

محمد عبد الرحمن
ثوابت حسين فهمي
رغم أنه لقاء ودي بالأساس، لكنه كان مناسبة للتأكيد على ثوابت أقرها النجم الكبير حسين فهمي منذ عودته لإدارة مهرجان القاهرة، ربما من خلالها نفهم الكثير من الأمور التي باتت تختلط ليس على الرأي العام فقط وإنما حتى على المنخرطين في الوسط السينمائي المصري والعربي.
اللقاء المقصود جمع بين فهمي ونخبة من محرري الفن بالصحف المصرية وهدفه كما قال النجم الكبير التعريف بما وصلت له استعدادات الدورة السادسة والأربعين المقرر انطلاقها 12 نوفمبر 2025 لكن الأهم بالنسبة لرئيس المهرجان كان الاستماع إلى ملاحظات واقتراحات الصحفيين خصوصا أن معظمهم يتابع المهرجان لسنوات لا تقل عن عشر، ومنهم من يغطيه منذ عقود.
حسين فهمي أكد على مجموعة من الثوابت التي تحكم إدارة المهرجان والتي اعتبر التمسك بها ضرورة منبثقة من كونه المهرجان الدولي الوحيد في المنطقة العربية وسط منافسات لا تتوقف سواء من مهرجانات حديثة عمرها لا يزيد على عقد من الزمان، أو من مهرجان تقيمه دولة الاحتلال في القدس وتنفق الكثير من أجل "قبوله دوليًا" حتى يوازي "القاهرة"، وهو ما فشلوا في تحقيقه حتى الآن.
أول الثوابت وصل للحاضرين بإعلان رئيس مهرجان القاهرة عن رفضه مليون دولار من أحد الرعاة لأنه يتعارض مع الأجندة الوطنية للمهرجان الذي يحمل الصفة الرسمية كونه يقام تحت رعاية وزارة الثقافة.
الإنفاق المهول على مهرجانات عدة بالمنطقة جعل البعض ينسى أن "مهرجان القاهرة" ليس مجرد مهرجان سينمائي انطلق منتصف السبعينيات، لكنه "مؤسسة ثقافية وفنية وطنية" عليها التزامات تجاه القضايا القومية وأمام الرأي العام، بالتالي قد يخسر المهرجان عروض بعض الرعاة ما يؤثر على ميزانيته السنوية لكنه بالتأكيد لن يخسر سمعته كمهرجان معبّر عن المواقف المصرية والثوابت الوطنية.
بناء على ما سبق أكد فهمي أيضًا أن بعض الرعاة قد يطلبون وجود شخصيات لا تناسب حجم مهرجان القاهرة ومكانته وهو ما قد توافق عليه مهرجانات أخرى لهم الحق في ذلك، لكن "القاهرة" على حد وصف حسين فهمي "مهرجان عجوز بروح شابة"، بالتالي له أصول وتقاليد يجب أن يحافظ عليها، ولهذا يُفرض "زي محدد" لحضور حفلات الافتتاح والختام، ليس تعاليًا أو جمودًا لكن حفاظًا على طبيعة المهرجان الذي انطلق لأول مرة 1976، ولولا إلغاء بعض الدورات لأسباب سياسية لاحتفل العام المقبل بعامه الخمسين.
ثوابت مهرجان القاهرة التي وضحها فهمي امتدت للتأكيد على الاهتمام بوجود أكبر عدد من الأفلام المرممة دورة تلو الأخرى، ليكون المهرجان حافظًا لتاريخ السينما المصرية، وستشهد دورة نوفمبر المقبل عرض 12 فيلمًا مرممًا دفعة واحدة، بجانب استمرار الاهتمام بدعم القضية الفلسطينية، كما حدث بتوسع في دورة العام الماضي، ويحدث هذا العام على أكثر من مستوى أبرزهم عرض فيلم "صوت هند رجب" في حفل الختام.
على المستوى المالي، يواصل المهرجان دعم المنتجات المصرية وعدم قبول أي منتج كراعٕ يكون ضمن لائحة منتجات المقاطعة، بجانب التوسع في تسهيل وجود طلاب أكاديمية الفنون وخصوصًا معهد السينما بين الحاضرين والتعاقد مع دور عرض أفضل لتوفير الأفلام خارج دار الأوبرا .
اللقاء الودي مع حسين فهمي لم يتضمن الإعلان عن أي تفاصيل فنية كون تلك الأمور مؤجلة للمؤتمر الصحفي الذي سيقام بعد أسبوعين، فيما حرص فهمي على الاستماع لكل الصحفيين تقريبًا على مدار 120 دقيقة، ولفت الانتباه تأكيد النجم الكبير على أنه كرئيس للمهرجان يتم تجديد تعيينه دورة تلو الأخرى، بالتالي على الجميع أن يكون إخلاصه وأفكاره موجهة للمهرجان كمؤسسة وليس لأشخاص.
رسالة فهمي الإيجابية وتأكيده على الثوابت ربما تشجع على طرح قضية لم يتطرق لها الحاضرون، تتعلق بالتغيير المستمر في الإدارة الفنية للمهرجان، حيث تعامل حسين فهمي مع إدارة مختلفة في كل دورة من الدورات الثلاث، وإلى أي حد يؤثر ذلك على تراكمية العمل ونقل الخبرات، أعرف أن فهمي خلص المهرجان من "بعض العقليات غير الصالحة للعمل الجماعي"، لكن بالتأكيد يحتاج الصحفيون والمتعاملون مع المهرجان كمؤسسة لتثبيت الفريق، كما يحدث في مباريات كرة القدم لتعظيم الأداء دورة تلو الأخرى.