

حسام طلعت
الثورة على الاكتئاب
بقلم : حسام طلعت
لم يعد المصرى كما كان "ابن نكتة" فقد غابت الابتسامة عن الوجه المصرى لعقود حاربنا فيها اعداء الوطن بنشر سلاح الاكتئاب..!!
ففقد الشباب المصرى نشاطه واصبح مكتئبا لدرجة انه لا يريد ان يصعد السلم من اوله بل يريد دائما ان يصل الى النهاية فى خطوة واحدة فأصبح اتكاليا يبحث دائما عن الواسطة فى كل شيء وقد ساهم فى ترسيخ ذلك فى عقله الجمعى ما تعانى منه مصر حتى الان من الفساد الادارى منقطع النظير.
الشباب مستودع طاقة المجتمع وإذا لم يتم استيعاب هذه الطاقة وتوجيهها إلى حيث يستفيد منها الوطن تحرق ما حولها وتدمره بعد ان تدمر نفسها..!!
يخطيء من يظن ان ما حدث طيلة الاعوام الاربعة الماضية كان ثورة ضد نظام أو ثورة ضد اوضاع اقتصادية فقد مر على مصر من قبل ماهو أسوأ بكثير سواءا سياسيا أو اقتصاديا و لا يعني ذلك بالضرورة أن نرضي بما كان ولكن ما حدث بالفعل كان مبالغا فيه جدا لدرجة الهلاوس، فبدلا من أن نوجد العيش أوجدنا الموت بدلا من ان نبني اتجهنا للهدم...!
من ثاروا في 2011 لم تكن غايتهم أصلا مبارك ولكنهم ثاروا على الإحباط على الاكتئاب على كبت طاقاتهم التي لم تستوعبها المقاهي ولا المخدرات فكانت مطالبهم جميعها مطلقة "العيش_الحرية_العدالة الاجتماعية"..!!
نعم هو الإحباط السبب فى معظم مشاكل الوطن... الطاقة التى تنتجها عقول وأجساد الشباب لا تجد لها مخرجا ايجابيا ولا متنفسا يمكن ان تخرج فيه كل هذه الطاقات فيما يعود بالنفع على الوطن اوحتى على الشباب أنفسهم.!!
لم يسأل أحد ما هو اكبر النشاطات التجارية رواجا فى مصر فى العقدين الاخيرين...انها المقاهى فقد اصبحت المقاهى احد اهم معالم شوارع مصر الرئيسية وحتى الفرعية حتى القرى والنجوع ايضا لم تخل من المقاهى والغرز!!
ما هو السبب فى انتشار المخدرات والمسكرات بين الشباب ليس هناك سببا غير انهم يريدون ان يغيبوا عقولهم عن واقع لا يرضونه ويعيشون فى وهم ينسجونه حسب احلامهم..!!
لماذا انتشرت الحبوب "الزرقاء" بين شباب هم بالاصل فى ازهى مراحل عمرهم ولا حاجة لهم بها؟... انه الاكتئاب الذى
قد يولد فقدان للثقة بالنفس لدرجة يفقد فيها الشاب القدرة على أن يعيش..!!
لم يحلل أحد لماذا يظل الشباب يتجول ليلا فى الشوارع فى عز البرد بل انهم احيانا يواصلون الليل بالنهار تجولا فى الشوارع بلا هدف..انهم يحاولون حرق طاقاتهم المكبوتة حتى لا تظل حبيسة اجسادهم فتدمرها..!!
نحن الشعب الوحيد تقريبا فى العالم الذي يظل كل هذه الملايين من الساعات على الانترنت دون نجنى من ذلك جنيها واحدا وحينما تتبعنا ما يبجث عنه الشباب لم نجد سوى السفر ومشاهدة حياة الشعوب الاخرى اضافة الى المتع المحرمة وذلك بالاصل لان الحلال لا سبيل له..!!
ان اول من قاموا بالثورة لم يكونوا ابناء الاحياء الفقيرة بل كانوا ابناء الاحياء الغنية فى القاهرة ....ماذا ينقصهم؟
متى كانت آخر مرة سمعت فيها نكتة "نظيفة" بدون اسفاف؟!!
حتى الكوميديا جنح كتابها الى ارخص انواع الاضحاك و هو ان تضحك خجلا مما يقال حيث ان الكاتب ايضا جزء من المجتمع المكتئب الذي نعيشه مجتمع الضغوط العصبية..!!
الحل هو ان نفرغ كل هذه العقول من كل هذه الطاقات السالبة التى مع مرور الزمن سوف تؤدى الى امراض اجتماعية و نفسية للعقل الجمعى للشعب المصري فلا شك ان الكذب والنفاق والشك اصبحوا من الامراض المنتشرة الان ولا يزال هناك الكثير ينتظر شبابنا بل وأطفالنا من الامراض اذا استمر الحال على ما هو عليه.
أين الهوايات؟!! أين الحفلات العامة؟!! أين الملاعب المفتوحة؟!! أين قصور الثقافة والهيئة العامة للاستعلامات بمراكز النيل المنتشرة فى ربوع مصر والتى لا أرى لها أى دور؟!!
لماذا نتمسك بنظام التيرم الذى قتل مواهب الجامعات المصرية تماما خاصة فى الكليات النظرية؟َ!
العلاج.... هو تغيير المزاج العام للخروج بالمارد المصرى بالعقل المصرى الذى لا يزال يضيء كل ربوع المعمورة عدا موطنه.
فى الماضى كنا نتعجب حينما نشاهد رجلا يتحدث مع نفسه فى الشارع وندعو له بالشفاء.. أما اليوم فحينما نجد رجلا يضحك فنلعن اليوم الذى اتجه فيه شبابنا للمخدرات!!!!!!!
الغريب فى الموضوع اننى قد كتبت مقدمة هذه المقالة منذ شهور الا اننى قد منعنى الاكتئاب لفترة طويلة من استكمالها!!!