

عصام ستاتى
مأثورات الشتاء والبرد
بقلم : عصام ستاتى
دخل الشتاء دون أن يدق البيبان ، بل فتحها دون سابق أنذار ، ولكن مرحباً بك على كل حال ، وكلما تمطر أتذكر طغولتى ومأثورات الاستمتاع واللعب فى المطر .
- على يا أبو رخ .. خلى الدنيا ترخ
- على يا أبو مركب .. خلى الدنيا تكركب
ويردد الأطفال فى مرح
- يا مطره رخى رخى .. على قرعة بنت أختى
بنت اختى عاوزة تفرح . والفرحة طايرة بعيدة وريح الحزن فيها شديدة ...
ويا مطرة رخى رخى على زرعة عم حسين . عم حسين عاوز ياكل . نام على خشبه المتاكل . كان نفسة يصلب طوله . يا مطره رخى رخى ...
رخيها رخيها .. خلى البط يعوم فيها
- الدنيا بتشتى وأروح لستى تدينى علقة بعصايا خضرة "
وعندما كنا نلعب ونحن صغار تحت الأمطار ويقع أحد منا "تنزلق قدمه من المياة" نقول له:
- قوم يابو رزع قوم..هاتوسخ الهدوم...
وللشتاء مع الشهور مصرية باع طويل يرجع إلى مصر القديمة فتعود المصرى ضرب مثل على كل شهر –
بابة ( أكتوبر – نوفمبر ) يقول المصرى عن هذا الشهر الذى يناسب زراعة المحاصيل ( زرع بابه .. غلب النهاية ) ويقول أيضاً إحساساً ببرودة الجو ( بابه خش وقفل البوابة ) كناية عن مستهل الخريف والشتاء
كيهك ( ديسمبر – يناير )
الشهر السابق خص الرى والزراعة ، أما حساب الوقت وقصر وطول النهار فيُقال على شهر كيهك الذى يقصر فيه النهار فيقال ( كيهك صباحك مساك تشيل إيدك من فطورك تحطها فى عشاك )
وأشهر شهور الشتاء هو طوبه .
طوبى : شهر مصرى قديم ( يناير – فبراير ) و هو مخصص للمعبود أمسو و يسمى أيضا خم و هو شكل من أشكال آمون رع إله طيبة بمصر العليا أو إله نمو الطبيعة لأن فى أوانه يكثر المطر و تخصب الأرض . وأصلها (شف بطى) وقلبت إلى طوبى أو طوبه بمعنى الذرة و فى الأمثال يقولون ( طوبه تخلى الصبية كركوبة من البرد و الرطوبة ) ( طوبة فيه البرد والأعجوبة ) ( الاسم لطوبة والفعل لأمشير ) وطوبه يخلى العجوزه كركوبه هو نفس المعنى القبطى وهذا يجعلنا نستنتج أن المصرى على مر تاريخه له فلسفة حياة رغم تغير لغته أكثر من مرة وتغير عقيدته أو دينه أكثر من مرة ويقال أيضاً فى الأمثال ( طوبة يزيد كل يوم طوبه ) دليلاً على بداية طول اليوم بعد كيهيك ذو اليوم القصير ، وفى 19طوبة يأتى عيد الغطاس فيقال فى الأمثال ( إذا غطس النصرانى طلع الدفا التحتانى ) وهو مثل زراعى أى أن بعد الغطاس تبدأ الأرض تدفأ فتلقى البذور .
أمشير ( فبراير – مارس )
يقول المصرى البسيط عن شهر أمشير ( بكرة ييجى أمشير ، والصغير يحصل الكبير ) حيث تنمو فيه المحاصيل سريعاً ، أما عن زعبايب أمشير ، فيقول المثل ( أمشير أبو الزعابيب الكتير ) ، ( أمشير يخبط يلبط ، فيه روايح من روايح الصيف ) ويقال ( أمشير يقول للقمح سير سير خَلِّى الصُغير يحصل الطويل ) .
ويقول المصرى على المكان الذى يأتى منه البرد ، ملقف : مكان بارد وأصلها ما نجاف /ما / بمعنى مكان و ( والنون بتاع (n/جاف /بمعنى برد وكذلك منها ارتجف ويرتجف وأرجف وكلها تعنى الشعور بالبرد وهى عكس المعنى العربى لكلمة جاف أى خالى من الرطوبة .