

عصام ستاتى
الفن ميدان فلا تغلقوا الميادين
بقلم : عصام ستاتى
لم تنهض الشعوب إلا بخروج الفن من القصور إلى الميادين والشوارع وأروبا لم تعد أوربا إلا بعد دخول الموسيقى للكنائس والخروج من منطق وفلسفة أرسطو العقيمة التى كان يعد الخروج عليها خروجاً على الكتاب المقدس .
فيا أيها المسئول ( وخاصة صغار كبار الموظفين من رؤساء أحياء ومحافظين ) لماذا تقف عند منطق العصور الوسطى ، منطق الظلمات والجهل وصكوك الغفران ومحاربة الجديد من علم وثقافة وفن وكأنك لا تعرف ماذا حدث فى هذا الوطن ومازالت فى الظلمات ، والشوارع تريد النور والحرية وهذه الشوارع هى التى جاءت بك إلى السلطة بعد ثورتيين قضى فيهم على نظام فاسد ديكتاتورى - مايزال بعد أزلامه يعيثون فسادا - وكذلك قضى على جماعة إرهابية مازال بعض أعضائها يمارسون العنف والإرهاب .
وفى ظل غطاء بلاعة الصرف الصحى المفتوحة على مصراعيها ويخرج منها أعفن الروائح يتم قفل الباب والشباك على نسيم الحرية ، فهل سيظل كثيراً كل مطالب بالحرية مصيره الموت أو السجن ، يعامل معاملة الإرهابى الذى يفترض أن نحاربه معاً ، متى ندرك أننا لسنا أعداء فكلنا نلعب على أرضية الدولة المدنية ، لذا علينا أن نمارس هذه المدنية ،والفن أول خطوة للتعبير عن هذه المدنية وعن الحرية فافتحوا الميادين............
لقد لمست بنفسى أن كثيرا من الشباب كان يعانى من حالة اكتئاب وإحباط ويعبرون عن ذلك بقولهم :" إن ثورتهم لم يتحقق منها شىء ، وما إن أعلنت عن حفل للفن ميدان بحديقة النافورة بجوار مبنى محافظة السويس والتى نظمها نادى الأدب بالسويس والذى أشرف برئاسته مع أسرة الفن ميدان وتحديداً مع الشاعر زين العابدين فؤاد ، حتى جاء الشباب ليجهزوا - مع العاملين بفرع ثقافة السويس- مسرح الشارع وتركيب الأجهزة الصوتية وتوصيل الإضاءة للمكان وفرش الكراسى ، بل ولم القمامة ونظافة المكان وتحويله إلى ساحة للعرض ، وتم تقديم الفقرات المتنوعة من الشعر والسمسمية ومن أغانى فرقة الأولى بلدى التى تغنى تراث الشيخ أمام عيسى ورغم أن الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد لم يلقِ شعره فى هذه الليلة ، لكن شعره كان موجودا من خلال إلقائى أنا والشاعرة صباح هادى لبعض أعماله .
كان كل الحاضرين يغنون ، عنى الناس غنى الشعب ، مئات الحناجر تردد مع الفرقة .
الفلاحين غيروا الكتانى بالكاكى
وغيروا الكاكى بلون الدم
ويزرعوك يا قطن ويا السناكى
ويزرعوك يا قمح سارية علم
ويدخلوكى يا حرب فحم الحريقة
سينا البدايه
فلا تظنوا يا سادة أن الحرب على الإرهاب يمكن حسمها أمنياً فقط ، فقد فعلت الحكومات المصرية ذلك وفشلت فشلا ذريعا منذ مقتل السادات وحتى عام 1997م ، لكن تم النجاح عندما تم تغير الاستراتجية وتم وضع سته محاور كان أهمها الفن والأدب والتنوير والمراجعات الفكرية ، استطاعت مصر أن تنجح رغم أن التطبيق كان يشوبه الكثير من العيوب والممارسات الخاطئة فقد كان غول التسعينات بكل مساوئه أهون من غول هذه الفترة .
لاتظنوا أنه بالأمن وحده سيقضى على الإرهاب ، بل إن بالأمن وحده مع تكميم الأفواه سيزيد من حجم المشكلة ، لابد من حريات تمارس ممارسة فعلية للقضاء على الإرهاب .
علينا أن نتكاتف جميعاً لأننا فى قارب واحد ضد عدو واحد هو الظلام ، وعلينا أن نتسلح لهذه الحرب بالحرية .