12:00 ص - الثلاثاء 9 أكتوبر 2012

نجلاء بدير
اللى بيشتغلوا فى السكر اسمهم سكاكرية.
وأنا جوز عمتى كان سكاكرى كبير، بس اللى بيطلع معاش أو بيموت خلاص مايقدرش ينفع حد. عمتى قالت لى لو كان لسه فى الشغل، كان زمانى اتأقّت. زى ما وكيل الزراعة أّقّت ابنه وعلى طول بعد 6شهور اتثبت وخلّص.
كلكم مش فاهمين يعنى ايه دى كمان؟
اتأقت يعنى اتعمل لى عقد مؤقت، مكتوب على العقد بالخط العريض كده (عقد مؤقت).
طبعا ده أمل كبير يعنى وعلى الأقل الواحد لما بيوصله بيزيد أمله فى انه يتثبت. بالنسبة للناس العقد المؤقت يعتبر إنجاز.
أنا كنت باشتغل بعقد موسمى، والعقد الموسمى ده تحايل من جانب إدارة المصنع عشان ما ناخدش مميزات بياخدوها زمايلنا المؤقتين والمتثبتين، مميزات زى الوجبة والسهر، فى الآخر المؤقت يطلع بـ800 جنيه فى الشهر واحنا نطلع بـ150 .
أنا اشتغلت من 2007 الى 2012 عقدى كان بيتجدد كل شهر ونص. يعنى ده مش عادى. العادى أنه يبقى كل تلات شهور أو 6شهور. بس أنا كان دايما فيهس قلق من ناحيتى.
أنا ليسانس آداب، اشتغلت عامل بليسانس الآداب لأن مافيش مكان غير كده، وأنا قبلت. وعادى كنت مستنى أتثبت أو حتى اتأقت.
التثبيت ده بيبقى على مزاجهم، يقولوا للناس مافيش ربط، ويكون فعلا ما فيش ربط، وبعدين رئيس مجلس الإدارة يقول ثبتوا فلان يثبتوه على الهوا، فى ناس كتير بتتثبت ع الهوا.
أنا دلوقتى خلاص فى الشارع.
يوم 29 قالوا عيديتك إنك تقعد فى بيتكوا وما تجيش تانى.
هذه بعض من كلمات محمد محمود عبدالحفيظ العامل الشاب الذى تعرفت عليه أثناء حضورى مؤتمر أيام عمالية (الذى عقده مركز دعم التنمية بالاشتراك مع مجموعة تنسيق العمال بالسويس ومجموعة من النقابات المستقلة بقيادة محمد النيفياوى).
فى المؤتمر تعرفت على عمال ونقابيين من أماكن مختلفة. وسمعت كلمات ومناقشات وبيانات ومحاضرات.
واخترت كلمات محمد البسيطة لأعبر بها عن حال الملايين من الشباب فى مصر الذين ضاقت عليهم الدنيا حتى أصبح حلمهم الأكبر هو الحصول على عقد مؤقت.
فى المؤتمر أيضا لمست بنفسى كيف أن طريق الحصول على الحقوق - أبسط الحقوق، وأكثرها بديهية - طريق طويل وصعب.
تبدأ صعوبته من أول كيفية معرفة الحق. كيف يعرف العامل حقه؟
قد تكون الشعارات العامة الواسعة معروفة للجميع، لكن بمجرد أن نبدأ البحث فى حالة خاصة لشخص ما أو لمجموعة أشخاص أو لمؤسسة، يصبح الأمر فى غاية الصعوبة.
إخفاء المعلومات، وتعمد التضليل ونشر الإشاعات أول ما يواجهه العامل أو الموظف الذى قرر أن يبحث عن حقه وحقوق زملائه.
ثم الترهيب والتهديد، ثم شراء الذمم.
وأخيرا تعقد القوانين واللوائح. التى تجعل كل من يقرر التصدى لهذه المهمة فى حاجة دائمة إلى استشارات قانونية.
فى السويس فى الأيام العمالية انبهرت بقدرة الكثيرين على تخطى هذه الصعوبات.
وأيضا بقدرتهم على نقل خبراتهم لبعضهم البعض.
بعد أن حاول محمد تجديد العقد الموسمى مع الشركة بالطرق الودية وفشل قرر أن يلجأ إلى القضاء رغم أنه يعلم أن موقفه القانونى ضعيف، لأن العامل لا يملك نسخة من العقد الموسمى، كما أنه يوقع على استمارة تجعل من حق الشركة الاستغناء عنه فى أى وقت.
يقول محمد (أنا حاصل على ليسانس آداب من جامعة المنيا 2006 بتقدير جيد، وكان بينى وبين تقدير جيد جدا 7,5
وهأحاول أبحث عن شغل تانى، لكن فى ناس كتير ما عندهمش أى بديل، أنا قررت أفضل أحاول بشكل قانونى عشان ما يفضلش العامل عبد للمستثمر، أنا خبرتى قليلة، لكن باكتسب كل يوم خبرة جديدة.
اشتغلت فى المصنع سنة 2006 كان راتبى340 جنيهاً، وزاد إلى 450 وفى سنة 2009 أصبح 600 فى الموسم و500 فى غير الموسم، والموسم هو موسم البنجر من أول شهر 2 إلى أول شهر 7 .
الراتب قليل صحيح. لكن بيفضل فى أمل إن الواحد يتأقت أو يتثبت، أنا دلوقتى برضه عندى أمل بس فى سكة تانية).
لن يتمكن محمد من إثبات حقه أمام القضاء. وسيتحول إلى نقابى مستقل حقيقى. وسيظل يدافع عن حقوق العمال الموسميين والمؤقتين.
فى السويس تعلمت أن هذا هو الأمل الحقيقى.