدى قطاعات كثيرة من الشعب المصري، ولجأوا إلى نظرية "أننا شعب لايستحق الديمقراطية ولا يستطيع أن يحسن استخدام الحرية" ... نفس كلام مبارك وأعوانه وهي نفس معاني مقولات أحمد نظيف قبل سقوط مبارك نفسه بفترة وجيزة.

 

صندوق مبارك

المعضلة الكبرى في أننا لانزال نفكر داخل صندوق مبارك بكل مساوئه وغباوته وتحامله على الشعب بأعتبارنا عالة وليست ثروة بشرية، مبارك كان يشكوا من الزيادة السكانية وعدم قدرة الدولة على تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والاسكانية وغيرهم من الخدمات المسؤولة عنها الدولة كحق دستوري أصيل، في حين كان الأثرياء يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقراً على فقر.

 

دعم الأثرياء

الواقع يقول إن الدعم المقدم للطاقة في مصر ضعف ميزانيتي التعليم والصحة مجتمعتين، في حين أن المستفيد من دعم الطاقة (الكهرباء والغاز والبنزين والسولار ... الخ) هم الأثرياء وليس الفقراء. نفس الأمر بالنسبة لدعم رغيف الخبز الذي ينهب نهباً قبل أن يصل الفتات إلى المطحونين المستحقين لهذا الدعم.

وإذا كان هناك من يرى أن تقديم الخدمات الصحية لتسعين مليوناً أمر مستحيل، فأن الواقع غير ذلك تماما، فالقضية ليست في مقدار الدعم ولكنها في من يستحق هذا الدعم وفي الفساد المستشري في كل مرافق الدولة، وسطو الحيتان على الدعم وترك الفقراء والأشد فقراً يعانون أشد معاناة.

 

أقراص أسبرين

فلا يمكن تقديم الدعم الصحي الكامل لكل المواطنين ولكن يمكن تقسيم المواطنين إلى شرائح حسب الدخل فهناك شريحة من المواطنين تحت خط الفقر لايبحثون عن علاج في الخارج ولا مستشفيات خمس نجوم، بل يحلمون مجرد الحلم في أن يجدوا علاجاً حقيقياً في تلك الوحدات الصحية المنتشرة في القرى والنجوع بدلاً من أقراص الاسبرين وما شابه التي تقدم إليهم، ويحلمون بخدمات طبية حقيقية في المستشفيات المركزية بالمدن وعواصم المحافظات، من خلال نظام تأمين صحي قائم على العدالة الاجتماعية يشرف عليه شرفاء وليس نهابون لا يتورعون عن حفر القبور من أجل سلب هؤلاء الفقراء كل شيء بما في ذلك الاتجار بأعضائهم البشرية.

 

سفه شديد

نفس الشيء بالنسبة لهذا السفه الشديد في دم رغيف الخبز الذي يذهب إلى مزارع المتنفذين وأصحاب الحظوة كعلف لمواشيهم في حيت يقف المعدمون في طوابير لا أول لها ولا اخر من أجل الحصول على رغيف غير صالح للاستخدام الآدمي، فما هو المانع إذا كنا جادين في إصلاح المنظومة الاجتماعية أن نقدم الدعم بشكل مباشر للأسر الفقيرة والمعدمة ومحدودة الدخل من خلال نظام عادل، وساعتها سيتم توفير نحو 50 في المائة من هذه الأموال الطائلة التي لايصل منها سوي الملاليم إلى الفقراء؟.

وماذا عن الحد الأقصى للأجور والضرائب التصاعدية، وغيرها من الوسائل المعمول بها في الكثير من دول العالم بدلاً من تحميل الفقراء ومحدودي الدخل عبء إصلاح ما أفسده الفاسدون وتعويض ما نهبه الناهبون.

 

خارج الصندوق

الأفكار خارج الصندوق كثيرة ومتنوعة لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية لاتسعى إلى الطرق والسبل السهلة بل تسلك الطريق الصعب وتواجه الفساد ... لكن يبدو أن ذلك صعب المنال على المستوى المنظور طالما ظللنا حبساء صندوق مبارك وأسرى رجاله ورموز عصره الذين لايزالوا يسيطرون على مفاصل الدولة كما لو كان قدرنا أن نبتلى بهم حتى قيام الساعة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز