عاجل
الإثنين 29 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
تبارك الذى بيده الملك

تبارك الذى بيده الملك

بقلم : سهام ذهنى

يقولون إن سورة «الملك»  تنجى من عذاب القبر،  وأقول إن من يتأملها جيدا يجد فيها نجاة أولا من عذاب الأرض،  سورة تُمَجِد ما يسره الله لنا من خيرات،  وتؤكد على أن الأمر كله بيده،  وأن من لا يتبع أوامره سيكون مصيره هو العذاب.



إنها سورة تبدأ بإقرار تعاظم فيض خير الله «تَبَارَكَ  الَّذِى بِيَدِهِ  الْمُلْكُ»  بما فى استخدام وصف «الذى بيده الملك»  من إيحاء بأنه طالما بيده هو الملك بالتالى فيجب على الإنسان ألا يخشى إلا الله تعالى،  وألا يلجأ لسواه سبحانه.  ثم تنتهى السورة بآية تتشابه فى المضمون إلى حد ما مع ما بدأت به،  حيث يتضمن ختام الآية كناية عن أن الله لو منع عنا ما يحيينا،  فإن أحدا لا يستطيع أن يمنحنا الحياة وذلك بقوله «قُلْ  أَرَأَيْتُمْ  إِنْ  أَصْبَحَ  مَاؤُكُمْ  غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ» (حيث الماء هو العامل الأساسى للحياة).

وبعد أن يؤكد سبحانه أننا على الأرض فى امتحان،  وأن نتيجة الامتحان ستظهر بعد الموت «الَّذِى خَلَقَ  الْمَوْتَ  وَالْحَيَاةَ  لِيَبْلُوَكُمْ  أَيُّكُمْ  أَحْسَنُ  عَمَلا»،  نلاحظ أن بقية الآية تتضمن اسمين من أسماء الله الحسنى «وَهُوَ  الْعَزِيزُ  الْغَفُورُ»،  فى إشارة إلى أن الله العزيز هو أيضا يغفر لعباده. 

وبين بداية السورة وخاتمتها نحن فى سياحة نتجول خلالها فى تأمل جميل صنع الله «الَّذِى خَلَقَ  سَبْعَ  سَمَوَاتٍ  طِبَاقاً»، «وَلَقَدْ  زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ»  ونلاحظ أن جمال النجوم ليس وظيفتها الوحيدة،  إنما «وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ»،  ثم يربط سبحانه بين مصير الشياطين ومصير الكافرين «وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ  وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ  عَذَابَ  السَّعِيرِ .  وَلِلَّذِينَ  كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ  عَذَابُ  جَهَنَّمَ  وَبِئْسَ  الْمَصِيرُ».

ونتعظ مع الآيات التى تسجل تعذيب الكافرين فى النار .  ومن بعدها نتمنى أن نكون مع الذين يغفر لهم الرحمن ويمنحهم الأجر ممن يحرصون على تقوى الله «إِنَّ  الَّذِينَ  يَخْشَوْنَ  رَبَّهُمْ  بِالْغَيْبِ  لَهُمْ  مَغْفِرَةٌ  وَأَجْرٌ  كَبِير».

ونشكر الله على نعمه التى لا تحصى،  ومنها أنه «هُوَ  الَّذِى جَعَلَ  لَكُمُ  الْأَرْضَ  ذَلُولاً  فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ  رِزْقِهِ» ،  لكن علينا ونحن نبحث عن الرزق أن نراعى الحلال والحرام لأن هناك يوماً سيحاسبنا الله فيه على أفعالنا،  فبقية الآية يقول الله تعالى فيها: «وَإِلَيْهِ  النُّشُور».

ونتوقف أمام قدراته التى لا تحصى : «أَوَلَمْ  يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ  فَوْقَهُمْ  صَافَّاتٍ  وَيَقْبِضْنَ  مَا يُمْسِكُهُنَّ  إِلَّا الرَّحْمَنُ  إِنَّهُ  بِكُلِّ  شَيْءٍ  بَصِير».

ونزداد اطمئنانا إلى أن أمورنا كلها بيده وحده وليست بيد أى مخلوق فنستريح إلى أن أحدا لا يقدر أن يفيدنا أو يضرنا إلا بمشيئة الله «أَمَّنْ  هَذَا الَّذِى هُوَ  جُنْدٌ  لَكُمْ  يَنْصُرُكُمْ  مِنْ  دُونِ  الرَّحْمَنِ  إِنِ  الْكَافِرُونَ  إِلَّا فِى  غُرُورٍ .  أَمَّنْ  هَذَا الَّذِى يَرْزُقُكُمْ  إِنْ  أَمْسَكَ  رِزْقَهُ  بَلْ  لَجُّوا فِى عُتُوٍّ  وَنُفُورٍ».

ونتعظ من آيات الله الدالة على عظمته : «قُلْ  هُوَ  الَّذِى أَنْشَأَكُمْ  وَجَعَلَ  لَكُمُ  السَّمْعَ  وَالْأَبْصَارَ  وَالْأَفْئِدَةَ».

إلى أن نصل لقوله تعالى «قُلْ  أَرَأَيْتُمْ  إِنْ  أَصْبَحَ  مَاؤُكُمْ  غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ».

إنها سورة لو استوعبنا معانيها ولم نمر عليها بغفلة،  وإذا ملأنا اليقين بما تعبر عنه حول أن الأمر كله بيد الله سبحانه وأن علينا أن نتقيه،  فإن فى ذلك نجاة لنا مما فى الدنيا من مسببات العذاب ومما بعد الحياة الدنيا مما لم نتعرف عليه حسيا من عذاب .

يامُنّجى يارب .•

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز