(رمضانيات ولكن .. إخوانية)
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
كلمح بالبصر .. وقبل أن ندركه .. وكعادته .. دخل ضيفنا العزيز .. شهر رمضان المعظم ومضى منه معظمه دون أن نعي أن الضيف الكريم سوف يغادرنا ويرحل في غضون أيام قليلة ، ولعل حجم التسلية الإخواني خلاله قد جعلت أيامه غير محسوسة خاصة المضحكة منها وما أكثرها ولكنها بالفعل مضحكة بمرارة ، خاصة وأن مواقفهم المسخرة (لا الساخرة) ونكاتهم الغريبة لا يجروء سواهم غير ماسوني (إخواني) على فعلها .
آخرهم موقفين متشابكين يطلب في الأول منهما العم (سام) أوباما من القاهرة عبر القنوات التحتية تسليمه وثيقة بيع 40% من سيناء والتي وقعها أوباما وهيلاري كلينتون من الجانب الأمريكي مع خيرت الشاطر والحداد من الجانب المصري وحيث كان الرد كالعادة على (قدر علمي) ساخرا ومساويا لمستوى الطلب ، فقد دفع هذا الإدارة الأمريكية لتكرار عمليات التخطيط والرعاية والإمداد والإشراف ثم أخيرا المعاونة العلنية بوكالات الأنباء للمحاولة الفاشلة لإعلان قيام ولاية سيناء في بداية يوليو في منتصف شهر رمضان وبعد سنتين تحديدا من آخر فشل لإعلانها بعزل مرسي العياط ، وليس المضحك في حجم ولا كم الأكاذيب التي صاغوها في بياناتهم خلال يومين كاملين وعاجلونا خلالهما بوابل من الشماتة والسباب للسيسي الفاشل والمتسبب في قتل أولادنا ، ولكن السخرية الكبيرة جاءت اتضحت الحقائق وقدم الجيش المصري رده الحاسم فأباد العناصر المهاجمة والتي تبين أنها تركية وأوروبية وفلسطينية وآسيوية فإذا بالنحانيح المتنحنحة الغربية والإخوانية في نفس واحد يتهمون السيسي باستخدام (القوة المفرطة) وهو التعبير المسخرة الذي لا أستطيع الرد عليه بما يستحقه في رمضان وكفاهم ردود شباب الفيس بوك والتويتر.
ولا شك أنه من حق أي شخص أن ينتمي لما يراه مناسبا له ، ومن حق أي شخص أن يرفض أي شخص أو فكرة وأن يختلف مع غيره ولو لمجرد الاختلاف مهما كان رأي الآخرين فيه ، فالاستقلال النفسي هو أهم ركائز النفس البشرية التي قد يتنازل عنها إنسان مقابل ما لا يستطيع وحده الوصول إليه ، شريطة أن يكون الهدف جليلا والموثوق فيه أمينا ومؤتمنا ، ولكن من المؤكد أنه لا يوجد ثمنا يستحق أن يتخلى الإنسان عن حقه في استخدام عقله وحريته واستقلاله في الفهم والإدراك واتخاذ القرار على المطلق دون مراجعة دائمة ودءوبة ، وإلا أصبح هذا الإنسان كما يقول عنه رب العزة {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان44 .
لست أدري تحديدا ما الذي يجعل شخصا يتنازل عن عقله ويعطله متعمدا ويردد كلاما (كالمأمأة) لا يفهم معناه رغم أنه قد يكون وصل لدرجة علمية يراها البعض رفيعة وهو ما فجعني بقسوة عندما سمعت أن مدرسا اعرفه في المرحلة الثانوية ومحاميا يباهي أحدهما الآخر على مائدة إفطار رمضانية بقوله (أنه يتمنى أن ينال شرف غسيل جوارب البلتاجي أوملابسه الداخلية في السجن) ، مما دفعني أن أردد في دعاء إفطاري (اللهم ارزقهما ما يقولا وأذقهما ذله وخزيه) ، ولست بصدد مناقشتهما فيما يقولا ولا في حقيقة هؤلاء المجرمين والقتلة الأنجاس بالأقوال والأفعال والانتماء ، ولكني بصدد أن أحاول معرفة الأسباب التي تنتهي بشخص وقد طمس عقله وفهمه وأصبح دابة في ساقية تجار الدين كما يقول عنهم رب العزة { ... إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } وهو ما قد يساعدني كثيرا على تمالك نفسي كلما شاهدت هؤلاء المجرمين المتخلفين عقليا ونفسيا أمثال وجدي غنيم وعبد الماجد والقرداوي وعبد البر وعبد المقصود وغيرهم .. وهم يتحدثون مصداقا لقول الله تعالى (ولا تطع كل حلاف مهين) فهم يقسمون بالله مع كل كلمة وجملة يقولونها وكأنهم يعلمون كذبهم يقينا ويعلمون أنهم حانثون ، فيقسمون دوما دون إحساس أو وعي ربما فقط من أجل استمرار ما يتقاضونه مقابل استكمال مسلسل الخيانة والاتجار بالدين والقيم والبشر لصالح من يدفع أكثر ، ولكن هالني كثيرا أن اسمع هذا من أطفالهم وهم يرددون مأمأتهم خلفهم دون تفكير أو وعي لما يقولون وآلمني بقسوة خبر تفجير مسجد بالسعودية بعبوات حول جسد طفلة لا تعي اسمها .. فأي دين هذا الذي يدعونه ؟؟
ولا شك أيضا أن تكرار التعامل مع هذه الكائنات البشرية الحيوانية الإدراك والوعي قد أصاب المجتمع بكثير من فيروسات الكذب والبهتان والضلال والتخوين فاعتادها كثير من الناس في أساليب تعاملاتهم اليومية ، خاصة أسلوب إنكار الحقائق والعيش في وهم وضلال ومحاولة فرضه على الغير كحقيقة لا جدال فيها ، بل أبسطها تفشي ظاهرة السير في المعاكس وتحولها لعادة شعبية وحق يفرضه الكثيرون خاصة تجار الدين بقوة التنطع ، تماما مثل مبادرة الإخوان الأخيرة للتصالح والمثيرة للسخرية والتي يطالبون فيها بتنازل الشعب عن كل شيء ورحيل السيسي وعمل انتخابات رئاسية مبكرة وفترة انتقالية عامين أخريين .. فقط .. في مقابل اعتراف الإخوان بـ (30 يونيو وعزل مرسي) ، وكأن هذا الشعب ما زال يبكي وينوح ويحلم باعترافهم ، ولا يطيق الحياة دون رضا تجار الدين عنه ولنقف جميعا صفوفا وطوابير لننال الرضا السامي ونقبل الأعتاب الإخوانية والأيادي العياطية ، إنهم حقا متخلفون وفاقدون الإحساس بالزمان والمكان ، ولكن من المؤكد أنهم يقلدون أساليب الماسونية التي يجيدها أسيادهم في أمريكا والذين ما زالوا مصرين على تكرار الطلب المرفوض مرارا عبر العامين الماضيين بتسليم (وثيقة العار الأمريكي الإخواني) والخاصة ببيع 40% من سيناء مقابل 8 مليار دولار تلقاها الشاطر ، وعدم الكشف عنها علانية في مقابل .. فقط .. اعتراف أمريكا بعزل مرسي ، في حين أن مرسي (معزول بالفعل) منذ سنتين كاملتين شعبيا ورسميا وصدر ضده أحكاما قضائية بالإعدام .
ومع تفاقم حجم وعدد الأكاذيب لتجار الدين وصل الغالبية العظمى من المصريين لقناعة مجتمعية واسعة الانتشار أن الإخوان والسلفيين وتجار الدين يكذبون كما يتنفسون ولا يستطيعون الحياة دون كذب وبهتان وضلال ، خاصة بعد أن اكتشفنا معجزات أن شهداءهم ما زالوا أحياء مثل بنت البلتاجي والمذيع المسخرة خميس ، ولم يعد هناك شخصا واحدا منهم يمكن الوثوق فيه ليقول كلمة واحدة صادقة ، خاصة المتلونين منهم ومن يلبسون عباءات الانشقاق وترى في عيونهم الثعلبية كذب كل ادعاءاتهم بأنهم مختلفون وأنهم تائبون وأنهم ... وأنهم ... حتى ينزلق أحدهم لسيرة البنا أو سيد قطب فيفقد السيطرة على نفسه ويخرج من لسانه رغما عنه ألوان من التقديس والتبجيل الإخواني لهؤلاء ، حيث لا يطاوعه قلبه ألا يذكره بكل وقار واحترام كأنه التزام بالصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، رغم أنه ربما قبلها بثوان قد صرحوا بكذب الرجل وعمالته بل وإلحاده مما يثير السخرية أكثر مما يثير الحيرة .
ولا أستطيع تناسي نوادر شيخة المجاهدات الطاهرة أميرة الجهاد النسائي (اللهم إني صائم) عزة بنت الجرف الشهيرة بأم أيمن والتي باتت بالاتحادية ليلة كاملة مع مرسي العياط في غياب زوجته للاستجمام في طابا ، وشاهدت ليلتها ناشط سياسي وناشطة وهم يمارسون (استغفر الله العظيم) ساعة كاملة دون ملابس على الرصيف المقابل لقصر الاتحادية وسط الكر والفر وتبادل الرصاص والخرطوش وقنابل الغاز وهي وحيدة مع العياط مرسي الذي لم تكن تحتمل سماع صوته أكثر دقيقة فتصاب بالإغماء من هيبة صوته ورجولته وعظمة طلعته البهية كما رددت كثيرا ، ثم تصريحها الشهير بخطف رجال الحرس الجمهوري لها وقيامهم باغتصابها لمدة 4 ساعات كاملة ، بخلاف تفاخرها بجهاد النكاح علنا في شوارع رابعة والنهضة في نهار رمضان ، وكان آخر نوادرها هو تعليقها على مقتل المهاجمين الدواعش في سيناء بأن (سيدها) المعزول (بن العياط) والمنتظر لتنفيذ حكم الإعدام بعد العيد ، سوف يشفع لهم عند الله ويدخلهم الجنة فلا يخافوا ولا يفزعوا من الموت على أيدي الجنود الكفرة المرتدين للجيش المصري والشرطة الكافرة ، وهي التي رأت هذا المرسي يصلي إماما برسول الله في رمضان الماضي ورأته مرات ومرات وهو راكبا فرسه الأبيض الناصع البياض لابسا البياض وفي سيفه البتار الناصع البياض وقوله لها أنه ذاهب لقطع رأس السيسي وقياداته الخونة والمرتدين .
ولله الحمد والشكر والمنة والفضل أن رحمنا ولو لأيام قليلة خلال أحداث سيناء من جرائم الإعلام المسماة ببرامج ومسلسلات رمضان على الفضائيات ، ولن أسأل نقباء المهن الفنية المختلفة ولا أصحاب القنوات ولا منتجي عروض اللحوم البشرية كيف سمحتم لأنفسكم بهذا التدني وهذا الكم من العري والعهر والخيانة والدعارة والمخدرات في المسلسلات ، لأن (السبوبة) أقوى بكثير من حدود وقيم ومباديء لا تعني سوى لقلة من بعض الكتاب والمفكرين وكأن كلماتهم لم تكن ، ولكني لا أخفي أن بعض أهم وأبرز المنتجين عندما واجهتهم بذلك قالوا لن نستطيع تقديم أعمال هادفة ما دمنا كمجتمع ما زلنا نتعامل بمنطق التبعية للغرب بقوة الدفع الذاتي فلا يستطيع أحد منا أن يقترب من القضايا التي كان الغرب وأمريكا يتزعمون توجيهنا والإشراف علينا فيها ، ورغم أننا اليوم نمتلك زمام أمورنا ونستطيع تغيير واقعنا المؤلم لمستقبل أفضل دون خضوع لأحد أو اتجاه ولكنه القصور الذاتي أو بقوة الاندفاع ما زلنا نخشى مجرد الاقتراب واقتحام الحقائق خاصة وأننا ما زلنا نحتفظ بوزراء من تربية أجيال مبارك ورجاله وكله تمام يا ريس ، ولكنني .. أرى في المستقبل القريب ملامح تغيير قد يبدأ بطيئا ولكنه سينطلق يوما دون رجعة ، خاصة في مواجهة مشاكلنا المستعصية بواقعية وعلم كزيادة السكان واعتياد المصري العمل لمتوسط لا يزيد عن 27 دقيقة في اليوم فقط ، وخروج المرأة للعمل ومنافسة الرجل في حين لدينا أكثر من 12 مليون شاب عاطل ويتزايدون وهو ما يعني 12 مليون بنت بلا زواج ينزلقون للعنوسة أو الانحراف ويتزايدون ، وأطفال شوارع في تزايد دون حلول جذرية وهذا بخلاف استمرار تواجد أسباب تزايد الأمراض المزمنة رغم محاولات مكافحتها المضنية .
سادتي الأفاضل .. الحمل ثقيل .. وهو ليس حملا للسيسي أو حكومته .. بل هو حملنا جميعا ومسئولياتنا جميعا ، فقط لأنها مصرنا وأرضنا ومستقبل أولادنا من بعدنا ، وما السيسي إلا رئيسا متحملا مسئولية دفة السفينة لبعض الوقت ولابد أن نساعده ونشد أزره ونبذل الجهد ونخلص لله في إعمارها وتقدمها حتى نستحق يوما أن يذكرنا أحفادنا كرموز للوفاء والإخلاص والقدرة على العطاء .. ولكن أيضا بقدرتنا على الابتسام والسخرية حتى من سلبياتنا ..
















